لا يخفى على أي متابع للعدل والعدالة وسير المحاكم في المملكة التغير الذي شهده عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمة الله-، الذي شدد على سير العدالة والحفاظ على حقوق المواطنين عبر المشاريع والأوامر الملكية السامية التي وجه بها إلى القضاة. وأكد في أحد أقواله في العدل أن من حق كل مواطن أن يضرب بالعدل هامة الجور والظلم، وأن يسعى إلى التصدي لدوره مع المسؤولية تجاه الدين والوطن وتجاه المواطنين، وأن يدفع بكل قدرة يمده بها الخالق كل أمر فيه مساس بسيادة الوطن ووحدته وأمنه، واضعاً نصب عينيه الأمانة التي حمّله إياها العزيز القدير، وفي عهده حررت أراض كثيرة من الشبوك. كما أنشئ مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير القضاء، الذي وضعت أهدافه منذ إنشائه، وهي تطوير آليات العمل وإجراءات التقاضي والتوثيق بما يحقق مزيداً من الضمانات اللازمة لحسن سير العدالة، ويؤدي إلى سرعة الإنجاز والفصل في الخصومات وفق ما جاء به الشرع المطهر، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة مرعية، وتنفيذاً لما تضمنه نظام القضاء الجديد وآلياته التنفيذية الذي تميز بسمات، منها رفع مستوى الضمانات القضائية من خلال تعدد درجات التقاضي، وإيجاد محاكم الاستئناف والمحكمة العليا، والعمل بمبدأ التخصص النوعي في نظر القضايا من خلال المحاكم المتخصصة: التجارية والعمالية والجزائية والأحوال الشخصية ودوائر المرور، والإنهاءات في المحاكم العامة، وإرساء وحدة التقاضي بضم اللجان شبه القضائية إلى المحاكم المتخصصة، وتفعيل قضاء التنفيذ وآلياته، ما يتطلب معه مراجعة شاملة ودقيقة للعملية القضائية، وذلك بتهيئة البيئة العدلية الملائمة لدور القضاء، والتوثيق وتوفير القوى البشرية وإعادة درس الهياكل التنظيمية والنماذج والإجراءات، وإيجاد الإدارة القضائية الناجحة بما يحقق سهولة الإجراء وسرعة الأداء. وأكد عضو المجلس الأعلى للقضاء رئيس لجنة آلية تنفيذ القضاء الشيخ محمد أمين مراد أن إنجازات الملك الراحل في القضاء كثيرة ولا تحصى، وإن كان أبرزها نظام القضاء الذي صدر عام 1428 وآلية تطبيقه، وتحديث نظامي المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية ولوائحهما التنفيذية، ومشروع خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء، وإنشاء المحاكم المتخصصة، والنقلة النوعية باستخدام التقنية في جميع إجراءات العملية القضائية والعدلية، وترسية إنشاء عدد كبير من مباني المحاكم، وزيادة أعداد القضاة، والبرامج التدريبية لهم ولجميع الموظفين في جهاز العدالة، وموافقته على إنشاء معهد التدريب العدلي التابع لوزارة العدل، وأمره أخيراً بتكوين لجنة خاصة بتدوين الأحكام الفقهية لتكون الأحكام الفقهية واضحة وجلية للعموم وملزمة للقضاة، للأخذ بها في أحكامهم. وأكد مرداد أن النقلة النوعية التي حصلت في مرفق القضاء بإشراف الملك الراحل ومتابعة خاصة من لدن خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز الذين أولوا القضاء والقضاة ولا يزالون جل عنايتهم ورعايتهم، وإن وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور محمد العيسى والفريق الذي معه كانوا ولايزالون يتلقون التوجيهات المباشرة من القيادة لبذل الجهد لتطوير مرفق القضاء والرقي به، لكي يكون نموذجاً يفتخر به في العالم. وبيّن المستشار القانوني مستشار التحكيم الدولي عضو منظمة التحكيم الدولية - بروكسيل عضو برنامج الأمان الأسري في الحرس الوطني محمد الوهيبي أن الملك عبدالله نهض بالمنظومة العدلية بالمملكة، وكان مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء الثمرة التي زرعها رحمه الله، وسنظل نقطف ثمارها أجيالا مقبلة، فما قدمه رحمه الله من دعم وتطوير واستحداث أنظمة لم تسبقنا به دول كانت في الماضي تسبقنا كثيراً، لن تنسى المنظومات العدلية بالدولة هذا الرجل الذي رفع من الشأن العدلي واستقلالية القضاء، وسمح لبناته نساء هذا الوطن أن يكنّ جزءاً مهماً في منظمات الدولة كافة، وأهمها المنظومة العدلية، صدرت أنظمة لحماية أطفالنا، وصدرت أنظمة لحماية أعراض المسلمين، وبصدور المراسيم الملكية بتاريخ 18-1-1435 الموافق 22-11-2013 بالموافقة على نظام المرافعات الشرعية، ونظام الإجراءات الجزائية، ونظام المرافعات أمام ديوان المظالم، بوصفه جزءاً متمماً لصدور كل من نظام القضاء ونظام ديوان المظالم عام 1428-2007، اكتملت لدينا الهيكلة القضائية الجديدة، وأن مسيرة الإصلاح والتطوير هي مسيرة مستمرة لما فيه خير العباد والبلاد بقيادة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز خير خلف لخير سلف، وليعبر ذلك عن مبدأ راسخ تنتهجه حكومتنا، وهو المحافظة على الثوابت ومواكبة المتغيرات، وهو مبدأ يعطي المملكة القدرة على التعامل مع مستجدات العصر الحديث وبناء مؤسساتها الدستورية بسلطاتها كافة، التشريعية والقضائية والتنفيذية، انطلاقاً من مبدأ ثابت وقاعدة مستمرة، فحواهما الارتباط بالثوابت والقيم والأصول المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، التي تمثل دستور البلاد وأساس تعاملاتها الحياتية المعاصرة، وفي الوقت نفسه البعد عن الجمود، وتقديم ما يتماشى مع النقلات النوعية والحضارية التي مرت وتمر بها السعودية، والتي كان لها إفرازاتها على الحياة بمختلف مناشطها.