قطعت الدكتورة هبة الوافي التي تدرس في سنة التخرج من قسم الجراحة في جامعة الملك عبدالعزيز مسافات طويلة من السعودية إلى أفريقيا لتحقق أمنية وطموحا خيريا سعت له عندما جندت نفسها لتكون أصغر طبيبة سعودية متطوعة لعلاج ومساعدة أطفال كينيا الفقراء، ولتقدم لهم الجانب التوعوي والمالي والصحي والتعليمي، واليكم التفاصيل بحسب "مكة أون لاين": لم تكن هبة بعيدة عن العمل التطوعي، فهي صاحبة مبادرة أكبر حقائب مدرسية للأيتام والتي أقيمت في جدة العام الماضي، إلا أن المسافات الطويلة إلى أدغال أفريقيا لم تكن على خريطتها يوما، تقول» انخرطت في العمل لدى منظمات تطوعية عالمية، ومن خلالها اطلعت على أوضاع أطفال أفريقيا. وعلى الرغم من أنني تعودت الدعم من قبل والديّ، إلا أن هذه المرة كان لهم موقف مختلف، وكان تخوفهما بسبب تفشي الأمراض والخوف من العدوى، وعدم الاستقرار الأمني هناك، ولكنهما وافقا على خطوة السفر بعد تأكدهما بأخذي التطعيمات اللازمة ومعرفة مكان إقامتي في كينيا». وعن اللحظات الأولى تقول»عند صعودي للطائرة دب في روحي شعور الحماس، ومكثت 4 ساعات وأنا أفكر وأخطط كيف سأستغل الوقت، وكيف لي أن أقسمه على أكثر من مكان كدار الأيتام والمستشفيات أو أي عمل تطوعي آخر. وما إن وصلت لمطار كينيا واستقبلتني الجهة المنظمة، وهي عالمية تطوعية لمساعدة أطفال كينيا، حتى صدمت بواقع الحال، ولم يخطر بخيالي مدى احتياجاتهم لهذا الحد، فأصبت بصدمة جعلتني طوال اليوم في صمت، فاحتياجاتهم تفوق مساعدات الأفراد، فهم في حاجة فعلية إلى أطباء من جميع التخصصات وإلى مستشفيات ومعدات على الأقل حديثة، فكل ما هو موجود في كينيا بدائي جداً، شعرت بالعجز وضعف قدرتي على المساعدة وأنا وحيدة، خصوصا أنني أعلم تماما حماس أطباء وطبيبات في وطني للأعمال التطوعية، فأرسلت عبر تويتر وعبر مواقع التواصل الاجتماعي لأطباء متخصصين لمساعدتي في مهمتي». الحقيبة المدرسية للأسر الفقيرة التي لا تستطيع أن تؤمن الأدوات المدرسية لأبنائها وبناتها، أحد الأنشطة التطوعية التي يحتاجها أطفال كينيا، هذا ما توضحه الدكتورة هبة، وتضيف»في أفريقيا الأعمال والأنشطة التطوعية السعودية كثيرة ومستمرة»، وتوضح «جميعنا نسمع عن شعب كينيا، وما يعانيه من فقر، ولكنني أيقنت بإيمان صادق أنهم يحتاجون إلى دعم كبير من شعوب أخرى لمساندتهم. وما شاهدته سيظل في ذاكرتي إلى الأبد». الطفل «شاردرك» من دار الأيتام أغرب القصص التي واجهتها في مهمتها التطوعية، تقول عنه» المؤثر هناك في كينيا أن دار الأيتام ليست فعلياً داراً للأطفال الذين توفي ذووهم، إنما كل طفل معنف من أسرته يوجد في الدار. و»شاردرك» طفل عمره أربع سنوات، عانى من العنف الشديد، فكانت أسرته تضعه في غرفة مظلمة، ولا يطعمونه سوى مرتين في الأسبوع. وكان أهل القرية يعطفون عليه ويقدمون له الطعام خلسة، ونتج عن هذا التعنيف طفل لا يتكلم ولا يبدي أي ردة فعل نهائياً، وحاولنا مساعدته عبر تأهيل نفسي وجسدي طويل ليعود لحالته الطبيعية». بعد رجوعها من الرحلة التطوعية حملت هبة رسالة من شعب كينيا، وقالت»لكل من يحمل بداخله حب التطوع والعمل الخيري عليه ألا يبخل بتقديم عمل ولو بسيطا لشعب وأطفال كينيا، فكل تخصص سواء أكان طبيا أو تعليميا أو هندسيا سيفيدهم بالتأكيد». وتضيف قائلة «من شعب كينيا تعلمت الكثير. وهذه الرحلة لن تكون هي الأخيرة، فقد قررت زيارتها وأنا أكثر خبرة ومعرفة».