أسعار النفط فقدت 20% من قيمتها هذا الأسبوع ودخلت مرحلة تعرف باسم »سوق الدببة«، نسبة إلى الطريقة التي يصيد بها الدب فريسته بضربها للأسفل بمخالبه، وهي مرحلة تدل على الهبوط الشديد. وبحسب تقرير "مكة أون لاين"، فإنه ومع كل هذا القلق، إلا أن وزير البترول السعودي المهندس علي النعيمي لا يبدو منزعجا أو قلقا، بل إنه يدعو الصحفيين إلى تجنب القلق على الأسعار، لكن تصريحات النعيمي أزعجت الأمير الوليد بن طلال الذي اعتبر في رسالة نشرها أمس أن هذه التصريحات غير مناسبة في الظروف الحالية للأسعار، ويجب على كل المواطنين السعوديين والمسؤولين أن يقلقوا حيال الانخفاض والدخل الذي تفقده المملكة جراء ذلك. وقال الأمير الوليد في رسالة مفتوحة إلى النعيمي ووزراء آخرين «نود أن نعبر عن دهشتنا واستغرابنا، بل واستنكارنا» لتصريحات نقلت عن النعيمي وتهدف إلى»التقليل أو التهوين من الآثار السلبية الكبيرة التي ستلحق بميزانية واقتصاد السعودية من جراء التراجع الكبير في أسعار النفط». والوليد الذي يتكلم من مصلحة وطنية، كما يقول في رسالته، لم يحلل أسباب انخفاض الأسعار، ولم يناقش الأسباب التي قد تجعل النعيمي متفائلا بخصوص ارتفاعها، مما يجعل رسالته تحذيرا للمسؤولين ليس إلا. مطلب مشتركون ========= ادى الوليد بوجوب الابتعاد عن الاعتماد على النفط، وهو أمر شاركه فيه النعيمي في عدد من التصريحات السابقة. أما فيما يخص السياسة البترولية السعودية والأسعار فالمملكة لا تزال في مأمن من تقلبات الأسعار الحالية وإن كانت خسرت جزءا من دخلها جراء الانخفاض. وبلغ سعر خام برنت أكثر قليلا من 88 دولارا للبرميل أمس، وهو أدنى مستوياته في نحو أربع سنوات، إلا أنه لا يزال فوق أو عند المستوى المطلوب لتعادل الميزانية السعودية. ويضغط السوق بشدة على الأسعار من أجل أن تقوم السعودية وأوبك بخفض إنتاجها الآن. المملكة والكويت غير مكترثتين بالهبوط، ولا تزالان ماضيتين في الإنتاج بنفس الكميات بناء على الطلب الذي يصل إليهما من العملاء. وقد يؤدي خفض إنتاج المملكة إلى تراجع حصتها السوقية، وهو أمر بإمكانه أن يسبب ضررا أكبر في المستقبل من الضرر الحالي المتعلق بفقدان الدخل فوق الحاجة للمملكة الذي تتحصل عليه بسبب بقاء الأسعار فوق 100 دولار. وتحتاج المملكة إلى سعر نفط تحت 90 دولارا هذا العام لكيلا تشهد ميزانيتها عجزا، وهذا أمر في طريقه للتحقق، نظرا لأن أسعار النفط ظلت فوق 100 لمدة 8 أشهر كاملة، أي أكثر بكثير مما تحتاجه الميزانية. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن سعر النفط الذي يصل بالميزانية السعودية إلى نقطة التعادل يبلغ 86.1 دولارا للبرميل في عام 2014. أما فيما يتعلق بالأسعار للسنة المقبلة فأوضحت بعض المصادر في القطاع النفطي السعودي تحدثت مع «مكة» أن الهلع أكبر من اللازم، لأن الأسعار لم تهبط كثيرا عن المستوى المطلوب للميزانية. ولرجل مثل النعيمي فإن صراع السوق والأسعار ليس بالمشكلة الجديدة، فهذا أمر تعود عليه خلال الأزمات السابقة مثل الأزمة الآسيوية في1997 ، أو الأزمة المالية العالمية في 2008. الآن المخاوف حيال وفرة المعروض في السنوات المقبلة وتراجع الطلب على نفط السعودية وأوبك لا تزال قائمة، وهو ما يجعل تركيز المملكة على حماية حصتها السوقية أكثر من حرصها على حماية الأسعار أمرا مبررا. ويقول أحد المصادر:»الأسعار لن تهبط للأبد، فالمنتجون الكبار لا بد أن يحموها، كما أن إنتاج الولاياتالمتحدة سيتأثر تحت 80 دولارا، وهو ما يجعلها تدعم استقرار السعر». التهوين كارثة =========== أما فيما يتعلق باعتماد الدولة على النفط والحاجة لترشيد الإنفاق الحكومي فإن قلق الوليد يعكس قلق فئة كبيرة من المواطنين. وكتب الأمير في رسالته أن 90 % من ميزانية الدولة لعام 2014 تعتمد على النفط، فهذا التهوين هو بحد ذاته كارثة، لكن إذا سجلت السعودية عجزا فإنه لن يكون أمرا كارثيا للحكومة، حيث تتمتع المملكة باحتياطيات كبيرة قدرها معهد صناديق الثروة السيادية بنحو 750 مليار دولار، ومن شأنها أن تساعدها على تجنب أي تقلبات حادة في أسعار النفط خلال العامين المقبلين، وهي مدة كافية لتحكم السعودية قبضتها على حصتها السوقية أمام الدول الأخرى خارج أو داخل أوبك. ونزلت ديون الدولة إلى 2.7 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2013 ، وهو أحد أدنى مستويات الديون الحكومية في العالم. ولن يؤدي انخفاض أسعار النفط مباشرة إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي لن يتباطأ إلا إذا انخفض الإنتاج أيضا، وعلاوة على ذلك بدأ القطاع الخاص غير النفطي بالسعودية. ويبدو إلى الآن أن الكفة تميل لنظرة المملكة للحفاظ على حصتها في الأمد البعيد بدلا من حماية الأسعار والتي ستفيد المنتجين المنافسين لها أكثر مما تفيد المملكة.