كشف رئيس محكمة الاستئناف في الرياض وعضو المجلس الأعلى للقضاء الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد، أن مطلع العام المقبل سيشهد انطلاقة محاكم الاستئناف وفق صيغتها الإجرائية الجديدة، والتوسع في إنشاء المحاكم المتخصصة التي يُعَوَّل عليها في تسريع إجراءات التقاضي من خلال التخصص النوعي في نظر القضايا، وأضاف «الخطوة ستحدث نقلة كبيرة في مسيرة تطوير القضاء وتلبية متطلبات البيئة العدلية، خاصة وأننا كان يعاب علينا التوسع في عمل اللجان القضائية»، مؤكداً أن تطوير وتحديث منظومة القضاء هو تطوير للأنظمة الإجرائية، أما ما يتعلق بالقضاء فهو من الثوابت الراسخة التي لم تتغير ولن تتغير لأنها تتصل بالتشريع والأحكام المستمدة من الكتاب والسنة المطهرة. جاء ذلك خلال حديثه في اللقاء المفتوح الذي نظمته لجنة المحامين في غرفة الأحساء مساء أمس الأول، تحت عنوان «إضاءات على الأنظمة القضائية الجديدة وحركة التطور والتحديث في القطاع العدلي». وقال الشيخ الحميد إن إقرار أنظمة المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية والمرافعات أمام ديوان المظالم مؤخراً سيسهم في تكملة منظومة التطوير والتحديث القضائي في المملكة، ويدعم مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء كونها أرست مبدأ التخصص النوعي للمحاكم، وهي «المحاكم العامة والمحاكم الجزائية ومحاكم الأحوال الشخصية والمحاكم العمالية والمحاكم التجارية»، وبينّت إجراءات التقاضي أمامها لتباشر أعمالها وفقاً لما تضمنته آلية العمل التنفيذية لنظامي القضاء وديوان المظالم، وهو ما سينعكس إيجاباً على سرعة البت في الدعاوى. ونوه إلى أن صدور نظام قضاء التنفيذ الذي يُعد جزءاً أصيلاً من القضاء ومرحلة مهمة من مراحله، سيحدث نقلة نوعية كبيرة في تطوير مرفق القضاء السعودي، خاصة بعد استكمال منظومته الفنية والإدارية والتنفيذية التي ستدعم بأربعة آلاف وظيفة جديدة، فهو يصون العدالة ويحققها ويجعل للأحكام قوة ويضع الضمانات الكفيلة بسرعة اقتضاء الحقوق من المدانين بها جبراً عنهم، ما يسهم في إنهاء كثير من القضايا التي كان يطول النظر في موضوعها قبل الفصل فيها، ويخفف العبء على المحاكم. وبيّن الشيخ الحميد أن العدالة تتطلب حكماً عادلاً ناجزاً وتنفيذاً سريعاً يباشره القضاء، وهذا يترجم مفهوم تحقيق الخدمة العدلية المتكاملة، مشيراً إلى أن وزارة العدل قامت بإسناد قضاء التنفيذ بالخدمات الإلكترونية وتوفير المتطلبات الإدارية المساعدة، مؤكداً أن حرص المملكة على هذا الأمر ينطلق من حرصها على احترام الأحكام القضائية وسرعة تنفيذها والقضاء على كافة أشكال المماطلة والتأخير بتوفير كافة الضمانات التي من شأنها القضاء على أي سلبية قد تطال سرعة تنفيذ الأحكام القضائية. وتحدث الحميّد عن استقلال القضاء في أحكامه، وعدم التأثير عليه من أي جهة، وأن نظام القضاء تضمن إيجاد ضمانات هذا الاستقلال، منها عدم قابلية القضاة للعزل إلا في الحدود المبينة في نظام القضاء، وعدم جواز نقلهم إلى وظائف أخرى إلا برضاهم أو بسبب ترقيتهم، وعدم جواز مخاصمة القضاة بسبب أعمال وظيفتهم إلا وفق شروط وقواعد نظام القضاء، مؤكداً توفر كافة ضمانات العدالة وكفالة حق التقاضي للجميع. وأكد أن الإعلام أحد مصادر الحقيقة التي يبحث عنها الجميع، وأنه يقوم بدور رقابي مهم ولا يخاف من كلمته الصادقة إلا المسيء، مبيناً أن مبدأ العدالة العام يفرض عدم تدخل الإعلام في عمل القضاء وأحكامه أو التأثير على مجريات التقاضي وإجراءات سير الدعاوى، بل تجب محاسبة أي إعلام يتجاوز الحدود المسموح بها. وعن البَدائل الجزائية، أوضح أن القضاءَ السُّعودي يحتفي كثيراً بالعُقوباتِ البديلة؛ إيماناً منه بأن المقصود ليس مجرد إيذاء المدان أو تقييد حريته، بعيداً عن إصلاحه، وإعادة تأهيله ما أمكن ذلك، مضيفاً أنه صدرتْ عدّةُ أحكام جَزائية بها، تحملُ في طيَّاتها مضامين إصلاحية، وذلك فيما يمكنُ الحكم فيه بهذه البدائل حسب كل واقعة، مشيراً إلى أن أكثر الأحكام البديلة تتركز على إلزام المدان في جرائم جزائية بتقديم خدمات اجتماعية وخدمات عامة.