يجب أن ننظر إلى نصف الكوب الممتلئ بالماء، وليس النصف الفارغ، هذا ما أجمع عليه قادة الأعمال وكبار المسؤولين والخبراء الأكاديميين الاثنين، في العاصمة الإماراتية أبو ظبي خلال الاحتفال بإطلاق مركز النمو الاقتصادي بالشراكة مع كلية إدارة الأعمال الرائدة "إنسياد،" لافتين إلى ضرورة تسليط الضوء على النجوم وقادة الأعمال في البلدان العربية من أجل إلهام الشباب الذين يطمحون إلى المبادرة والابتكار في سوق العمل، وآخذين بعين الاعتبار ضرورة مواجهة التحديات الصعبة التي تعترض المنطقة من خلال مشاركة كافة الأطراف، بما في ذلك القطاع الخاص والحكومات والجانب الأكاديمي من أجل تحقيق النجاح. "CNN بالعربية" أعدت التقرير التالي حول هذا الملتقى: تقديرات صندوق النقد الدولي أشارت إلى أن العديد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحاجة إلى تحقيق نمو بمعدل 7 في المائة سنوياً، من أجل الحد من ارتفاع معدلات البطالة، خصوصاً أن معدل النمو المتوقع للعام 2014 لا يتجاوز نسبة 3.2 في المائة. كذلك، تم الإقرار بمواجهة المنطقة لتحدٍ أكبر يتمثل بإيجاد 50 مليون فرصة عمل جديدة للشباب في مختلف أنحاء المنطقة خلال العقد المقبل ومائة مليون وظيفة على مدار العقدين المقبلين. ومن جهته، قال المدير التنفيذي لمجموعة مجيد الفطيم في الإمارات إياد ملص لCNN بالعربية إن "الإعلام يمكن أن يكون وسيلة قوية، فضلاً عن دوره التوعوي الكبير، إذ يجب العمل على برامج تعليمية وتثقيفية من أجل ايجاد فرص عمل للشباب. أما دور الإعلام فيتمثل بتسليط الضوء على قصص النجاح والتحديات في عالم الأعمال والتي يمكن أن تلهم الناس. وفي سياق متصل، أوضح البروفيسور المشارك في علوم القرارات ومدير الحرم الجامعي ل"إنسياد" في أبو ظبي، ميغال سوزه لوبو، لCNN بالعربية، أن مركز النمو الاقتصادي يعتبر الأول من نوعه في المنطقة، بهدف إجراء البحوث وإصدار منشورات حول القضايا الاقتصادية الرئيسية التي تواجهها المنطقة، بما في ذلك تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل. وأضاف لوبو أن "مركز النمو الاقتصادي سيتخذ من حرم كلية إنسياد في أبوظبي مقراً له، وسيعمل على مواجهة الحاجة إلى الحصول على بيانات اقتصادية موثوقة، وإجراء الأبحاث الاقتصادية، وتوفير منصة فريدة من نوعها تمكن القطاع الخاص من المشاركة في قضايا ذات أولوية اقتصادية، بما فيها أزمة البطالة بين الشباب والقدرة على خلق فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام." من جانب آخر، أشار وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري، خلال كلمته، إلى أن هناك دورا كبيرا للمؤسسات المتوسطة والصغيرة الحجم في دفع العجلة الاقتصادية إلى الأمام، وضرب مثالاً على ذلك دولة الامارات العربية المتحدة التي تشكل المؤسسات المتوسطة والصغيرة الحجم حوالي 92 في المائة من قطاع التجارة فيها، وحجم مساهمتها يصل إلى 60 في المائة من إجمالي الإنتاج المحلي، فضلاً عن أن الشركات المتوسطة والصغيرة الحجم مسؤولة عن توظيف 86 في المائة ضمن القطاع الخاص. وأشار الرئيس التنفيذي لشركة نفط الهلال والرئيس المؤسس لمجلس أعمال مركز النمو الاقتصادي مجيد جعفر إلى أن المركز سيعمد إلى إصدار مؤلفات وأبحاث جديدة ذات صلة بالمنطقة، فضلاً عن تشجيع المساهمة الإيجابية من جانب القطاع الخاص في النقاشات بهدف تحفيز المزيد من الاستثمارات والنمو الإقتصادي. ولكن، كيف نستفيد من دروس الأزمة الاقتصادية ووضع استراتيجيات سياسية في المستقبل؟ ورغم أن الخبراء شددوا على مشكلة وجود هوة بين المهارات المطلوبة وسوق الأعمال وخصوصا في دول الخليج العربي، إلا أن هؤلاء أكدوا أن الإبداع والابتكار في عالم الأعمال هو ضروري للنمو الاقتصادي، فضلاً عن تدريب القياديين في الأعمال من أجل تحقيق نمو أكبر. وفي هذا السياق، قال مؤسس والشريك الإداري في شركة "إثمار كابيتال" في الإمارات فيصل بلهول أن الإمارات هي نموذج يمكن مناقشته، حيث يوجد تركيز على الابتكار والإبداع، ووضع السياسات التي تخلق فرص العمل، وايجاد بنية تحتية لرواد الأعمال، وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة. يقول المدير الاقتصادي والمستشار الخاص للرئيس في البنك الأوروبي للأعمال والتطوير إريك بيرغلوف إنه يجب التركيز على أزمة البطالة بغض النظر على النموذج الاقتصادي المتبع في الدولة. وأعطى بيرغلوف مثالا عن تونس قائلاً:" الشباب في تونس يغيب دورهم في المشاريع الاقتصادية. وتكمن المشكلة في الإدارة التعليمية التي لا تستثمر كفاءات هؤلاء الشباب في تونس وغيرها من الدول العربية." أما عن كيفية التعامل مع الشركات الصغيرة والمتوسطة في مقابل الشركات القديمة؟ أوضح إريك أن هناك اتجاه لتلافي الإصلاحات في الشركات القديمة، في ظل الفساد الذي ينخر في هذه المؤسسات القديمة. وحول أسباب استمرار الأعباء الاقتصادية في مصر بظل وجود فرص كبيرة للإستثمارات قال ملص إن مصر لديها مشكلة كبيرة في البطالة ووتيرة متسارعة من التزايد السكاني،" مشيراً إلى أن هناك أهمية لتحقيق النمو الاقتصادي، حتى تخرج مصر من عنق الزجاجة. أما عن أزمة تباين التعليم مع سوق العمل، وكيفية سد الفجوة بين التعليم وسوق العمل، فقال مدير الخدمات الاستشارية في مؤسسة التمويل الدولية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لوك هاغارتي، إنه يجب التركيز على أزمة قلة الوظائف والعدد الكبير للخريجين، والبحث عن المهارات التي يحتاجها الطلاب في سوق العمل. وأعطى هاغارتي مثالا عن مصر حيث لا يوجد تحديث للمعلومات والكفاءات، مشيراً إلى أن الطلاب الذين لديهم مهارات متطابقة، لن يجدوا فرصا في سوق العمل، ما يؤدي إلى البطالة، وخصوصاً في ظل وفرة خريجي العلوم الأدبية في مقابل الدراسات العلمية. وفي المقابل، يوجد في السعودية توجه لتعزيز الابتكار والإبداع. وفي هذا السياق، قال رئيس مجموعة التركي في السعودية رامي التركي إنه يوجد عوائق أساسية ذات علاقة بالثقافة والمجتمع والتعليم، مضيفاً أن 75 في المائة من الطلاب الخريجين في السعودية يعلمون في القطاع الحكومي. لذا يجب تغيير النظرة المجتمعية بأن الأمان الوظيفي موجود فقط في القطاع الحكومي." وأضاف التركي أن البيئة التنظيمية والقانونية يجب أن تدعم هذا التوجه، حتى لا ينظر الناس إلى القطاع الخاص والمشاريع الصغيرة بأنها تتضمن المخاطر،" مشدداً على ضرورة العمل على الجانب الثقافي لتغيير بعض الصور النمطية حول العمل في القطاع الحكومي وتدريب وتطوير واستثمار الرأس المال البشري الشبابي في السعودية أو ما يسمى بال"السعودة".