يتساءل كثير من المواطنين والمقيمين والمعنيين عن سر زحام الحرم المكي والمنطقة المركزية في شهر الصوم، وعن إمكانية مراعاة قاصدي الحرم المكي بشكلٍ يوميّ طبيعة العمل الإنشائي لواحد من أهم المشروعات غير المسبوقة لمطاف الحرم المكي وما نتج عنه من انحسار لمساحات الساحة الجنوبية وضيق بعض الممرات، إلى جانب التساؤل عن كيفية تجاوز هذا الزحام بهدف تحقيق السلامة أولاً لقاصدي البيت العتيق من جهة، ورفع العبء عن كاهل فرق العمل الحكومي والتطوعي ذات العلاقة من جهة أخرى، وكذلك عن مدى إمكانية تأجيل عمرة رمضان من قبل ساكني مكةالمكرمة والقرى والمراكز المحيطة بها إلى وقتٍ آخر، رغبة في فسح المجال أمام المعتمرين من الخارج. وكان الشيخ د. عبدالرحمن السديس -الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي- قد طالب قاصدي بيت الله الحرام بالتعاون مع القائمين على شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ومع رجال الأمن، الذين يبذلون جهوداً كبيرة في الحفاظ على أمن وسلامة المعتمرين، كما وجه بالبعد عن مواطن الزحام وعدم الجلوس في الممرات وأمام الأبواب وعند المقام ومراعاة ازدحام الطواف، حيث قال: "ينبغي على إخواننا المسلمين أن يحرصوا على إتاحة الفرصة لإخوانهم المعتمرين، وعلى المتطوعين في الطواف أن يُتيحوا الفرصة لإخوانهم المحرمين تعاوناً على البر والتقوى، فلنتعاون جميعاً في تهيئة مناخ التعبُّد في المسجد الحرام والأجواء المناسبة للمعتمرين، وألاَّ يشقّوا على أنفسهم، وأن يتعاونوا ويرحموا إخوانهم، وأن يلينوا بأيديهم، وأن يتعاونوا معهم على البر والتقوى، وليحذروا من مواطن الزحام وأذى إخوانهم المسلمين بالقول أو بالفعل، (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)، وليتحلَّوا بالأخلاق الكريمة والشمائل العظيمة". وأكَّد الشيخ الدكتور السديس على أهمية التعاون في رعاية أمن المسجد الحرام وسلامة المعتمرين ومراعاة قُدسيَّة الحرم وآدابه، والحرص على نظافته وصيانته، والتفرغ للعبادة، والتوجُّه للأدوار الأخرى، مع عدم تكثيف الوجود في المطاف فقط". تتحمل القوات الخاصة للحج والعمرة عبء تكرار الوافدين والمقيمين للعمرة، وذلك ضمن منظومة الأمن العام لحفظ الأمن وإدارة الحشود البشرية، حيث يبلغ عدد العاملين من الضباط والأفراد (2800) شخص يعملون خلال (24) ساعة على شكل مجموعات وورديات بالتناوب بينهم لخدمة المعتمرين والعمل على راحتهم، ويُكلِّف تكرار العمرة نشر مزيد من الأفراد على طول الممرات من ساحات الحرم المكي إلى داخل المطاف، من خلال انتشار أفرداها في ساحات الحرم المكي الخارجية. ويبدو أنَّه لا يوجد حل أمام المديرية العامة للدفاع المدني لمواجهة زحام الحرم إلاَّ بمواكبته بفرق أمنية، حيث خصَّصت المديرية العامة للدفاع المدني ضمن خطة تدابير مواجهة الطوارئ بالعاصمة المقدسة خلال شهر رمضان المبارك أكثر من (2000) رجل أمن من أفراد الدفاع المدني للحفاظ على سلامة المعتمرين داخل المسجد الحرام وفي الساحات الخارجية المحيطة به والتعامل مع أيّ حوادث طارئة نتيجة الزحام في صحن الطواف أو المسعى. ويقف منسوبو قوة الحرم على أهبة الاستعداد للتعامل مع أيّ حالات طارئة تتطلب تدخلهم الفوري، وذلك من خلال تزويدهم بأجهزة الاتصالات