إبراهيم آل مرعي هو خبير أمني واستراتيجي سعودي، حرص "شؤون خليجية"، على إجراء حوار خاص معه، في ظل الحديث حول الهجوم على قطاع جازان ونجران في 5 يونيو، وإطلاق صاروخ سكود في يوم 6 يونيو, للتعرف على حقيقة هذه الصواريخ ودور الاستخبارات السعودية في كشفها، وما المعلومات التي تحصلت عليها للتمكن من مواجهتها وإسقاطها, ومدى تأثير هذه الصواريخ، وأسباب اتجاه الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح وجماعة الحوثي لاستخدام هذه النوعية تحديدًا من الأسلحة العسكرية، بالتزامن مع الإعداد لمؤتمر جنيف. وتطرق "شؤون خليجية"، إلى توقعات الخبير الاستراتيجي بشأن نتائج مؤتمر جنيف, وتوقعاته بشأن الفترة الزمنية المقرر لها أن تستمر عليها الحرب على اليمن, ومتى ستنتهي, ورؤيته لعاصفة الحزم، وهل حققت أهدافها؟, وتقيمه لقوات التحالف الذي تقوده السعودية ومدى قدرتها على الدخول في مواجهات برية مع الحوثي. وإلى نص الحوار.. ** بداية هل هذه المرة الأولى التي يطلق فيها على المملكة صواريخ سكود من اليمن؟ * لا.. إطلاق صاروخ اسكود ليس الأول، هو الصاروخ الثاني الذي أطلق على المملكة السعودية, حيث أطلق الأول في الأسبوع الثاني من عملية عاصفة الحزم، وسقط داخل الأراضي اليمنية بعد انطلاقه ب65 كيلو مترًا, والثاني أطلق في 6 يونيو، وتم اعتراضه بصواريخ باتريوت من قبل قوات الدفاع الجوي الملكية السعودية. ** وما مدى خطورة صواريخ سكود؟ * صواريخ سكود هي صواريخ باليستية، وهي صواريخ ردع، وإذا استخدمت فقدت أهميتها، وإذا استخدمت ولم تحقق أهدافها فقدت الغاية التي من أجلها صنعت.. هكذا تعرف الصواريخ الباليستية وصواريخ الردع. ** برأيك ما أسباب لجوء الحوثي لهذه النوعية من الأسلحة؟ * استخدام هذه الصواريخ يعتبر استخدام آخر الأوراق، وهو إفلاس من قبل صالح, فالعملية نفذت في قطاع جازان ونجران، ثم نفذ بعدها إطلاق صاروخ باليستي, والعملية نفذت من بقايا الحرس الجمهوري الموالي للمخلوع علي عبد الله صالح، وهذه العملية فاشلة منذ أن خطط لها, والذي خطط لها يعلم أنها ستكون عملية فاشلة، لأنه عبر التاريخ العسكري ومن أبجديات العلوم العسكرية والاستراتيجية، أنه لا يمكن أن يشن هجوم ناجح دون أن يكون هناك غطاء جوي فعال, ولذلك من أرسل ضباط النخبة وأفراد الحرس الجمهوري أرسلهم إلى حتفهم، وما حصل هناك عبارة عن مذبحة لضباط وأفراد الحرس الجمهوري في جازان. ** يرى البعض أن سقوط صاروخ على المملكة يمثل فشلًا لها.. كيف ترى ذلك؟ * سقوط سكود لا يمثل فشلًا للمملكة العربية للسعودية أو لقوات التحالف, ففي اليوم الأخير من عملية عاصفة الحزم في 21 أبريل، أعلن المتحدث العسكري باسم قيادة التحالف أنه تم القضاء على ما يقارب 98 % من القدرات الصاروخية للمخلوع والميليشيات الحوثية, ولذلك نتحدث عن ال2 %، حيث من الممكن أن يكون هناك بعض الصواريخ المتبقية، ولكن في كلا الحالتين أطلق صاروخ، وأطلق الثاني وتم التعامل معه. ونحن نتحدث عن اليوم 75 منذ بدء العمليات العسكرية في اليمن, ولا يمكن على الإطلاق القضاء على جيش بني في 33 عامًا وهو موالٍ لصالح وعائلته، في فترة وجيزة 75 يومًا, ولكن تم تحديد معظم القدرات العسكرية و98% من القدرات الصاروخية. ** وأين دور الاستخبارات السعودية في رصد تلك الأسلحة الصاروخية؟ * وجود الصواريخ لا يمثل فشلًا للاستخبارات السعودية أو استخبارات التحالف، فالخلايا تعمل على الأرض، وهناك عمليات ومخازن كثيرة جدًا باليمن، فهناك 21 محافظة حولت لثكنات عسكرية، وحولت إلى مخازن ذخيرة في الأودية والجبال والكهوف. اليمن تحولت إلى ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة، والأموال التي حولت إلى صالح لبناء جامعات ومستشفيات، وبناء اليمن، وبناء البنية التحتية لها لكي يستفيد منها المواطن اليمني، تحولت إلى ثكنة عسكرية تخدم عائلة صالح، والآن تخدم صالح وتحالفه مع الحوثي التحالف الفارسي. والإصابات وتحديد الأهداف هو جهد استخباراتي دقيق، والخلايا الاستخباراتية على الأرض تعمل بجد، ونسبة الإصابات في المدنيين ضعيفة جدًا. ** هل ترى أن العملية العسكرية باليمن متكاملة؟ * نقول هناك هامش خطأ، ولكن الحروب جميعها بها خسائر بشرية، ولكن أعتقد أنها من أدق وأنظف الحروب، لأن قيادة التحالف وضعت لنفسها محددات تمثلت في عدم استهداف المواطن اليمني، وعدم استهداف البنية التحتية قدر المستطاع، إذا لم تكن مستخدمة من قبل ميليشيات الحوثي وأتباع المخلوع. وقرار الحرب ودخول دول التحالف لم تتخذه الدول إلا بناء على طلب رسمي من الرئيس الشرعي المنتخب من الشعب اليمني والممثل في الرئيس هادي، ولذلك هو أتى استجابة لرئيس محاصر وشعب مكلوم. أيد قرار مجلس الأمن 2216 شرعية هادي وشرعية الحكومة اليمنية المتواجدة في الرياض، وأدان الانقلاب والرئيس المخلوع، الذي يريد أن ينصب ابنه رئيسًا لليمن رغمًا عن المواطن اليمني، مثلما أراد أن يفعل الرئيس حسني مبارك في مصر، عندما أراد أن يورث الحكم لابنه جمال، ولذلك هو فيروس ينتقل بين الرؤساء ولم يستفيدوا من مانديلا وغاندي، اللذين آثرا المواطن والوطن على مصالحهما الشخصية. والتدخل لم يأت إلا استجابة للشرعية اليمنية والشعب اليمني. ** من أين جاء الحوثيون بهذه الأسلحة؟ وما قدرتها وخطورتها؟ * للتأكيد فإن هذه الصواريخ ليست بحوزة الحوثيين، فهم غير قادرين على استخدام وتشغيل هذه الصواريخ، ولكنها بحوزة ما تبقى من الحرس الجمهوري الموالي لصالح, فنحن نتحدث عن ترسانة الجيش اليمني الموجودة لدي الحرس الجمهوري، وهي عبارة عن 300 صاروخ سكود، وهذه الصواريخ من الطراز القديم جدًا وقدرتها التدميرية ضعيفة، وتذكرنا بالصواريخ التي استخدمت في حرب الخليج الثانية من العراق على السعودية، وسقط بعضها في الرياض آنذاك، ولم يؤثر على المدينة ولا على السكان، ثم بعد ذلك أتى نظام باتريوت واستطاع التعامل مع الصواريخ قديمة الطراز. لا أعتقد أنه يوجد أي تهديد أو خطر، ولكن بالعكس نقرأ أن صاروخ سكود ورقة أخيرة وبداية الانهيار للتحالف الحوثي صالح، ولم يعد بأيديهم أي أوراق يستطيعون من خلالها المناورة في مسرح العمليات. ** وماذا عن الحدود السعودية؟ * المحاولات الحوثية لاختراق الحدود السعودية تجاوزت 300 محاولة، سواء في وقت العاصفة أو وقت السلم، ولكن القوات السعودية البرية، بالإضافة إلى الحرس الوطني السعودي وحرس الحدود لديهم القدرة على تأمين الحدود السعودية. ورغم ما حصل فإن الحياة على الحدود آمنة ومستقرة، وأصبحت هناك طريقة للتعامل مع الاختراقات، وما سنراه في الأيام القادمة بداية الانهيار للتحالف الحوثي صالح، وهو ما حاول أن يفعله صالح من خلال هجومه على جازان، هو يريد أن يقول لمؤتمر جنيف أنا موجود، خاصة أن الحوثين ذهبوا إلى مسقط دون التشاور معه. ** إذا كنت تقول إن صواريخ سكود ضعيفة وقديمة وليس لها تأثير.. فبرأيك لماذا استخدمها صالح والحوثي؟ * عندما قام الحرس الجمهوري بتنفيذ هذا الهجوم كان يهدف إلى تحقيق نصر إعلامي، وإخبار قيادة التحالف والمجتمع الدولي بأن المخلوع ما زال رقمًا صعبًا في مسرح العمليات والمشهد اليمني، ولذلك أراد أن يكون له مقعد في جنيف ويؤمن سلامته وسلامة أسرته. ** هل ترى أن العملية العسكرية باليمن "عاصفة الحزم" حققت أهدافها؟ * عاصفة الحزم هي 4 جهود وليست جهدًا عسكريًا فقط، فهي جهد "عسكري وسياسي واقتصادي وإعلامي معلوماتي"، وبهذه الجهود الأربعة تتحقق عاصفة الحزم لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، التي تمثلت في قرار مجلس الأمن 2216 بانسحاب القوات وتسليم السلاح، وإعادة مؤسسات الدولة، وعودة الرئيس. اما فيما يخص الجهد العسكري فهو جهد يمثل ربع المجهود في عاصفة الحزم، وقد نفذت المهمة المنوطة به حتى الآن، وقام بتدمير القدرات الدفاعية الصاروخية، التي من الممكن أن تطال مدن المملكة العسكرية، ونتحدث هنا عن الصواريخ الباليستية التي يعتبر مداها فوق الف كيلو متر، وتم تحديد قدرات الدفاع الجوي ومعظم المعدات الثقيلة للحرس الجمهوري والميليشيات الحوثية، واستطاعت المقاومة أن توقف التمدد الحوثي في كثير من المحافظات كتعز ولحج وعدن وأبين والضالع، وكان أخر دليل على ذلك قدرة المقاومة على تحرير الضالع. ** إذن فانت ترى أن الجهد العسكري حقق أهدافه؟ * نعم الجهد العسكري لعاصفة الحزم حقق أهدافه العسكرية، ولكن فيما يتعلق بالأهداف الاستراتيجية بعودة الحكومة وانسحاب القوات، فمازال هناك جهد عسكري على الأرض وبجانبه جهود أخرى، فمازلنا في منتصف الطريق. ** وبرأيك إلى متى ستستمر العملية العسكرية باليمن؟ * تعتمد على عدة معايير، أهمها نتائج مؤتمر جنيف, وقدرة التحالف على استمرار ادامة العمليات، وقدرة التحالف على منع وصول أي إمداد إلى صالح والحوثي بالذخيرة, وتماسك التحالف الحوثي صالح، لأن هناك أنباء عن بدء تفكك هذا التحالف، سواء عسكريًا أو سياسيًا, ونعلم أن الحرس الجمهوري التابع لصالح بعد العملية التي نفذت على جازان يرفض الاستمرار في هذه العمليات، لأنه يرى أن صالح ضحى بنخبة لتحقيق غاية سياسية تخدم صالح وعائلته ولا تخدمهم. العملية العسكرية مستمرة، إذا لم تفض الحلول السياسية والجهود الدولية إلى حل سياسي يضمن تنفيذ قرار مجلس الأمن ببنوده وفقراته، دون نقصان. ** هل تتوقع أن تصل الأمور لمواجهات برية؟ وهل المملكة لديها القدرة على الدخول في هذه المواجهات؟ * إن وقعت ستكون مواجهات برية "محدودة"، وتكوين وبناء القوات المسلحة لمواجهة تحديات اقليمية أخطر وأكبر من هذه المواجهة, وهي تعد قوة إقليمية عسكرية عظمى، ولم تشارك المملكة في هذه الحرب إلا بجزء يسير من قدراتها العسكرية، التي لا تخفى على أجهزة الاستخبارات العالمية والخبراء الاستراتيجيين. ** ما توقعاتك بشأن مؤتمر جنيف؟ * مؤتمر جنيف هو مؤتمر تشاوري وليس تفاوضيًا كما ذكر "بحاح"، ويهدف إلى وضع آلية لتنفيذ القرار 2216، وليس للتفاوض حول مسائل أخرى. وإذا حققت الأهداف الاستراتيجية لعاصفة الحزم وإعادة الأمل، والتي أصبحت جزءًا من قرار مجلس الأمن 2216 بجهد سياسي مكمل للجزء العسكري، فهذا ما نريد ونبتغيه، وإذا لم تتحقق فتستمر الحرب حتى تحقق أهدافها، ولن تتوقف قيادة التحالف بقيادة السعودية في منتصف الطريق, لأن هذه المعركة بالنسبة للتحالف والأمة العربية والإسلامية والسعودية هي معركة مفصلية لا يوجد لها خيارات، لأن أي خيار آخر سيكون انتكاسة للأمة العربية والإسلامية لخمسة قرون في المستقبل، لذلك لا يوجد أمامنا خيار إلا النصر.