أقر المجلس التأسيسي التونسي، أمس - الإثنين - قانونًا جديدًا يمنع محاكمة الشباب الذين شاركوا في الثورة وجرحاها والذين شاركوا في التظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها تونس خلال الثورة بتهم متعلقة بالأفعال التي ارتكبوها في أيام الثورة مثل حرق مراكز الأمن والاعتداء على الأملاك العامة وإثارة الفوضى والشغب، وفقا لموقع "نون بوست". وفور إقرار القانون بأغلبية 141 صوتًا من أصل 143 حضروا الجلسة، رفعت عائلات الضحايا الذين حضروا الجلسة هتافات تنادي ب "الوفاء لدماء الشهداء"، وردد النواب أكثر من مرة النشيد الوطني، ودعا عدد منهم إلى تكريم عائلات الضحايا والجرحى، إثر الانتهاء من التصويت، الذي جاء لينهي أشهرًا من الجدل القانوني والدستوري. وأقر القانون أنْ "لا تخضع للمؤاخذة الجزائية الأفعال التي تم القيام بها من أجل تحقيق الثورة وإنجاحها في الفترة الممتدة بين 17 ديسمبر/ كانون الأول و28 فبراير/ شباط"، مؤكدًا بذلك أن تلك "الأفعال لم تكن أفعالاً إجرامية تتيح الملاحقة، بل كانت جزءًا من حراك الثورة"، كما اعتبر الفصل الثاني من القانون أنه "تعتبر الاعتداءات المفضية إلى سقوط شهداء الثورة أو إصابة جرحاها، انتهاكات جسيمة". ويذكر الفصل الثالث من القانون الجديد، أنه "إذا أحالت هيئة الحقيقة والكرامة ملفات إلى النيابة العمومية، عملاً بالفصل 28 من القانون الأساسي المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها، فإن النيابة العمومية تحيلها آليًا إلى الدوائر القضائية المتخصصة المنصوص عليها"، مع العلم أن القانون الجديد يفرض على الحكومة أن تصدر الأوامر التنفيذية المتعلقة به في فترة لا تتعدى أربعة أشهر من تاريخ إقراره. وهيئة الحقيقة والكرامة هي هيئة منتخبة من قبل المجلس الوطني التأسيسي، ومكلفة بمهمة رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وخلفه المخلوع زين العابدين بن علي، وتحديد مقترفيها وإحالتهم إلى العدالة وتعويض الضحايا. ومن جهة أخرى رفض النواب الفصل الخامس في مشروع القانون، الذي كان يدعو إلى أن "تحيل المحاكم العسكرية الدائمة جميع القضايا المنشورة أمامها، والتي خرجت عن اختصاصها بموجب هذا القانون إلى المحاكم العدلية"، وهو ما يعني أن التأسيسي أوكل إلى منظومة العدالة الانتقالية وهيئة الحقيقة والكرامة، أن تتولى قضايا شهداء وجرحى الثورة بالكامل. وبإقرار هذا القانون، ينهي المجلس الوطني التونسي جدلاً طويلاً حول قضيتين أساسيتين من الثورة التونسية، وهما تبرئة شبان الثورة من التهم الموجهة إليهم والمتعلقة بالأفعال المنسوبة إليهم أيام الثورة، وإحالة قضايا الضحايا إلى منظومة العدالة الانتقالية عوضًا عن القضاء العسكري الذي واجه في السنوات الماضية تهمًا بالتقصير والتهاون في النظر في قضايا المتعلقة بشهداء وجرحى الثورة. ويذكر أن عددًا من رموز الثورة في تونس مثل "عماد دغيج" المنتمي لجمعية "رجال الثورة بالكرم" تعرضوا للإيقاف بسبب قضايا تقدمت بها نقابات أمنية ضدهم تتهمهم فيها بالمشاركة في أعمال شغب في أيام الثورة وبالإضرار بممتلكات الدولة خلال الفترة الممتدة من 17 ديسمبر 2010 و28 فبراير 2011.