اللاسلكية، لتلقِّي أيَّ بلاغات أو توجيهات عن أيِّ حوادث أو إصابات قد يتعرَّض لها المعتمرون والمصلون داخل المسجد الحرام أو ساحاته الخارجية، كما أنَّ جميع الضباط والأفراد المشاركين في تنفيذ خطة تدابير مواجهة الطوارئ خلال شهر رمضان مؤهلين لتقديم الإسعافات الأولية العاجلة. ولدى هؤلاء الضباط والأفراد القدرة على إسعاف المرضى وكبار السن، الذين قد يتعرضون لأيِّ مشكلات صحية خلال أداء مناسك العمرة بفعل الزحام أو الإرهاق، كلٌّ حسب حالته، وهناك تنسيق كامل لنقل المصابين الذين تتطلب حالتهم رعاية طبية خاصة إلى خمسة مراكز صحية عن طريق الكراسي المتحركة أوالعربات أو الناقلات المحمولة يدوياً. وتحتفظ سجلات رصد الحالات الطارئة في الحرم المكي بحالات بسبب الزحام في المطاف، ومنها حالات صعوبات التنفس بسبب الزحام أو الانزلاقات الغضروفية للمصابين في العمود الفقري أو حالات الإغماء التي يتعرض لها بعض كبار السن، ويرى متخصِّصون أهمية استحداث إشارات ضوئية مؤقتة على حدود المطاف تُشير إلى امتلاء المطاف في حال امتلائه، لمنع الطائفين إلى حين يخف الزحام. وأمام زحام الكثافات البشرية يظل جمع النفايات واحدة من الآثار التي يفرزها الزحام في رمضان، وتُعدُّ أمانة العاصمة المقدسة واحدة من الجهات الحكومية التي تبذل جهوداً مضنية لضمان الإصلاح البيئي والنظافة العامة، حيث تواجهه موسم العمرة بأكثر من (8500) عامل ومراقب يستخدمون (781) معدة وآلية لتقديم خدمات النظافة في مركزية مكةالمكرمة ومسجد التنعيم ومسجد الجعرانة، لجمع ونقل مخلفات المعتمرين. ركعتيّ الطواف ---------------- شدَّد فهد الحربي -مستثمر في قطاع العمرة- على ضرورة إيجاد حل لظاهرة أداء المعتمرين من الخارج ركعتيّ الطواف داخل المطاف وتمسُّح بعضهم بالحجر الأسود ومقام إبراهيم، داعياً لتوعيتهم بأنَّه يمكن جمع طواف الإفاضة مع طواف الوداع عند مغادرة مكة، إلى جانب التوعية بعدم تكرار الطواف وترك الفرصة للآخرين، وأن أبواب العبادة كثيرة، ومنها: الصلاة وهي أفضل من الطواف، بل هي أفضل العبادات على الإطلاق. وأضاف أنَّ من هذه العبادات أيضاً تلاوة القرآن الكريم، حيث أنَّ أجر كل حرف منه ب (10) حسنات، مُشيراً إلى أنَّ التوعية يجب أن تبدأ من بلد المعتمر، وذلك عن طريق شركات العمرة الخارجية ووزارة الشؤون الدينية وإنتاج المواد الإعلامية المعالجة بطريقة مهنية تخاطب عقول المعتمرين وتراعي ثقافتهم ولغاتهم بطريقة مباشرة. فتاوى شرعية ------------------ ودعا فهد عرقسوس -مهتم بشؤون العمرة- الجهات المعنية للتدخّل وإيقاف سيل المعتمرين مُكرِّري العمرة، خاصةً في ظل عدم اكتمال مشاريع الحرم المكي ومحطات النقل، تحقيقاً لسلامة العُمَّار وتخفيف الزحام ومواكبة متغيرات توسعة المطاف في المسجد الحرام. وشدَّد المواطن ياسر بن حامد على أهميَّة مواجهة زحام المصلين أثناء صلاة التراويح في الحرم المكي، وذلك عن طريق إصدار فتاوى شرعية من المؤسسات الفقهية المعنيَّة، مثل: هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء والمجامع الفقهية، خاصةً أنَّ مكةالمكرمة كلّها حرم، كما أنَّ فضل ال (100) ألف صلاة يشمل كل أرجاء مكةالمكرمة، مُشيراً إلى أنَّ هذه الفتاوى من شأنها توعية الراغبين في أداء العمرة والمُصلين بما