سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نصر الله .. أمين عام حدود إسرائيل والمتحدث باسم العدوان الإيراني على المنطقة رغم كل "الشعارات" لم يخف فرحته بتقارب إيران مع "الشيطان الأكبر" أمريكا... تركي التركي يكتب:
"عدوان سعودي - أمريكي"، "حرب الأغنياء على الفقراء"، شعارات ومظلوميات تعلمها نصر الله في الحوزات الثورية الإيرانية منذ صغره وما زال يرددها في خطاباته ومن خلفه كثير من الأتباع. فمحاربة إسرائيل الصهيونية ومعاداتها، والتحالف مع أمريكا "الشيطان الأكبر". من أبجديات هذا الخطاب سياسيا وإعلاميا. فإلى أين وصلت هذه الشعارات اليوم على أرض الواقع؟ سؤال يجب ألا تحجبه حنجرة نصر الله بغوغائيتها وصوتها العالي. خلايا إيران --------------- نصر الله الذي قضى جل شبابه وحياته متنقلا بين مدارس النجف العراقية وقم الإيرانية ما زال يؤكد "وطنية" حزبه اللبناني. في حين تشير كل الوثائق إلى أن فكرة حزبه ذاتها نشأت خارج الوطن إذ تعود إلى عام 1969 حين بدأ حزب الدعوة (ذراع إيران في العراق) بالتفكير في تفعيل "خلايا" له في لبنان ويقال إن الشيخ صبحي الطفيلي والإمام موسى الصدر إضافة إلى عدد من المشايخ الآخرين كانوا قد اجتمعوا في منزل محمد باقر الصدر في العراق وتباحثوا في هذا الأمر. أما التشديد على كون هذا التحالف أمريكيا سعوديا في وقت تتقارب فيه أمريكا مع إيران نوويا وتتخذ فيه السعودية قرارها منفردة بمشاركة دول عربية شقيقة. ففيه كثير من المغالطة والتضليل المقصودين، من قبل ثورة إيرانية وميليشيات تابعة لها نذروا حياتهم ومواقفهم "العلنية" من أجل التنديد بسياسات الغرب وعلى رأسهم من يصفونها ب "الشيطان الأكبر" أمريكا. بينما مواقفهم الضمنية والخفية تسعى منذ القديم إلى تقارب استراتيجي حان قطف ثماره اليوم. ومع ذلك تبقى الخطابات التلفزيونية والشعارات الملونة التي حشدت لها آلاف المواطنين والأتباع المخدوعين والمغرر بهم تندد وتردد "الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل". حارس حدود -------------- الموت لإسرائيل ذاتها التي لا ينكر الأمين الأول والمؤسس لحزب الله صبحي الطفيلي، في أكثر من لقاء، أن حزبه السابق أصبح حاميا وحارسا أمينا لحدودها بأمر إيران. وذلك في معرض اعتراضه على سياسات الحزب الذي خرج عن أداء دوره المقاوِم، بحسب الطفيلي. كل الشواهد التاريخية والحاضرة تؤكد اليوم أن حزب الله كغيره من الميليشيات الإيرانية في المنطقة - لم يكن سوى عصا في يد السياسات الإيرانية تجاه أمريكا، فمتى ما أرادت رفعتها ومتى ما أرادت حولتها إلى "جزرة" تزرعها كمكافأة على حدود إسرائيل، كما تفعل اليوم لتحصد مزيدا من التقارب. وهذا ما لم يرتضه الطفيلي، حينها، فما كان من إيران إلا أن دبرت له بمعرفة مجموعة من قيادي الحزب - بمن فيهم نصر الله الأمين العام للحزب اليوم - ما يستحقه من إقصاء ومكيدة، حتى بات خارج الحزب، بل مطاردا من قبل الحكومة اللبنانية بتهم متعددة. قوات الأممالمتحدة على طول الخط الحدودي أمام ملصق لحسن نصر الله. صبحي الطفيلي الذي فتح النار على قيادة حزب الله كان هو نفسه أول أمين عام لهذا الحزب الذي ظهرت بذوره الأولى في إيران وكان أيضا على رأس الحزب حين وقع الصدام مع التيار السياسي والأمني الآخر الكبير في الضاحية الجنوبية وفي الطائفة الشيعية اللبنانية أي حركة أمل المدعومة من النظام السوري. ولعله من اللافت أيضا أن هذا الخلاف اللبناني الداخلي (الشيعي - الشيعي)، الذي خلف مئات الضحايا، لم يحل وقتها إلا خارجيا وعلى طاولة حافظ الأسد بحضور الطفيلي ونبيه بري رئيس حركة أمل وبمباركة الطرف الإيراني الممول لحزب الله "اللبناني". "دور قذر" ----------- يذكر أن الأمين السابق للحزب صبحي الطفيلي كان من أوائل من استشرفوا