قالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في تقرير داخلي إن الطلب على نفطها سيظل تحت ضغط في السنوات القليلة القادمة وهو ما قد يزيد الجدل بشأن استرتيجية المنظمة القائمة على الدفاع عن حصتها السوقية بدلا من الدفاع عن الأسعار. وتتوقع مسودة التقرير الخاص باستراتيجية أوبك على المدى البعيد والتي اطلعت عليها رويترز ان تتراجع امدادات المنظمة -التي تستهدف انتاج 30 مليون برميل يوميا- قليلا عن مستواها في 2015 وذلك حتى العام 2019 ما لم يتباطأ انتاج المنافسين بوتيرة أسرع من التوقعات. والتقى مندوبو الدول أعضاء أوبك الاثني عشر في مقر المنظمة في فيينا يوم الأربعاء للتصديق على المسودة النهائية للتقرير. ويتضمن التقرير الذي يتألف من 44 صفحة ويحمل عبارة "سري للغاية" ملحقا يضم تعليقات من إيران والجزائر - عضوي المنظمة - تقترح عودة أوبك إلى سياستها القديمة القائمة على العمل على دعم الأسعار عند مستوى مقبول من خلال تعديل الامدادات. ومن بين الخطوات التي توصي إيران أوبك باتخاذها "الوصول إلى اتفاق بشأن سعر عادل ومعقول للنفط للشهور الستة إلى الاثني عشر القادمة... سقف انتاج أوبك ينبغي تحديده لفترات من ستة إلى 12 شهرا." ويجتمع وزراء أوبك في الرابع من ديسمبر كانون الأول لتحديد ما إذا كانوا سيمددون العمل باستراتيجية السماح بانخفاض الأسعار بهدف إبطاء الامدادات المنافسة ذات التكلفة المرتفعة. ويرتفع انتاج أوبك منذ نوفمبر تشرين الثاني 2014 عندما تبنت المنظمة تلك السياسة لكن تراجع الأسعار استمر وهو ما أضر بالإيرادات النفطية. ويتوقع التقرير تعافيا بسيطا لأسعار النفط على مدى السنوات القليلة القادمة بعدما هوت بأكثر من النصف الي 50 دولارا للبرميل منذ يونيو حزيران 2014 بسبب تخمة المعروض. ويتوقع التقرير أن يبلغ سعر سلة خامات نفط أوبك 55 دولارا للبرميل في 2015 وان يرتفع خمسة دولارات سنويا ليصل إلى 80 دولارا للبرميل بحلول 2020. كانت السعودية قد قادت التغيير في الاستراتيجية العام الماضي بدعم من أعضاء آخرين أثرياء نسبيا من منطقة الخليج. ولا تبدي الرياض أي مؤشر الى تغيير في المسار حيث تعتبره نهجا طويل الأجل. وتدعم مسودة التقرير وجهة النظر القائلة بأن حصة أوبك في السوق سترتفع في المدى البعيد مع تراجع انتاج النفط الصخري وسوائل الغاز الطبيعي. وقال التقرير "من المفترض أن إمدادات النفط الصخري وسوائل الغاز الطبيعي غير التقليدية ستصل إلى أقصى حد لها في وقت ما بعد 2020 ثم تبدأ بالانخفاض قليلا بعد ذلك." واضاف قائلا "ونتيجة لتطورات الامدادات من خارج أوبك، من المتوقع أن ترتفع امدادات خامات أوبك في المدى البعيد لتصل إلى 40.7 مليون برميل يوميا في 2040. علاوة على ذلك فان حصة خام أوبك في امدادات السوائل العالمية في 2040 ستكون 37 بالمئة وهو أعلى من المستويات الحالية البالغة حوالي 33 بالمئة." ويفترض التقرير أنه على المدى البعيد ومع تبدد نمو الامدادات من خارج اوبك سيرتفع سعر النفط بدرجة أكبر وسيصل السعر الإسمي إلى 162 دولارا أو 95 دولارا على اساس متوسط سعر العملة الامريكية في عام 2014. لكن رسما بيانيا في التقرير يعرض أيضا تصورا تكون فيه الامدادات من خارج أوبك أكثر صمودا فيما يزيد