يكفل الحدّ من الزحام، خاصةً في ظل تنفيذ مشاريع توسعة المطاف في الحرم المكي. تصريح العمرة ---------------- ودعا أحمد بن مساعد –إعلامي- إلى الدفع بنظام عمرة الداخل وتطبيقه لمواجهة الزحام الموسمي رأفة بالمعتمرين، خاصةً العجزة وكبار السن ورفعاً للمشقة على الموظفين الحكوميين والمتطوعين، مُشدِّداً على أهمية سنّ قوانين تمنع تكرار العمرة للمقيمين داخل مدن المملكة، بحيث يحصل كل معتمر على تصريح لأداء العمرة قبل القدوم إلى مكةالمكرمة. آثار سلبية ------------ وأشار مخلد المقاطي إلى أنَّ إشراك الجهات المعنية بخدمات العمرة في البلدان الإسلامية تُعدُّ وسيلة مؤثرة للحد من ظاهرة تكرار العمرة، موضحاً أنَّه لابُدَّ أن يكون لوزارات الشؤون الدينية واتحاد وكالات العمرة دور في التعريف بالآثار السلبيّة صحياً وأمنياً الناتجة عن تكرار العمرة، وأنَّها أصبحت عبئا كبيرا على الجهات الحكومية في مكةالمكرمة. حماية الطائفين ------------------- وقال سلمان السلمي –إعلامي-: "إنَّ الطاقة الاستيعابية الحالية للمطاف تبلغ (22) ألف شخص في الساعة الواحدة، وكانت قبل البدء بأعمال الهدم والبناء الجديد تبلغ (48) ألف شخص في الساعة الواحدة، أيّ أنَّ هذه الطاقة انخفضت قرابة النصف، وهذا يعني أنَّه يجب أن ينخفض عدد الطائفين إلى النصف"، مُضيفاً أنَّ الطاقة الاستيعابية للمطاف ستبلغ عند انتهاء أعمال التوسعة (105) آلاف شخص في الساعة الواحدة. وأوضح أنَّ هذا يستدعي تفهّم قاصدي بيت الله الحرام في المرحلة الحالية التي يمر بها المسجد الحرام لطبيعة هذه المرحلة، بما يوجب علينا جميعاً الاحتساب بالتخفيف عن المسلمين وتأجيل العمرة، مُضيفاً أنَّ في ذلك مشاركة إيجابية في تحقيق الغاية النبيلة المتمثلة في تمكين الجهات المسؤولة والشركة المنفذة من الإنجاز في الوقت المُحدَّد، إلى جانب حماية الطائفين بالبيت الحرام من حالات التدافع والسقوط -لا سمح الله-، وكذلك ما يمكن أن يخلفه الزحام الشديد من أذى، خصوصاً لكبار السن، إضافةً إلى إعطاء الأولوية لمن لم يسبق له الحج أو العمرة. وأشار اللحياني –إعلامي- إلى أنَّ خطورة الزحام في مطاف الحرم المكي على كبار السن والنساء والأطفال تفرض على الجميع التجاوب مع نداء الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام، حيث تتمّ متابعة سير المشروع وإكمال الأعمال العاجلة، ومنها: المطاف الخاص بذوي الاحتياجات الخاصّة ومَن في حكمهم، إذ يتعذر مشاركتهم للطائفين في أثناء تنفيذ مشروع التوسعة، التي تُعدُّ من المشاريع غير المسبوقة لخدمة ضيوف بيت الله الحرام، وهو مشروع يعود بالخير على كل المسلمين. تكرار العمرة من أسباب الزحام ------------------------------------ رأى عميد متقاعد محمد البنيان -أحد قيادات أمن الحرم المكي- أنَّ مراعاة زحام العمرة في رمضان وتجاهل الضيق الحالي للمطاف بسبب مشروع التوسعة من شأنه تخفيف أعداد الطائفين والمصلين إلى حين انتهاء المشروع، مُضيفاً أنَّه سبق أن وجهت الرئاسة العامة للحرمين الشريفين ووزارة الداخلية المواطنين والمقيمين الذين سبق لهم أداء مناسك العمرة بالتخفيف من تكرار العمرة؛ لمنح الفرصة للقادمين من الخارج لتأدية مناسك العمرة. ولفت إلى أنَّ تكرار العمرة عدَّة مرات خلال فترة تأشيرة المعتمر تُعدُّ أحد الأسباب التي ترفع نسبة الزحام وتؤدي إلى رفع الأعباء على الجهات المعنية بأمن الحرم، ومنها: شرطة الحرم المكي، حيث يُعدُّ موسم العمرة ورمضان والحج من المواسم التي تظهر فيها بجلاء ظاهرة تكرار العمرة دون اهتمام من الفئة التي تُكرِّر العمرة عشرات المرات من أنَّ للحرم طاقته ولرجال الأمن أيضاً طاقات لا يمكن تحميلهم فوق ما يُطيقون. وأضاف أنَّ قوَّة أمن الحرم المكي هي الأخرى تواجه مشكلة تكرار العمرة وتتحمل أعباء التكرار، ممَّا يزيد من إرهاق أفرادها الذين يبذلون جهوداً مضنية في تحقيق أمن الحرم المكي، في ظلّ تنقُّل المعتمرين في مساحات ضيقة وطقس حار، موضحاً أنَّ عدم وجود تنبيه أو تنظيم أو فتوى شرعية مؤثرة ومتداولة ساهم في بروز هذه الإشكالية السنوية، التي لم تتَّسع مساحتها في ظل تسهيل الخدمات التي تُقدمها الدولة، وهي في الأصل لغير هذه الفئة التي تزاحم المعتمرين الذين ربَّما يؤدون العمرة لأول مرة. وأكَّد على أنَّ هذه الظاهرة بحاجة إلى سنِّ تنظيم وتنفيذ إجراءات تُقوِّض منافذ تكرار العمرة، خاصةً في مواسم الحج والعمرة ورمضان لنواحٍ أمنية وصحية وتنظيمية تضمن تحقيق السلامة والصحة وتُتوِّج خدمات الجهات المعنية بخدمات العمرة. إدارة التطويف تسعى لتخفيف الزحام ------------------------------------------ تعمل إدارة التطويف في الرئاسة على تخفيف الزحام بمنع دخول النساء في أوقات الصلاة، ويعمل بالإدارة (51) موظفاً رسمياً وموسمياً خلال المواسم الدينية للعمل على تكثيف التوعية بعدم المزاحمة عند الحجر الأسود وبيان الاكتفاء بالإشارة إليه مع التكبير عند الزحام الشديد، مع استحباب مسح الركن اليماني عند الطواف إن تيسر ذلك، وعدم مشروعية تقبيله وأنَّه لا يُشار إليه إن لم يمكن استلامه، كما لا يصح الطواف من داخل الحجر. وتجتهد الإدارة في توسيع مساحة التوعية بأنَّ ركعتيّ الطواف جائزة في أيّ مكان في المسجد الحرام، وليس بالضرورة أن تكون خلف المقام مباشرةً، لما يشهده المسجد الحرام من كثافة بشرية هائلة خلال شهر رمضان. ويأمل مسؤولون في الحرم المكي بعدم تكرار العمرة خلال شهر رمضان المبارك، خاصةً خلال فترة تنفيذ مشروع رفع الطاقة الاستيعابية للمطاف، وإفساح المجال للذين لم تتح لهم فرصة أداء المناسك، حفاظاً على أرواحهم وسلامتهم، وهو رجاء يأتي في ظل زحام شديد يشاهده المسلمون في النقل المباشر للصلوات الخمس والتراويح، حيث تتّضح طبيعة الأعمال الإنشائية واستمرار العمل في المشروع، وما يترتب على ذلك من ضيق في مساحة المطاف وازدحام للطائفين، حيث تقضي الضرورة الشرعية تقليص أعداد الحجاج والمعتمرين. ويُعدُّ تكرار العمرة أحد أبرز أسباب الزحام، وربَّما يكون أحد الأسباب التي دفعت رئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي إلى إنشاء وحدة لإدارة الحشود داخل الحرم المكي، حيث تعمل الوحدة على تنسيق العمل بين الجهات لكسر الحاجز الزمني والرقي بالخدمات المقدمة للزوار والمعتمرين والحجاج، وتنفيذ عدد من الاستراتيجيات لإدارة الحشود وما ينضوي تحتها من مباحث عدة، كفهم التصرفات والدوافع البشرية المنفردة والجماعية، وطرق محاكاة حركة السير وتصميم مساراتها وترابطها، وجمع وتحليل المعلومات، وطرق تنظيم الأمن ومواجهة الحوادث.