نية إيران في التقارب مع أمريكا على حساب المكون السني في المنطقة محذرا من خطورة هذا التقارب واستغلاله طائفيا من قبل بعض الجماعات على أبناء الدين الواحد، حيث قال في أحد لقاءاته التلفزيونية (عام 2004) بعد تركه الحزب ما نصه: "اليوم هناك محاولة أمريكية لأن يلعب الشيعة دورا لمصلحة أمريكا في المنطقة وهناك جهات سُنية تراقب وتعتبر هذا الدور دور عمالة للكفر وجريمة ضد الإسلام وبالتالي الشيعة يلعبون دورا قذرا، نقول الأمور بوضوح، هذا الأمر قد يتفاقم ويصل إلى درجة يصبح قتل الشيعي وقتل الأمريكي سيان عند شريحة واسعة من المسلمين". من جهتها، تشير مراكز أبحاث أمريكية إلى أن هذا التقارب بدأ العمل عليه منذ زمن، لكن إيران لم تقطف ثماره كما يجب إلا بعد الفوضى التي أحدثها ما سمي الربيع العربي. واللافت أنه رغم الاستهداف المباشر من قبل إيران للسفير السعودي في عمق الأراضي الأمريكية (عام 2011)، ما يشير بوضوح إلى تغير حسابات إيران وأنها الآن أكثر استعداداً لشن هجوم داخل الولاياتالمتحدة نفسها. متظاهرون سوريون يحرقون صورة لنصرالله. إلا أن هذا لم يمنع تواصل التقارب وتأثيره في التقارير الاستخباراتية الأمريكية المعنية برصد التهديدات الأمنية المُحتملة أمريكيا ودوليا، ليرصد معهد واشنطن للدراسات تغيرا ملحوظا في نبرة هذه التقارير تجاه إيران وميليشياتها في المنطقة مقارنة بما كانت عليه هذه التقارير قبل سنوات ليست بالبعيدة. حتى أن "حزب الله" الذي صنف مرارا في هذه التقارير بوصفه جماعة إرهابية لم يذكر بين عامي 2014 و2015 إلا مرة واحدة وبشكل عابر. وفي الوقت الذي كانت فيه التقارير الماضية قد صوّرت طهران على أنّها تأثير خبيث ودولة راعية للإرهاب تسعى جاهدة لتقويض الولاياتالمتحدة وحلفائها، يُلقي أحدث التقارير ضوءاً مختلفاً. ليبتعد تركيز التقييم عن جهود طهران لتوسيع هيمنتها الإقليمية وتحوّل إلى اعتبار إيران حامية للشيعة المظلومين، التي تسعى إلى الحد من العنف الطائفي. فرحة نصر الله ----------------- إذن "العدوان" الحقيقي إيراني أمريكي، وبتواطؤ ممن ساهموا في تأجيج الاضطرابات العربية، وليس سعودي - أمريكي كما يصفه نصر الله وأتباعه، والشاهد على ذلك، بحسب ما سبق، أطراف أمريكية ولبنانية من داخل الحزب نفسه. أما المكاسب "النووية" والاقتصادية لإيران فواضحة اليوم وضوح الشمس ولم تعد تحتاج لكثير من التفكير والتأمل، وهنا ليس أبلغ من "فرحة نصر الله" نفسه بهذا التقارب مع "الشيطان الأكبر" إذ لم يفوت هذه الفرصة للتأكيد على أن اتفاق الإطار النووي الذي أبرمته إيران يبعد شبح الحرب الإقليمية. مضيفا في مقابلة مع قناة الإخبارية السورية "لا شك في أن الاتفاق النووي الإيراني ستكون له نتائج كبيرة ومهمة على المنطقة .. الاتفاق إن حصل إن شاء الله سيبعد شبح الحرب الإقليمية والحرب العالمية على منطقتنا وهذا من أبسط وأوضح الإنجازات حتى الآن". ولكن هذه الفرحة بالاتفاق الذي لم يتم بعد، تقابلها في الجهة الأخرى أبعاد طائفية تتجاهلها السياسات الأمريكية. فبينما يحاول هذا التحالف الأمريكي الإيراني وضع الكرة في ملعب السنة بحجج واهية مثل "داعش" و"القاعدة" فإنه يتجاهل دور النظامين الإيراني والسوري وحزب الله في التمهيد لصناعة مثل هذه الجماعات إما عملياتيا بتحرير قادتها من السجون كما فعل النظام الأسدي أو باحتوائهم وتوفير الغطاء والمأوى لهم كما يفعل النظام الإيراني، أو حتى مذهبيا بإشعال نار الفتنة كما يحدث في العراق وسورية، فيما تبقى اليمن مهددة بالأمر ذاته وأكثر، طالما أصرت إيران على مواصلة التدخل من خلال أتباعها وميليشياتها المسلحة، بتغاضي أمريكي يريد أن يلعب على الحبلين في منطقة مشتعلة أساسا ولا تحتمل أي تذاك دبلوماسي أو سياسي يبحث عن مكاسب انتخابية شخصية لا غير.