نقلا عن موقع الإسلام اليوم : استنكر فضيلة العلامة الشيخ عبد الله بن بيه (رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد بلندن ونائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)، وفضيلة الشيخ عبد الله عمر نصيف (رئيس مؤتمر العالم الإسلامي ورئيس مجلس أمناء المركز العالمي للتجديد والترشيد) الاستفتاءَ الذي أيَّد حظر بناء المآذن في سويسرا. وأوضح ابن بيه ونصيف، في بيان لهما، أنّ هذا القرار "عقبة جديدة في طريق التعايُش والاندماج الإيجابي بين الطوائف العرقية والدينية، وخيبة أمل في أرقى الديمقراطيات التي تدرس في الجامعات بوصفها الديمقراطية المباشرة الأفضل في العالم في مجال الممارسات الدستورية". ودعا الشيخان الشعب السويسري للعودة إلى الحقّ بدلاً من التمادي في الباطل و اتخاذ قرار آخر مُشَرِّف يتناسب وتاريخه ويخدم مصالحه الحقيقية بعيدًا عن فورة العاطفة والعنصرية. وطالبَا أيضًا الحكومة السويسرية بالرجوع عن القرار وفق القوانين الدستورية والقانونية، مُعَبِّرين عن شكرهما للموقف الذي اتخذته إزاء هذه "التوجهات المتطرفة". كما بعثا بكلمة إلى أوروبا طالبَا فيها المنظمات والشعوب أن تُلْجِم النِّزعات التي تُسبب تأجيجًا للفتنة وتنشر الأحقاد والتي بدأت تطلّ برأسها في أوروبا من أطراف يمينية متعصبة. وفي كلمة إلى مسلمي سويسرا، دعا الشيخان إلى التحرُّك الإعلامي العاقل والحكيم الذي يعتمد المفاهيم الإنسانية وحقوق المواطنة، والتحرُّك القانوني الذي يعتمد مبادئ العدالة والدستور. وفيما يلي نص البيان:- الحمد لله و الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله.. خطاب حول قضية المآذن في سويسرا (منطلقات وكلمات وتوصيات) تعليقًا على تصويت الشعب السويسري على حظر بناء المآذن بتاريخ 29/11/2009. - إننا من منطلقات دينية و منطلقات إنسانية نتأسف لقرار الشعب السويسري بمنع رفع مآذن المساجد في الدولة السويسرية الفدرالية. - نحن نرى في هذا القرار عقبة جديدة في طريق التعايش والاندماج الإيجابي بين مختلف الطوائف العرقية والدينية في هذا البلد الذي يمثل في أذهان ووجدان الكثير من المسلمين و غيرهم أنموذجًا ومثالًا للتعايش الإنساني السعيد العابر على الأحكام المسبقة والنمطية التي تضمرها بعض الشعوب لبعضها. - خيبة أمل في أرقى الديمقراطيات التي تدرس في الجامعات بوصفها الديمقراطية المباشرة الأفضل في العالم في مجال الممارسات الدستورية. أن تصدر هذه الديمقراطية قرارًا غير ديمقراطي وغير دستوري. غير ديمقراطي باعتبار الديمقراطية تمثل نظام تكافئ الفرص للجميع والمساواة بين الجميع وتجاوز العرق واللون والدين في التعامل مع المواطن. وهو غير دستوري؛ باعتبار الدستور يكفل هذه المفاهيم (ويجعل منها سقفًا للتعاون ). لقد كانت سويسرا تمثل كل ذلك ولعلها لا تزال كذلك ذلك أملنا وأمنيتنا. لهذا فإننا سنوجه أربع كلمات: 1) إلى الشعب السويسري ذي التاريخ العريق في تسوية الخلافات العرقية واللغوية لعله أن يراجع نفسه؛ فقد قال حكيم عظيم: الرجوع إلى الحق خير من التمادي على الباطل وأن يتخذ قرارًا آخر مشرِّفًا يرفع رصيده الإنساني في المستقبل ولا يعيده إلى الوراء و يتناسب وتاريخه ويخدم مصالحه الحقيقية بعيدًا عن فورة العاطفة و العنصرية. 