الضغوط النزولية على حصة المنظمة السوقية ويسلط الضوء على حالة عدم اليقين التي تحيط بالطلب المستقبلي على نفط أوبك. وقال التقرير "سيصل انتاج أوبك من الخام الي أدنى مستوى له في هذا التصور عند 28.7 مليون برميل يوميا في 2023." وتنشر أوبك تقارير الاستراتيجية كل خمس سنوات. وفي عام 2010 لم تذكر المنظمة النفط الصخري كمنافس قوي فيما يبرز التغير الكبير الذي طرأ على سوق النفط في السنوات القليلة الماضية. وينبه تقرير الأجل البعيد -الذي يعده فريق الأبحاث في أوبك في فيينا- في العادة إلى أنه لا يعبر عن الموقف النهائي لأوبك أو أي بلد عضو بخصوص أي نتائج مقترحة في التقرير. وقالت أوبك في بيان لها مساء الخميس ردا على مقالة لرويترز: - الوثيقة الداخلية ما زالت قيد المراجعة من جانب جميع الدول الاعضاء في اوبك. - مقالة رويترز نقلت عن مصدر غير رسمي مقتطفات وتعليقات على وثيقة ما زالت قيد الاعداد. - البيان رد على مقالة لرويترز يوم الاربعاء نقلت عن مسودة تقرير داخلي لاستراتيجية اوبك الطويلة الاجل قولها إن الطلب العالمي على نفط المنظمة سيبقى تحت ضغط في الاعوام القليلة القادمة. هذا وقد قال مندوب خليجي بارز في اوبك يوم الخميس إن من المرجح ان تتمسك المنظمة بسياستها لعدم خفض الانتاج عندما تجتمع في ديسمبر كانون الاول إذا لم يبد المنتجون الرئيسيون خارجها استعدادا للمساعدة في خفض الامدادات. وأبلغ المندوب الخليجي رويترز ان اسعار النفط تتعرض لضغوط وان مخزونات المنتجات المكررة أعلى من متوسطها في خمس سنوات لكن ذلك من المرجح أن يتحسن العام القادم. وقال المندوب إن الطلب على النفط قوي ومن المتوقع ان يبقى كذلك العام القادم على الرغم من القلق بشأن الاقتصاد الصيني. واضاف قائلا "إنه وضع صعب لأوبك أن تخفض وحدها ثم يزيد الاخرون انتاجهم... اذا لم يتعاون المنتجون من الخارج فمن المرجح ان تبقي اوبك سياستها بلا تغيير." وقادت السعودية تحولا في استراتيجية اوبك في نوفمبر تشرين الثاني 2014 الي الدفاع عن حصة السوق في مواجهة امدادات منافسة بدلا من خفض الانتاج لدفع الاسعار للصعود. وتشير تعليقات المندوب الخليجي الي انه من غير المرجح حدوث تغييرات كبيرة في سياسة اوبك اثناء اجتماعها القادم في الرابع من ديسمبر كانون الاول ما لم يغير المنتجون خارج المنظمة موقفهم. وقال المندوب "التوقعات الان انه مع بدء تراجع انتاج النفط من مناطق كثيرة بما في ذلك في الولاياتالمتحدة وبحر الشمال فان المخزونات ستبدأ بالانخفاض بحلول اوائل العام القادم." "عندما تبدأ ترى المخزونات تنخفض فإنك ستبدأ في رؤية الاسعار ترتفع." ويجري تداول النفط دون 50 دولارا للبرميل عند أقل من نصف المستوى المسجل في يونيو حزيران 2014 . وتراجع نمو الاقتصاد الصيني في الربع الثالث عن 7 بالمئة للمرة الاولى منذ الازمة المالية العالمية. لكن المندوب الخليجي قال إن الناتج المحلي الاجمالي يجب ألا يكون المقياس الوحيد للطلب على النفط لكن ينبغي اخذ عوامل اخرى في الاعتبار مثل التوظيف والزيادات في الدخل. وقال "الطلب في الصين لا يتغير بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي" مضيفا ان الطلب على الخام في الولاياتالمتحدة قد يستمر في النمو العام القادم.