أكد القاضي في محكمة الاستئناف في دبي، المستشار أيسر فؤاد، أن هناك إشكالات قانونية حول تجريم تعاطي «المخدرات الرقمية»، في حال إثبات وجودها. وشدّد في محاضرة ألقاها، أول من أمس، في معهد دبي القضائي، على أنه في حال بقيت الحال عما هي عليه، ولم يصدر ما يؤكد أو ينفي وجود هذه الظاهرة، فإنه لا يمكن معاقبة الأشخاص الذين يتعاطونها، لأنه وفقاً للمبدأ القانوني فإنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني. وأكد فؤاد، أن «ما يقال حول هذا الموضوع حالياً مجرد اجتهادات، إلى حين ظهور بحث علمي تشارك فيه كل الجهات المعنية، يؤكد أو ينفي وجود مثل هذا النوع بما يسمى ب(المخدرات الرقمية)، مبيناً في الوقت ذاته أنه حتى في حال تم تأكيد وجود مثل هذا النوع من المخدرات، فإنه من المؤكد ستكون هناك إشكالية قانونية تتمثل في الإثبات، وذلك في حال القبض على شخص يستمع لمثل هذا النوع من الموسيقى بغية تقديمه للعدالة». وقال إنه من ناحية أخرى، فإن قانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، نص في مواده على أن المخدرات هي مادة، أي أنها شيء ملموس، مبيناً أنه في مثل حالة المخدرات الرقمية، كيف سيتم تعريف هذه الملفات الصوتية على أنها مادة، وهي في الأصل غير ملموسة. وتابع أنه «علمياً، أن الملف الموسيقي يؤدي إلى التأثير في صحة الإنسان، ولابد من رجال التحقيق عند قبضهم على شخص يستمع لذلك الملف، أن يثبتوا في البداية التأثير الذي أدى اليه استماع ذلك الشخص للملف الموسيقي، وتبيان آثاره الصحية، لكي نقول إننا نقدر على مواجهته قانونياً، بالإضافة إلى وجود الملف الذي تم استخدامه كدليل من الناحية الفنية، وأنه ادى إلى التأثير في الشخص الذي تعاطاه». وبين أن الإشكالية القانونية الأخرى التي يمكن أن تواجه سلطات التحقيق والسلطات القضائية، تتمثل في أنه لا يمكن للملف الصوتي التأثير في المتعاطي الإ بوجود السماعات الخاصة لذلك، فذلك يؤدي إلى عدم امكانية محاسبة من روج لهذه الملفات، كونها لم تكن جريمة لولا وجود السماعات، فيفلت ذلك المروج من العقاب». وقال فؤاد، إن المواد المخدرة عندما يتم تجريمها، فأنه يتم وضعها في جداول من قبل وزارة الصحة، التي تضيف أي مواد ترى أنها مخدرة ليتم اعتبارها ممنوعة، ويمكن بعدها تطبيق القانون على المخالفين، مبيناً أنه في السابق، لم تكن أقراص «الترامادول» مدرجة في الجدول، وعند احالة المتهمين إلى المحكمة بتهمة تعاطي مثل تلك الأقراص، فإن قرار المحكمة يكون تبرئتهم، لعدم وجود عقوبة، وذلك بمجرد أن يقول المتهم أمام المحكمة إنه تناوله بقصد التعاطي، أما بعد إدراج تلك الأقراص في الجدول، أصبحت هناك عقوبة تكون بحدها الأدنى للمتعاطي الحبس سنة. وأضاف أنه في الوقت الراهن فإن استخدام الشباب للسماعات بات منتشراً بكثرة، بحيث سيؤدي ذلك إلى إشكالية تتعلق في ما اذا كان ذلك الشاب فعلاً يستمع إلى موسيقى عادية أم مؤثرة، وبالتالي فإن هذه الملفات يصعب جداً السيطرة عليها. وقال إنه على الرغم من عدم وجود دراسات علمية، من جهات رسمية حول هذه المواد التي يتم تحميلها كملفات صوتية من مواقع إلكترونية ويتم الاستماع إليها بسماعات، خصوصاً لتعطي الشخص المستمع تأثير المواد المخدرة نفسه، إلا أنه يجب استشراف المستقبل، ويحتم على الجميع عدم إغفال خطورة مثل هذا النوع من المخدرات، الذي من المؤكد أن مروجي المخدرات الحقيقيين هم من يقفون وراءه لاستدراج الأشخاص إلى الإدمان الحقيقي. وقال: «نحن أمام أمر قد يتحول إلى كابوس حقيقي، وأن نقول إنه ليس هناك إشكالية فلا يمكن ذلك، وفي الوقت نفسه يجب ألا يتم التهويل في هذا الأمر، بحيث يصبح ظاهرة في ما بعد». وأكد أنه ليس هناك شك في مدى تأثير مثل هذه الملفات الموسيقية في صحة الإنسان وسمعه، وما ينتج عن الاستماع إليها من تشنج، والذي لا يمكن استبعاده. وأشار إلى أنه رغم عدم وجود دراسات علمية تؤكد وجودها، وتشريعات تجرم هذه المخدرات، إلا أن القانون يحاسب الأحداث «المعرضين للانحراف»، بعد التأكد من أنهم كانوا على علم بأن ملف «المخدرات الرقمية» مقصود به تعريضهم للتخدر والإضرار بالعقل، فيمكن مواجهتهم بنصوص القانون، حتى وإن لم يكن هناك تشريع يجرم تعاطي مثل هذه المادة، مشيراً إلى أن العقوبة ستشمل أيضاً من روّج للملف كونه أضرّ الحدث.