عبرت قوات عسكرية وآليات تابعة للجيش التركي إلى الأراضي السورية في عملية عسكرية أجلي خلالها حراس ضريح سليمان شاه، جد أول حاكم للدولة العثمانية، ونُقل رفاته. مراسل بي بي سي ماثيو ديفيس يبحث في أهمية هذا الموقع بالنسبة لتركيا. بلغت مساحة ضريح سليمان شاه حجم ملعب كرة قدم، وكان يعد أرضا تركية داخل سوريا، لكن أهميته السياسية والتاريخية تفوق كثيرا هذا الموقع الجغرافي المتواضع. كان شاه زعيما قبليا تركيا شهيرا عاش في الفترة من 1178 وحتى 1236، ووفقا لكتابات منقوشة على الضريح، فقد لقي مصرعه في نهر الفرات مع اثنين من رجاله. ويشكك البعض في الرواية الرسمية، لكن القصة توضح أن أتباع سليمان شاه تقدموا نحو الشمال لبناء تركيا الحديثة. وعليها أسس حفيده، عثمان الأول، الإمبراطورية العثمانية والتي وصلت في أوج قوتها في القرون التالية وسيطرت على مساحات واسعة من الأراضي عبر جنوب غرب أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا من عاصمتها في القسطنطينية (اسطنبول حاليا). وبدأت تتفكك الإمبراطورية العثمانية في مطلع القرن العشرين لتنبثق عنها الدولة التركية، وكان قبر الشاه الذي يمثل أهمية وطنية كبيرة يحظى بحماية وفقا لاتفاق يعود لعام 1921 بين تركيا وفرنسا، التي كانت تحتل المنطقة التي كان بها الضريح في ذلك الوقت، وتقع حاليا ضمن إقليم حلب. ومنذ هذا الوقت، احتفظت تركيا بحقها في وضع قوات في تلك المنطقة ورفعت علمها عليها، وتبعد 80 كيلومتر شمال الموقع الأصلي لدفن سليمان شاه، إذ غرق الموقع الأصلي بسبب فيضان تلى إنشاء بحيرة الأسد في عام 1974. وتمثل هذه المقاطعة التابعة لتركيا في الخارج قيمة عاطفية كبيرة للشعب التركي، ولكن في ظل حالة الفوضى التي تجتاح سوريا في السنوات الأخيرة، فإن هذا الموقع يحمل مغزى سياسيا متزايدا. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد حذر في أغسطس /آب 2012، عندما كان رئيسا لوزراء، جميع أطراف الصراع في سوريا من أن أي عمل ضد قبر شاه سيعد بمثابة اعتداء على الأراضي التركية وعلى حلف الناتو. وفي ظل تقارير حول وقوع أربعين جنديا تركيا يحرسون الضريح في حصار لمقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية"، فإن البرلمان التركي وافق استخدام القوة ضد مسلحي التنظيم. ومن ناحية أخرى، فإنه على الرغم من انضمام تركيا مؤخرا إلى الولاياتالمتحدة في تدريب بعض أفراد المعارضة السورية عسكريا على قتال الرئيس بشار الأسد، تحرص أنقرة عدم توسيع دورها في الحملة العسكرية التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد "الدولة الإسلامية." مقر القبر الجديد --------------------- ويقول مراسلون إنه إذا كان قبر سليمان شاه قد تعرض لهجوم، فإن الحكومة التركية كانت ستجد صعوبة كبيرة في عدم التدخل عسكريا بقوة ضد التنظيم في سوريا، خاصة في ظل ضغوط من الرأي العام الداخلي. ويرى محللون أتراك أن حقيقة نقل القبر وإخلاء الجنود الأتراك أنقذ الحكومة من الأزمة. وقال رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو عن العملية :"وجهنا القوات المسلحة التركية لحماية قيمنا الروحية وسلامة جنودنا." وبثت وسائل الإعلام التركية صورا لثلاثة جنود أتراك يرفعون العلم التركي على موقع بالقرب من الحدود التركية، والذي من المتوقع أن يكون مقر جديد للضريح، وتأمل السلطات أن يكون المقر الأخير لجثمان سليما شاه.