سجلت دعوى وزارة العدل السعودية على محامين غردوا على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" سابقة عدلية في المملكة، محدثة ارتباكا لم تنهه جلسة التقاضي الأولى بين الجانبين، وذلك بحسب تقرير أعدته هيا السهلي ل"الجزيرة.نت". ويشهد من حضروا تلك الجلسة بأن وزارة العدل صاحبة الدعوى، كانت مرتبكة أكثر وهي تواجه تكتلا ضم ستين محاميا للدفاع عن المحامين المغردين، ورأت اللجنة الابتدائية -للنظر في مخالفات النشر الإلكتروني والسمعي والبصري- أن الصلح هو المخرج الأمثل لإنهاء هذا الارتباك. وتابع التقرير أن الوزارة في دعواها اتهمت ثلاثة محامين بالإساءة لسمعتها، وقالت إن تغريدات المحامين مست هيبة القضاء "ملاذ الجميع"، ورأت في نص دعواها أن إعادة تدوير تغريدات منتقدة لأدائها جريمة تستوجب دفع 500 ألف ريال (133 ألف دولار) وفق ما ينص القانون. كما اعتبرت الوزارة أن تغريدات من قبيل "الأفعال السوبرمانية لوزارة العدل" و"مايكروسوفت تعتمد تطبيقات وزارة العدل عالميا.. نموذج من تصريحات وزارة العدل" عبارات "تخالف الشريعة الإسلامية" وتتنافى مع "طاعة ولي الأمر"، وطالبت القضاء بتغريم المحامين سواء من غرد أو أعاد تدوير تلك التغريدات، ومنعهم من الكتابة في الصحف. ميدان غضب ------------- ولم تضع الدعوى حدا للانتقادات الموجهة لوزارة العدل، وتحول تويتر إلى ميدان غضب في وجه الوزارة، واتهامات للناطق باسمها فهد البكران صاحب الدعوى، الذي حضر جلسة التقاضي الأولى وحيدا في مواجهة أكثر من 15 محاميا حضروا نيابة عن "تكتل الستين" المدافع عن المتهمين. ورغم طلب اللجنة من الصحفيين الذين حضروا الجلسة عدم تسريب ما دار فيها للإعلام، وتحذير المتخاصمين من التصريحات الإعلامية قبل عقد الجلسة القادمة في20 فبراير/شباط المقبل، إلا أن تفاصيل الجلسة سرعان ما تحولت لحديث الناس على تويتر وخارجه. وقالت مصادر مطلعة للجزيرة نت إن مقربين من وزير العدل تواصلوا مع المحامين ودعوهم لحل الموضوع سلميا، وتمنوا على المحامين مراعاة المصلحة العامة وأن يكونوا أكثر تفهما، مقابل سحب الدعوى على ما يبدو. وبدا المحامون -الذين ذهبوا للجلسة "حاملين معهم أثقال سنين من التهميش" حسب تعبير زملاء لهم- مصرين على المضي في القضية حتى النهاية، ورأوا فيها فرصة لفتح ملفات كثيرة في علاقة الوزارة بالمحامين مستقبلا. و أضافت "الجزيرة.نت" أن دعوى العدل أثارت أسئلة لم تجب عنها جلسة التقاضي الأولى، أسئلة تتعلق ب"حق التعبير" والنقد في مواجهة حق التقاضي عند استشعار الضرر. الثقة ----- وقال الباحث عبد الله المالكي للجزيرة نت إن الدعوى "دليل على أن وزارة العدل لم يعد لديها الثقة الذاتية بأدائها وممارساتها الإدارية". ويضيف "كل وزارة لديها متحدث إعلامي رسمي، وإدارة علاقات عامة وإمكانات مادية كبيرة، تستطيع من خلالها أن تتفاعل مع الرأي العام وترد على الانتقادات والمسائلات والمعلومات المغلوطة بحسب اعتقادها، بدون اللجوء إلى سياسة الملاحقات القضائية لمجرد الرأي". الناطق باسم وزارة العدل فهد البكران الذي يشير خصومه في الدعوى إلى علاقته المتوترة عموما بالمحامين، اعتبر رفع الدعوى "ترسيخا للثقافة القانونية القائمة على لجوء المتضرر للقضاء"، وقال إن الوزارة لا تراقب المحامين، لكنها تطالب بمحاسبتهم على أقوالهم. وبدت الدعوى سابقة استثمرها منتقدو وزارة العدل إلى حد أثار ندم الوزارة كما يقول مطلعون على تفاصيل القضية فقد سلطت الضوء على الانتقادات الموجهة للوزارة في وسائل الإعلام السعودية، وهي انتقادات تبدأ من "الهدر المالي" و"الصرف على تلميع صورتها" بدلا من تحسين أدائها، ولا تنتهي عن "سعيها لتكميم أفواه منتقديها". ويرى المالكي أن وزارة العدل "من أكثر الوزارات استفزازا للمواطنين بسبب التخلف في تطوير مؤسساتها القضائية والتعطيل والتأخير في مواعيدها والفشل في أدائها، "فبدل أن تتحمل مسؤولياتها وتنشغل بالإصلاح والتطوير، أخذت تلاحق المغردين في مواقع التواصل الاجتماعي". وبانتظار جلسة التقاضي الثانية تظل جهود الوساطة مستمرة والأسئلة الكبيرة معلقة.