تبدو في الأفق ملامح انقسامات بين شيعة مصر حول كيفية التعامل مع التصعيد الحكومي على خلفية الضربات الأمنية التي طالت العشرات من الشيعة المصريين والإعلان عن إلقاء القبض على ما قيل بأنه تنظيم شيعي في البلاد. فقد كشف مصدر في المجلس الأعلى لآل البيت -المؤسسة الشيعية الرئيسية في مصر- وجود انشقاق بين الشيعة المصريين حول إعلان رئيس المجلس محمد الدريني اعتزاله الحياة العامة، وتقديم الناشط أحمد النفيس نفسه زعيما جديدا ببيان شديد اللهجة هاجم فيه الحكومة. وقال المصدر -الذي طلب عدم الكشف عن اسمه- للجزيرة نت "إن بيان النفيس الذي بدا أنه إعلان من الشيعة للحرب على النظام المصري، لا يمثل الشيعة ولا يعبر عن موقفهم" ملمحا إلى وجود "ارتباطات خارجية للرجل تقف وراء بيانه "المنفعل". وكان النفيس قد أصدر بيانا عقب اعتقال مجموعة من الشيعة ومنهم الشيخ حسن شحاتة بتهمة تجنيد عناصر أجنبية وقيادة جماعة محظورة وتلقي دعم مالي من حكومات أجنبية والإساءة للمذهب السّني. وأكد النفيس في بيانه أن الشيعة في مصر "أصبحوا رقماً مهماً في المعادلة السياسية المحلية والدولية ولا يمكن تجاهلهم في الفترة الراهنة" الأمر الذي أثار جدلا كبيرا في الأوساط المصرية، لتزامنه مع تصاعد التوتر بين القاهرة وطهران على خلفية اعتقال "خلية حزب الله" في مصر واتهام دوائر مصرية إيران بتمويل الخلية. وأضاف المصدر المقرب من رئيس المجلس الأعلى لآل البيت أن "النفيس يسعى لاختطاف الموقف الشيعي لصالح جهات خارجية وإقصاء الدريني -رئيس المجلس- عن الساحة بعدما هاجم الأخير الرئيس المصري بسبب تصريحاته عن ولاء شيعة المنطقة لإيران". واتهم المصدر النفيس ب"الإضرار بمصالح الشيعة عبر كتبه التي تهاجم الصحابة وتسبهم" وقال "إن المجلس نجح خلال السنوات الماضية في تحييد مشاعر السنة حتى المتشددين منهم باحترام مذهبهم، بينما يسعى النفيس بكتاباته لنسف هذا الإنجاز". وقال إن النفيس تعمد تثبيت التهمة على الشيخ حسن شحاتة -الموقوف على ذمة قضية ازدراء المذهب السني- عندما قال في بيانه إنه طالب الأخير كثيرا بعدم سب الصحابة، موضحا أن هذه المواقف "من شأنها تشتيت الشيعة وبث الفرقة بينهم ما يخدم أهداف الجهات التي تقف وراء النفيس".. الذي اتهمه المتحدث "بالكذب وتصنع الوسطية في حديثه عن حقوق الشيعة ورفض ربطهم بإيران أو خلافاتها مع الدول السنية". واعتبر أن تعامل النظام المصري مع قضية الشيعة "يعكس أزمة داخلية وانصياعا تاما لإملاءات محور الاعتدال الذي دخلته مصر ودول عربية مع إسرائيل وأميركا". ضبط الخطاب أحمد النفيس من جانبه نفى سعيه لزعامة الشيعة في مصر، وقال للجزيرة نت إن البيان الذي أصدره "محاولة للدفاع عن الذات ووضع حدد للأعمال البهلوانية التي تتخطف قضية شيعة مصر إلى قضايا مختلفة" مؤكدا أن البيان يحاول ضبط الخطاب الشيعي نفسه بعد التصريحات المتناقضة حول إنشاء "حزب شيعي أو غيره". وطالب النفيس في البيان الشيعة المصريين "باحترام الجهود المبذولة في إطار تقريب المذاهب من قبل شيوخ السنة الأجلاء مثل الشيخ محمود شلتوت الذي أفتى بجواز التعبد بالمذهب الشيعي، وسمح بتدريس المذهب الإمامي الاثنى عشري في الأزهر". وأضاف النفيس -الذي قال إنه تلقى تهديدات من شخصيات معروفة وغير معروفة منذ إصداره البيان- أن "شيعة مصر لا يريدون صداما مع أحد لكنهم يدافعون عن حقهم في الوجود وحرية الاعتقاد التي يكفلها الدستور وعدم ربط مصيرهم بالعلاقات مع إيران". وأوضح أن ما جاء في البيان من أن شيعة مصر أصبحوا رقما في المعادلة الإقليمية والمحلية "هو مجرد تذكير بأن مسألة الاعتراف باتت موضوعا قديما وأنه يجب الانتقال إلى مناقشة حقوق الشيعة بمصر وحرياتهم بدلا من الجدل العقيم حول كونهم موجودين أم لا". وطالب النفيس "بإعمال القانون في قضية 306 شيعيين أوقفوا مؤخرا، ووقف الحملة الشرسة ضد الشيعة والتضييق عليهم" وقال إن الشيعة "يحملون مظلومية أهل البيت منذ 14 قرنا أي قبل وجود إيران أو تشيعها".