أقر مجلس الوزراء ميزانية الدولة للعام المالي 2015 والتي جاءت تحفيزية وضخمة وأبقت على الإنفاق عند مستوى مرتفع جداً سيلعب دوراً رئيسياً في دفع عملية النمو الاقتصادي في البلاد. وقال التقرير الذي أعدته دائرة الاقتصاد والبحوث في شركة جدوى للاستثمار، إن أبرز ما ورد في خطاب الميزانية انه لأول مرة منذ عام 2011، يتم إقرار ميزانية يتوقع أن تسجل عجزاً، وذلك بناءً على حجم إيرادات يبلغ 715 مليار ريال ومصروفات تبلغ 860 مليار ريال، وبقي قطاعا التعليم والرعاية الصحية يمثلان أهم بنود الإنفاق الحكومي في الميزانية، حيث شكلت مخصصاتهما نحو 43,8 بالمئة من إجمالي الإنفاق، وسيتم تمويل العجز بسهولة من خلال السحب على الموجودات الأجنبية الضخمة لدى مؤسسة النقد "ساما" التي بلغ إجماليها في نهاية نوفمبر 736 مليار دولار، كما أن الدين المحلي انخفض في عام 2014 إلى مستوى لم يشهده منذ فترة طويلة عند 44,2 مليار ريال، أي ما يعادل 1,6 بالمئة فقط من الناتج الإجمالي المحلي. رغم الظروف العالمية التي أدت إلى هبوط كبير في أسعار النفط، أبقت المملكة على سياستها في مواجهة آثار تقلبات الدورات الاقتصادية في ميزانيتها للعام 2015، وهي ميزانية تؤكد عزم الحكومة الاستمرار في دعم النمو الاقتصادي. ونعتقد أن الإنفاق الاستثماري المرتفع الذي قررته الميزانية في حدود 278 مليار ريال سيؤدي إلى دعم نمو اقتصادي قوي كما سيشجع القطاع الخاص ويتيح له فرصاً جيدة في وقت تسود حالة من عدم اليقين إزاء الأوضاع العالمية والإقليمية على حد سواء. وأضاف التقرير أن أداء ميزانية عام 2014 جاء عند أدنى مستوى من نطاق توقعات شركة جدوى وسجلت عجزاً قدره 54 مليار ريال، رغم أن أسعار النفط (99,5 دولاراً للبرميل من خام برنت) وحجم الصادرات (7,1 ملايين برميل في اليوم) كلاهما كان مريحاً خلال الفترة من بداية العام وحتى تاريخه، ويعود هذا العجز الذي يعتبر الأول منذ عام 2009 في المقام الأول إلى انخفاض إجمالي الإيرادات وكذلك زيادة المصروفات، هبطت الإيرادات الفعلية بأكثر من (9 بالمئة) مقارنة بالعام السابق، ولكنها لا تزال تتجاوز 1 تريليون ريال للعام الرابع على التوالي. كذلك سجلت المصروفات، التي ارتفعت بنسبة 12,7 بالمئة، أعلى نسبة نمو خلال الثلاث سنوات الماضية، وقد تخطت قيمتها حاجز ال1 تريليون ريال لأول مرة. وأظهرت البيانات الاقتصادية الأولية نمواً جيداً للاقتصاد خلال عام 2014، حيث ارتفع الناتج الإجمالي المحلي الفعلي بنسبة 3,59 بالمئة، كما حافظ القطاع الخاص غير النفطي على معدل نمو قوي بلغ 5,7 بالمئة على أساس سنوي، وتجاوزت معدلات النمو في قطاعات التشييد، والصناعة غير النفطية، والنقل والاتصالات مستوى 5 بالمئة على أساس المقارنة السنوية. كذلك أدت المستويات المرتفعة لإيرادات الصادرات النفطية إلى إبقاء فائض الحساب الجاري عند مستوى نمو برقم من خانتين، حيث ارتفع بنسبة 14,1 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي، أو بنحو 106,4 مليارات ريال. ويعتقد التقرير أن من شأن متوسط إنتاج عند مستوى 9,6 ملايين برميل يومياً، ومتوسط سعر عند 56 دولاراً للبرميل لسلة الخامات السعودية (نحو 60 دولاراً لخام برنت) أن يستوفيا الإيرادات النفطية المستخدمة في تقديرات الميزانية ويتوقع التقرير أن تتخطى كلاً من الإيرادات والمصروفات الفعلية في عام 2015 المستويات المقدرة في الميزانية، لذا نتوقع تحقيق عجز قدره 157,4 مليار ريال (6 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي)، وذلك بناءً على سعر للنفط في حدود 79 دولاراً للبرميل لخام برنت.