بعد أيام قليلة على منع إدارة الأوقاف والمساجد في محافظة الطائف ممارسة رياضة المشي في محيط جامع الملك فهد بحي العزيزية بذريعة إثارة الفتنة وتعرض الفتيات والنساء الحوامل لمضايقات الشباب، ووضعها حواجز خرسانية، والشروع في إنشاء جدار عازل، أزال مواطنون تلك الحواجز اعتراضا على ما أقدمت عليه الأوقاف، مؤكدين في حديثهم ل"مكة" أن الأمر لا يستدعي ذلك، لكون حالات المعاكسات نادرة الحدوث. منع مرفوض -------------- وذكر فواز الشريف، أن الحق العام للفرد في ممارسة حقوقه بما لا يخل بالدين والشرع ولا يفضي إلى فوضى أمر لا ضير فيه، وهذا ما يجب أن تعلمه أوقاف الطائف لتعمل بمبدأ النصح بدلا من أسلوب المنع الذي اتبعته في وقت أصبحت التقنية ومواقع التواصل الاجتماعي حديث المجالس، ولم يعد سوى الوازع الديني والتربية ما يمنع الفرد من الوقوع بالخطأ. ورأى حماد الحرجلي، أن غياب دور الأوقاف في التوعية الدينية والإرشاد بأساليب مبتكرة في الجوامع واضح وجلي، وإلا كيف لا تستفيد من موقع جامع الملك فهد وكثافة مرتاديه في إقامة المحاضرات والبرامج والمسابقات التي يكتنفها جانب ديني وتوعوي تجذب من خلاله الناس وتحفزهم لعمل الخير والبعد عن مواطن الشر. أين الضرر؟ ------------- وقال متعب العوفي، إن الجميع لن يرضوا منعهم من ممارسة الرياضة، خاصة وأن الشريحة الكبيرة التي تمارسها من كبار السن، فنحن نراهم عقب صلاة الفجر وفي ساعات الصباح الباكر وأوقات العصر والمساء وهم من مختلف الفئات والشرائح العمرية تمارس الرياضة وتغادر فأين الضرر، حتى إن رأينا شخصا أو اثنين يقومون بمعاكسات وغيرها من أمور لا نرضاها فهل شرهم يعم الأغلبية بدلا من توجيهم ونصحهم. وروى أحد المشايخ في حلقات التحفيظ - تحتفظ «مكة» باسمه- واقعة لشخص كان يتردد على الجامع بشكل يومي ليراقب حلقة التحفيظ، وفي إحدى المرات أبدى رغبته في الانضمام لحلقة التحفيظ، ولكن نظرا لكبر سنه مقارنة بالفئة التي تدرس بالحلقة لم أستطع قبوله، وفي ظل إلحاحه وافقت بعد أن قال إنه أخطأ وعمل وفعل ولكن مجيئه للجامع ورؤيته للطلاب بحلقة التحفيظ غيرت مسار حياته نحو الأفضل. ليس حلا ------------- وأشارت الأخصائية الاجتماعية ميسون محمود، إلى أن المنع أو السماح في أي أمر في وقتنا الحالي لهما نتائج سلبية وأخرى إيجابية، ولو تأملنا قليلا في سلوك أفراد المجتمع لعرفنا أن كثيرا من المشاكل وجدت وصنعت بأيدينا وأفكارنا السلبية نحو الإصلاح والتغيير، فالسكين يمكن أن تستعمل للخير والشر وأيهما يختار الفرد، فالمنع ليس بالضرورة حلا بل هو بالعكس تحفيز للآخر لكسر ذلك المنع وإجبارك على قبوله، ولكن استطعنا أن نخلق قنوات تواصل بيننا وبين أفراد المجتمع لنسمعهم ويسمعونا بدلا من الحجر على الأشخاص بحجج لا تعقل في زمن أصبح فيه العالم عبارة عن قرية صغيرة. أسلوب التقويم ------------------- وشددت على أن الأفضل أن يتم الاعتماد على منهج التصويب والإرشاد والتقويم من خلال التوجيه السلوكي للفرد والاستفادة من الإمكانات المتوافرة بالجامع من خلال استضافة المشايخ وإقامة الندوات الدينية والمجتمعية، وثانيا يأتي دور أولياء الأمور والمدارس في تربية النشء والتأسيس على تعاليم ديننا الحنيف ليصبح الفرد في مراحل الصغر والمراهقة قادرا على التفريق بين الصواب والخطأ والحلال والحرام، وما يصح وما لا يصح، وحينها ندعهم يمارسون حياتهم دون وصاية أو فرض، وهذه مسلمات حيث يؤكد خبراء التربية والاجتماع على أهمية إعطاء الشباب جرعات من الثقة بالنفس باحترام تصرفاتهم، الأمر الذي يساعدهم كثيرا على النضج والنمو العقلي والجسدي السليم. وكانت "مكة" تناولت القضية في 24 رجب الماضي بعنوان «الفتنة تغلق ممشى جامع في الطائف» حيث بررت الأوقاف إغلاقها للممشى بسبب تصرفات بعض الشباب، وهو ما لم يكن مقنعا للأهالي.