تحقيقات - الراي الكويتية : أثار بث حلقة من البرنامج الفضائحي «أحمر بالخط العريض» الذي تبثه قناة L.B.C اللبنانية وظهر فيه الشاب السعودي مازن عبدالجواد يحكي تجاربه الجنسية صدمة كبيرة بل غير مسبوقة في المجتمع السعودي المحافظ مازالت تداعياتها تتوالى حتى الآن. وفي حين التزمت القناة الصمت حتى الآن تم القبض على الشاب السعودي ويجري التحقيق معه حاليا تمهيدا لمحاكمته بعد رفع مئات الدعاوى ضده وقد تصل العقوبة إلى حد الإعدام بتهمة إشاعة الفاحشة في المجتمع أي حد الحرابة إذا ثبت أن الشاب لم يتم التغرير به من قبل القناة كما يدعي. ومن التداعيات الأخرى قرار السلطات السعودية إغلاق مكتبي القناة في كل من جدةوالرياض ووقف التعامل معهما نهائيا وعدم السماح لهما ببث أي مواد مباشرة أو غير مباشرة من السعودية. واعتبر العديد من المراقبين ورجال دين أن هذه الحلقة تعد بمثابة حلقة في سلسلة المحاولات الحثيثة التي دأبت القناة اللبنانية ووصيفتها السعودية روتانا منذ اندماجهما قبل نحو ثلاث سنوات على القيام بها لإحداث تغييرات دراماتيكية في العادات والتقاليد السعودية المحافظة التي توصف أحيانا ب«التشدد» من قبل البعض بسبب المغالاة أحيانا في التمسك بهذه العادات والقيم النابعة من الدين الإسلامي. وقال الدكتور محمد النجيمي عضو مجمع الفقه الإسلامي وأستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الملك فهد الأمنية ل «الراي» إن «بعض القنوات التي يملكها سعوديون ليس فقط روتانا أو إل.بي.سي ولكن حتى العربية أو قنوات m.b.c الأربع يتوجهون للمجتمع السعودي ببرامج ضد ثوابته وقيمه وتقاليده الفاضلة التي فيها التزام بالعفة». وأضاف النجيمي خلال تعليقه على حلقة برنامج «أحمر بالخط العريض» التي بثتها قناة ال L.B.C وتسببت في هذه الضجة غير المسبوقة وكذلك بعض البرامج التي تبثها قناة «روتانا» للأسف ما نشاهده ليس في هاتين القناتين فقط بل في قنوات m.b.c الأربع هي في معظمها برامج ضد الأخلاق والفضيلة التي يتميز بها المجتمع السعودي، لكن برنامج «أحمر بالخط العريض» أثار ضجة فقط بسبب الجرأة غير المسبوقة التي يتميز بها خصوصا في حلقته الأخيرة. وأشار النجيمي إلى أن «الإعلام الخاص الذي يملكه سعوديون إعلام غير منضبط بل وغير مستقيم إعلام يحارب الفضيلة والأخلاق». ودعا النجيمي السلطات السعودية إلى «اتخاذ إجراءات أشد بحق هذا الإعلام غير المنضبط أشد من مجرد إقفال مكاتب هذه القنوات غير المنضبطة بل إلى محاسبتها قضائيا على بعض البرامج التي تبثها وتستهدف إشاعة الفاحشة في المجتمع وهدم قيمه حتى يحافظ على هذه القيم والتقاليد». وهل تأتي حلقة «أحمر بالخط العريض» ضمن سلسلة المحاولات التي تقوم بها روتانا لتغيير قيم المجتمع ومنها محاولة إدخال السينما التي يقف وراءها الأمير الوليد بن طلال قال النجيمي «مع احترامي للأمير الوليد فهو لا يملك مثل هذا القرار بإدخال السينما في السعودية وتصريحاته في هذا الإطار لا تعني أحدا فمن يملك القرار هي السلطات الرسمية أي أن القرار هو قرار حكومي ولا يستطيع هو ذلك». ووجه النجيمي نداء إلى الأمير الوليد بن طلال «أن يضبط هو أولا قنواته الفضائية ويهذب ما يبث فيها من برامج هي في معظمها ضد قيم المجتمع خصوصا أن الأمير الوليد رجل له باع في العمل الخيري ويدعم الجمعيات الخيرية». ورأى انه «إذا لم تلتزم قنوات روتانا بضوابط وقيم المجتمع السعودي فيجب معاملتها على الأقل كما تم التعامل مع القناة اللبنانية بإغلاق مكاتبها في السعودية». من جهته، قال المحامي سليمان الجميعي ل «الراي» «إن إغلاق مكتبي القناة في السعودية جاء بعد الدعاوى التي رفعها ضد القناة أمام وزارة الإعلام السعودية»، ولفت إلى أنه «لا يترافع في هذه القضية عن الشاب مازن عبدالجواد فقط وإنما عن المجتمع السعودي بأكمله الذي أساءت القناة أولا إليه وليس الشاب الذي كان مجرد أداة استغلتها القناة لأهداف خبيثة». ورفض المحامي في هذا السياق تسمية موكله ب«المجاهر», مشيراً إلى أن موكله موقوف لدى الجهات الأمنية للتحقيق معه لكن القضية أو محاكمة الشاب لم تبدأ حتى الآن. وأوضح المحامي سليمان الجميعي أنه تقدم بلائحة دعوى لوزارة الإعلام السعودية يطالبها بضرورة مثول مندوب من تلفزيون LBC أمام لجنة النظر في مخالفات النشر بالوزارة لتتم مواجهتهم ومحاكمتهم إزاء إقدامهم على نشر مثل تلك البرامج الهدامة التي تساهم في نشر الرذيلة والمعصية. وأشار الجميعي إلى أنه لا يترافع عن مازن وحده، بل يترافع عن قضية مجتمع بأسره, مبيناً أن إغلاق مكتبي القناة في الرياضوجدة جاء بعد رفع الدعوى التي تقدم بها لوزارة الإعلام, ممتدحاً هذه الخطوة لوزارة الإعلام. وأوضح الجميعي أنه قوبل بالاحترام والتقدير من الجهات المختصة في السعودية عند تسلمه قضية موكله, نافياً أن تكون هناك ضغوط مورست ضده للتراجع عن الترافع في القضية. وإذا كان الفساد موجودا في المجتمع السعودي كما غيره من المجتمعات العربية والإسلامية الأخرى كما يقول أحد الإعلاميين المتخصصين الذي طلب عدم الكشف عن اسمه فإن ذلك لا يعني نشر هذا الفساد على الملأ خصوصا في قناة تلفزيونية يشاهدها الملايين داخل الوطن العربي وخارجه». وأضاف الإعلامي خلال حديثه ل «الراي» «أن تثار مثل هذه الموضوعات على مواقع انترنت أو في جريدة أو مجلة يمكن تقبله لكن في قناة تلفزيونية فهذا أمر غير مفهوم ولا يمكن تبريره على الإطلاق». وأشار في هذا الصدد إلى حلقة «بنات الليل» التي بثتها وصيفة «إل. بي .سي» قناة «روتانا» قبل سنوات وما أثارته في المجتمع المصري من ردود أفعال غاضبة أدت إلى وقف البرنامج وفصل الإعلامية هالة سرحان أو وقفها عن العمل رغم أن المجتمع المصري يتميز بانفتاحه الكبير عن المجتمع السعودي. وخلص إلى القول «لا أحد ينكر أن الفساد موجود فلسنا مجتمعا من الملائكة لكن ذلك لا يعني تضخيم الفساد الموجود وتصويره على أنه القاعدة على عكس الواقع لتشجيع الآخرين على السلوك نفسه». وأثارت حلقة برنامج «أحمر بالخط العريض» وما سبقها من مواد تم بثها من خلال برنامج «عيشوا معانا» والتي تصور المجتمع السعودي على عكس حقيقته المحافظة التساؤلات في الشارع السعودي عن وجود أجندة خفية لقناتي «روتانا» والمؤسسة اللبنانية للإرسال اللتين اندمجتا كما ذكرنا سابقا ويملك الأمير الوليد بن طلال الأولى بالكامل واغلب أسهم الثانية. وهنا يتساءل الإعلامي السعودي ساخرا «هل اتحدت القناتان في مواجهة المجتمع السعودي ومحاربة قيمه وتقاليده الراسخة في محاولة لهدمها ومحاولة تشكيل منظومة هذه القيم من جديد بمقاسات مختلفة تناسب هوى البعض... واللبيب بالإشارة يفهم». وفي هذا الإطار، تأتي محاولات «روتانا» الحثيثة لإدخال السينما من جديد إلى المجتمع السعودي بعد توقف أكثر من 30عاما، وكانت باكورة هذه المحاولات عرض فيلم «مناحي» الذي أنتجته الشركة تجاريا في كل من جدة والطائف ثم أخيرا في الرياض. لكن المسألة لم تتوقف على مجرد عرض الأفلام بل هناك أجندة معلنة كشف عنها الأمير الوليد بنفسه إذ أكد في أكثر من مناسبة أن «السينما وإقامة دور العرض في السعودية آتٍ لا محالة»، وهو ما دعا بعض رجال الدين كالدكتور يوسف الأحمد أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للرد عليه بشكل غير مسبوق بل والدعوة لمحاكمته واتهامه بمحاولة إشاعة الفاحشة في المجتمع السعودي عبر السينما. لكن الاتهام الأبرز جاء من عقر دار الأمير الوليد ومن خلال شقيقه الأمير خالد بن طلال المعروف عنه التزامه الديني إذ دعا علنا ومن خلال أحد المواقع الإسلامية المعروفة «لجينيات» وعبر حوار طويل إلى الحجر على شقيقه متهما إياه بأنه يعاني من جنون العظمة وشكك في مصدر ثروته الطائلة، وبأنه يسعى الى هدم قيم المجتمع السعودي الراسخة.