2) إلى الحكومة السويسرية : نوجه الشكر لموقفها المميز و إعرابها عن اختلافها مع التوجهات المتطرفة ودعوتنا للحكومة لاستعمال الوسائل الدستورية و القانونية المناسبة لمراجعة هذا القرار. 3) كلمة إلى أوروبا: شكرًا لأولئك الذين لا يزالون يتحلون بالمبادئ الأخلاقية والإنسانية والذين يدافعون عن حقوق الإنسان في أبسط تعبيراتها من منظمات ودول وبخاصة الاتحاد الأوروبي والفاتيكان والهيئات الأخرى وشكر خاص للقساوسة السويسريين. وإننا ندعو تلك المنظمات والشعوب أن تُلْجِم النزعات التي بدأت تطلّ برأسها في أوروبا من أطراف يمينية متعصبة تسعى لتأجيج الفتن ونشر الأحقاد التاريخية مما لا يساعد في إنجاح مسيرة الحوار و إطفاء بؤر التوتر في العالم و هو ليس بحاجة إلى إضافة بؤرة أخرى. وندعو ذوي النوايا الطيبة لإيجاد فضاء من التسامح والوئام والتعايش البَنَّاء ليس في أوروبا ولكن في العالم كله، إننا ندعو العقلاء و الحكماء أن لا يكتفوا بالدعوات الخجولة بل أن يكونوا أكثر نشاطًا وحيوية. 4) كلمة إلى المسلمين في سويسرا خصوصًا و في أوروبا عمومًا: نبارك في نضجكم ووعيكم ورشدكم و ندعوكم أن تتمثلوا قيم دينكم العظيم في الصبر والتسامح والمغفرة { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }[الشورى: 43] ولهذا فإن توعية الأخوة والأخوات بجملة من المبادئ يبدو ضرورة في الظرف الخاص والعام: 1) التحرك الإعلامي العاقل والحكيم الذي يعتمد المفاهيم الإنسانية وحقوق المواطنة. 2) التحرك القانوني الذي يعتمد مبادئ العدالة و الدستور. 3) التحرك السياسي والشعبي الذي يستنجد بكل المواطنين وبالمنظمات الإنسانية والدينية. 4) الابتعاد عن الاستفزاز بكل أشكاله مع التركيز على القضاء والاحتكام إليه وتذكير السويسريين بأن علم سويسرا يحمل أهم رمز ديني مسيحي هو الصليب وهو يرفرف في أنحاء العالم الإسلامي ولم يجد المسلمون حرجًا في ذلك، و المسلمون يحبون الشوكولا والمناظر الخلابة السويسرية ولكن هذه المناظر قد تكون أجمل لو زاد عدد المآذن قليلًا، فالمآذن لا ترمز إلى أي نية عدوانية وإنما إلى التوجه إلى الباري جل و علا. 5) إنها فرصة لإبراز قيم التسامح والأخوة الإنسانية في الإسلام، فالإسلام دين السلام وإلهنا–جلَّ وعلا- هو السلام وهو يدعو إلى دار السلام وعلينا أن لا نيأس من يقظة الضمير الإنساني لدى المواطنين ولهذا فإن التاريخ يحدثنا عن نماذج من الكراهية استحالت إلى مودة فالوطن الأوروبي في وقت من الأوقات ضاقَ فيه الكاثوليك ذرعًا بالبروتستانت فاضطهدوهم، وضاق الجميع بعد ذلك ذرعًا باليهود ويأتي الدور اليوم على المسلمين لكن الفطرة السوية في الإنسان تتغلب، وربنا جل وعلا يمنحنا التفاؤل بقوله: { عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [الممتحنة: 7]. ويقول: { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} [فصلت: 96]. كذلك وصيتنا لكم بأن تدفعوا بالتي هي أحسن قولاً و عملاً في حراك دائم يقدِّم الحجة بالحسنى والود بدل الشحناء. والسلام عليكم ورحمة الله أ.د.عبد الله عمر نصيف رئيس مؤتمر العالم الإسلامي رئيس مجلس أمناء المركز العالمي للتجديد والترشيد- لندن العلامة عبد الله بن بيه رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد- لندن نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين