استقبلت الصحف والشبكات الأمريكية قرار العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، بعدم حضور قمة كامب ديفيد مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وتكليف ولي العهد الأمير محمد بن نايف، بترأس وفد المملكة، ومعه الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد بتفسيرات عدة، فالبعض وصف الخطوة بأنها ازدراء من قبل العاهل السعودي للرئيس الأمريكي، بينما وصفها آخرون بأنها دليل على أن "بن نايف" هو الرجل القوي حتى الآن في المملكة. واعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن غياب العاهل السعودي الملك سلمان عن قمة كامب ديفيد مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، دليل على استمرار استياء المملكة من الإدارة الأمريكية بسبب علاقاتها مع إيران، التي تعتبر المنافس الإقليمي للسعودية، مشيرة إلى أن إعلان العاهل السعودي عن عدم حضوره القمة الثنائية مع الرئيس الأمريكي أو القمة الأمريكية الخليجية في كامب ديفيد، يتناقض مع بيان البيت الأبيض الجمعة الماضية، الذي تحدث عن حضور الملك سلمان للقمة من أجل استئناف المشاورات بشأن عدد من القضايا الثنائية والإقليمية. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عرب، أنهم يرون غياب العاهل السعودي عن الاجتماع في واشنطن، وإرسال ولي وولي ولي عهده بدلًا منه، دليل على خيبة أمل المملكة إزاء العروض التي سيقدمها البيت الأبيض خلال القمة، كتطمينات من الولاياتالمتحدة بأنها ستقف مع حلفائها العرب ضد إيران الصاعدة، وتحدث مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية عن أن العاهل السعودي سيجري اتصالًا هاتفيًا اليوم الاثنين، مع الرئيس الأمريكي، ليشرح فيه سبب قرار عدم حضوره للقمة. وذكرت الصحيفة أن البيت الأبيض تلقى اتصالًا من وزير الخارجية السعودي مساء الجمعة، يتحدث فيه عن أن العاهل السعودي لن يحضر القمة، وذلك بعد بيان للبيت الأبيض أعلن فيه أن الرئيس الأمريكي سيجتمع مع العاهل السعودي في واشنطن، ونقلت عن مسؤول أمريكي أن الخطوة السعودية لا تمثل تعبيرًا عن خيبة أمل من قبل المملكة، مضيفًا أنه إذا أراد أحد أن يوبخك أو يزدريك فسيتبع طرقًا أخرى لتحقيق ذلك. وأشار "جون ألترمان" نائب رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، إلى أن عدم حضور العاهل السعودي يمثل ازدراء ونعمة في نفس الوقت، فالقرار في داخله فرصة للتعرف أكثر من قبل المسؤولين الأمريكيين على ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأضاف "ألترمان" أن القرار يرسل رسالة واضحة للبيت الأبيض، خاصة عندما أعلنت السعودية عن أن لديها أمورًا أخرى أفضل من الذهاب إلى كامب ديفيد ولقاء الرئيس الأمريكي، بعد أيام قليلة من إعلان البيت الأبيض عن تخطيطه لاجتماع خاص بين الرئيس الأمريكي والعاهل السعودي، قبل عقد القمة الأمريكية الخليجية. وأشارت الصحيفة إلى أن دول الخليج ترغب في إبرام اتفاقية دفاعية مع أمريكا ضد أي عدوان خارجي، كالتي أبرمتها الولاياتالمتحدة مع اليابان، حيث أعرب الرئيس الأمريكي عن استعداده للموافقة على ذلك شفويًا دون إرسال تلك الاتفاقية للكونجرس، وهو ما يعني أن الرئيس الأمريكي القادم ليس مطالبًا بالالتزام بها، وأضافت أن دول الخليج طلبت مزيدًا من الأسلحة المتطورة، إلا أن واشنطن تفرض قيودًا على إرسال الأسلحة المتطورة إلى الدول العربية، حتى تظل إسرائيل تتمتع بالتميز العسكري في المنطقة. وتحدثت عن أن حاكم الإمارات وسلطان عمان لن يحضرا القمة بسبب تردي حالتهما الصحية، ونقلت عن خبير إيراني في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، أن هناك تصورًا آخذ في التنامي بالبيت الأبيض، وهو أن الولاياتالمتحدة والسعودية أصدقاء لكنهما ليسا حلفاء، في حين أن الولاياتالمتحدةوإيران حلفاء، لكنهما ليسا أصدقاء. وأكد مسؤولون أمريكيون لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، على أن غياب العاهل السعودي عن قمة كامب ديفيد في الولاياتالمتحدة، لا يعكس وجود أي استياء من قبل المملكة تجاه التطمينات الأمنية، التي تعد واشنطن لعرضها على قادة مجلس التعاون الخليجي خلال القمة. واعتبرت الصحيفة أن قرار العاهل السعودي كان مفاجئًا، بعد حصول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، على تأكيدات بحضور الملك سلمان عندما التقى مسؤولين سعوديين الأسبوع الماضي في الرياضوباريس، مشيرة إلى أنه حتى الجمعة الماضي، عندما أعلن كيري ونظيره السعودي عادل الجبير عن اتجاه المملكة لوقف إطلاق النار في اليمن، كان من المتوقع أن يقود العاهل السعودي وفد المملكة إلى كامب ديفيد، وذكرت أن "الجبير" أكد لنظيره الأمريكي بعد ظهر الجمعة في باريس، حضور "سلمان" إلى واشنطن، كما أن العاهل السعودي اختتم لقاءه بكيري في الرياض الخميس الماضي، بعبارة أنه سيلتقي به مجددًا الأسبوع القادم، في إشارة إلى حضوره القمة. ونقلت عن مسؤول بارز في الخارجية الأمريكية، أن السعودية أبلغتهم مساء الجمعة، باحتمالية تغيير خططها فيما يتعلق بالقمة، لكن المملكة أكدت السبت على أن الملك سلمان لن يتوجه إلى واشنطن، وتحدث المسؤول الأمريكي عن عدم وجود توتر بين البلدين دفع العاهل السعودي لإلغاء سفره إلى واشنطن، مشيرًا إلى أن العلاقة بين البلدين قوية، مضيفًا أن الإدارة الأمريكية ترى أن السعودية وباقي قادة مجلس التعاون الخليجي سعداء بمواقف الولاياتالمتحدة وجوهر قمة كامب ديفيد، بما في ذلك أي مساعدة ستقدمها واشنطن لهم. ونقلت عن أحد السعوديين المقربين من الحكومة، أن قرار عدم حضور الملك سلمان إلى القمة متعلق بالوضع في اليمن والطبيعة الفنية للمحادثات بشأن إيران في القمة، والتي يشعر العاهل السعودي بأن المسؤولين السعوديين البارزين بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أكثر دراية بها، مضيفًا أن قرار العاهل السعودي لا يمثل ازدراء أو توبيخًا، ولا تحاول المملكة إرسال رسالة ما بشأن ذلك، وتحدث مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية عن أن واشنطنوالرياض عملتا بشكل وثيق، للتنسيق بشأن توقيت الإعلان عن قرار العاهل السعودي. واعتبر "جون ألترمان" مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، أن القرار يمثل خيبة أمل، وربما يعبر عن الغضب بشأن عدم فهم الرئيس الأمريكي لموقف دول مجلس التعاون الخليجي، وعدم رغبته في فهم ذلك. من جانبه اعتبر "جين فرانسوا سيزنيك" أستاذ سياسات الخليج في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة هوبكينز، أن تمثيل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، للمملكة في كامب ديفيد يظهر أنه حقًا الشخص القوي حتى الآن في السعودية، وأشار إلى عدم اعتقاده بأن القرار يمثل ازدراء أو توبيخًا للإدارة الأمريكية، وإنما يمثل دليلًا على رغبة السعودية في إجراء محادثات جوهرية. ونقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن مسؤول بارز في إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أن الولاياتالمتحدة علمت باحتمالية تغيير العاهل السعودي لخططه بشأن التوجه إلى قمة كامب ديفيد مساء الجمعة الماضية، وأن هذه الاحتمالية أصبحت مؤكدة السبت الماضي، وأشار المسؤول الأمريكي إلى أن إدارة أوباما نسقت بشكل وثيق مع الشركاء السعوديين بشأن الترتيبات البديلة وتوقيت إعلان القرار، والتطلع إلى استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. واعتبرت الشبكة أن التغيير الأخير، في خطط المملكة يمكن أن ينظر إليه على أنه ازدراء وتوبيخًا للإدارة الأمريكية، خاصة أنه يأتي قبل 4 أيام من بدء قمة كامب ديفيد التي تستمر ليومين، وذكرت الشبكة أن القرار السعودي جاء بعد إعلان البيت الأبيض الجمعة الماضية، عن لقاء الرئيس الأمريكي للعاهل السعودي في قمتين، إحداهما على شكل قمة ثنائية، والأخرى في كامب ديفيد بين الولاياتالمتحدة وقادة مجلس التعاون الخليجي. وتحدثت الشبكة عن أن البيت الأبيض يقلل من أهمية التغيير الذي حدث في الخطة السعودية، ونقلت عن مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية، أن البيت الأبيض علم مسبقًا بتغيير خطط العاهل السعودي، ولا يعتقد أن ذلك يعود إلى أي اختلافات جوهرية بين البلدين، ونقلت الشبكة عن مسؤول في الإدارة الأمريكية، أن هندسة وإقامة بنية تحتية دفاعية مشتركة لمنطقة الخليج ستكون الجزء الرئيسي للقمة الأمريكية الخليجية الأسبوع الجاري. وأشار مسؤول أمريكي للشبكة إلى أن القمة ستعمل من أجل إقامة منظومة دفاع صاروخية مشتركة يمكن أن تمثل ردعًا لاحتمالية تسلح إيران بالسلاح النووي، وأضاف المسؤول إلى أن الهدف من القمة هو أن تعمل دول مجلس التعاون الخليجي على إدارة منظومة الدفاع الصاروخية بأنفسهم، حيث ستقدم الولاياتالمتحدة لهم المشورة والدعم الفني. وتحدث المسؤول عن أن منظومة الدفاع الصاروخية لدول مجلس التعاون الخليجي ضد الصواريخ الباليستية عرضتها الإدارة الأمريكية من قبل، مضيفًا أن المنظومة مجرد عرض واحد ضمن مجموعة إجراءات أمنية أخرى ستناقش في القمة. ورصدت شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية الجدل في الولاياتالمتحدة بشأن قمة كامب ديفيد، بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وقادة دول مجلس التعاون الخليجي والتي ستبدأ الأيام القادمة، وأشارت إلى تصريحات للسيناتور جون كيري رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي، والتي تحدث فيها عن أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عليه أن يعمل بشكل جاد لإقناع الحلفاء العرب بأن عليهم ألا يخافوا من أي اتفاق نووي مع إيران. وأضاف "ماكين" أنه حتى الآن، لا يشعر الحلفاء العرب بأنهم يتلقون الدعم من قبل الإدارة الأمريكية، وهو ما ظهر في قرار السعودية بشن عملية عسكرية في اليمن من جانب واحد، دون مشاركة الولاياتالمتحدة، وأبرز "ماكين" قيام المملكة بإخطار القيادة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، قبل ساعة من شنها لحملة عسكرية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. وتناولت الشبكة تصريحات السيناتور الأمريكي "ليندسي جراهام" رئيس اللجنة المشرفة على المساعدات الخارجية، والتي حذر فيها من تقديم أمريكا لحزمة مساعدات عسكرية ضخمة لدول الخليج، في مقابل كسب الولاياتالمتحدة لدعم دول الخليج بشأن الاتفاق النووي مع إيران، وأشار "جراهام" إلى أنه لا يعارض تحديث القدرات العسكرية للحلفاء العرب، لكن إذا كانت تلك الأسلحة مرتبطة بالاتفاق مع إيران، فإنه سيبذل كل ما في وسعه حتى لا تحصل الدول العربية على رصاصة أو طائرة واحدة. من جانبه تساءل "جون ألترمان" من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، عن طبيعة التطمينات التي بإمكان الولاياتالمتحدة تقديمها لدول الخليج عندما يتعلق ذلك بالتوسعات الإيرانية، وأشار "ألترمان" إلى أنه في الوقت الذي ترغب فيه دول الخليج في الحصول على تطمينات، فإن الولاياتالمتحدة غير مستعدة وأقل قدرة على تقديم تلك التطمينات، متوقعًا أن تنتهي قمة كامب ديفيد في النهاية بشعور الجميع بالقليل من عدم الرضى. *ترجمة "شؤون خليجية"