حصل أحد طلاب الدراسات العليا في جامعة أم القرى بمكة المكرمة على درجة الماجستير في التربية من كلية التربية رغم كون الرسالة العلمية التي تقدم بها إلى القسم المختص مسروق نصفها تقريباً ( بالحرف الواحد ) من رسالة أخرى قريبة من عنوان الباحث ومع ذلك أكمل الطالب البحث وحصل على الدرجة العلمية بتقدير ممتاز دون تمحيص من القسم المختص في الكلية أو تدقيق. وتعتبر السرقة العلمية محرمة شرعا ونظاما ومع ذلك أقدم عليها الباحث متجاوزا ما ينبغي أن يحمله من قيم ومبادئ وأمانة البحث العلمي ودون الإشارة إلى المصدر الذي نقل منه رغم كثرة ما اختلس منها حرفيا . وعلق الشيخ محمد المسند على أهمية الأمانة العلمية في البحث العلمي بقوله: ( الأمانة العلمية تقتضي نسبةَ كلِّ قولٍ إلى قائله ، وكلَّ جهدٍ إلى باذله أياً كان الجهدُ أو القائل، وإنّ تعمد الإخلال بذلك دليل على الإفلاس ، وحبُّ الشهرة والظهور على حساب الآخرين ، وقد ورد في الحديث الشريف : (( المتشبع بما لم يُعط ، كلابس ثوبي زور )) . ويضيف الدكتور المسند موضحا صور الخيانة العلمية ( وصور الإخلال بالأمانة العلمية كثيرة جداً ، فمنها أن يعمد الإنسان إلى كتاب ما، فينقل منه نصاً أو فصلاً دون أن يُشير إلى ذلك في موضعه، وأقبح منه أن يعمد إلى عدة كتب ، أو أجزاء من كتابٍ واحد ، فينشرها مع غيرها في كتاب واحد باسمه هو ، وبعنوانٍ مقارب ، دون أن يُشير إلى ذلك ، وربما أضاف إليها صفحاتٍ معدودة من عنده، نقلها من هُنا أوهناك ليبرر لنفسه هذا العمل ، أو ليوهم القارىء أنَّهُ بذل جهداً .) وحول معرفة الدوافع التي تقود الباحث لمثل هذه الطريقة قال: (أمَّا الدوافع لمثل هذا العمل ، فمن أهمها ما ذكرته أنفاً من حبِّ الظهور والشهرة على حساب الآخرين، ومنها الحسد الذي يقعُ كثيراً بين الأقران، فيحملُ ذلك على كتمان جهودهم وإخفائها، ومنها الإفلاس ، فيلجأ إلى سرقةِ جهودِ الآخرين بشكلٍ فج، ثم يغفل الإشارة والإحالة إليها في موضعها حتى لا يفتضح أمره ، ويعلم الجميع إفلاسه، ومنها الكسب المادي، كما تفعل بعض دور النشر، إلى غير ذلك من الدوافع . ) وبسؤال وجه لفضيلة القاضي بالمحكمة العامة بالرياض د / سليمان الماجد حول حكم كشف السرقات العلمية أجاب مبتدأ : (فينبغي إذا ضمَّن المؤلف كتابه كلاماً لغيره أن يعزوه له، ولو كان نقلاً يسيراً، من باب نسبة الفضل لأهله، فكيف إذا كان كتاباً بأكمله؟!، هذا لا يسمى تأليفاً، بل يسمى سرقةً، ويخشى على يفعل ذلك أن يصدق عليه قوله – صلى الله عليه وسلم-: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور"، رواه البخاري (5219)، ومسلم (2130) عن أسماء –رضي الله عنها-. وأن يصدق عليه قوله تعالى: "لا تحسبن الذي يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم"[آل عمران: 188]. ثم أضاف في نهاية حديثه .. و إن لم ينتصحا، ويفعلا ما شرطتم عليهما من سحب الكتاب، والتصدق بقيمته، ويتوبا إلى الله، فلكم حينئذ أن تشهروا بهما، وتفضحوهما على رؤوس الأشهاد، وأن تُشعِروا صاحبَ الكتاب المسروق بالأمر، ليقيم دعواه عليهما، ويأخذ حقه منهما، والله أعلم، - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-. ) والعجيب في الأمر أن إجراءات نقل هذا الطالب من عمله السابق للعمل محاضرا في نفس الكلية تسير على قدم وساق ، وربما يتم تعيينه قريباً !! فيما شدد أكاديميون على ضرورة المتابعة والتمحيص لما يقدم من بحوث علمية عملاً بمبدأ الأمانة العلمية وحفظا لجهود الآخرين كما طالبوا بالتصدي لمثل هذه الأفعال المؤلمة التي تسئ لسمعة الباحثين والبحث العلمي. وتحتفظ أنباؤكم بإسم الباحث وبنسخة من الصفحات التي وضعها من دون الإشارة إلى المصدر كما تحتفظ بالصفحات الأخرى من النسخة المسروقة للباحث الأصلي واسمه .