قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم الجمعة إن الولاياتالمتحدة رأت أن تصريحات رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان التي شبه فيها الصهيونية بالجرائم ضد الإنسانية "مستهجنة" الأمر الذي خيم على محادثاتهما بشأن الأزمة في سوريا. والتقي كيري الذي يقوم بأول زيارة لدولة مسلمة منذ توليه المنصب مع عدد من القادة الأتراك لإجراء محادثات تهدف إلى التركيز على الصراع في سوريا والمصالح الثنائية بدءا بأمن الطاقة وانتهاء بمكافحة الإرهاب. غير أن التصريحات التي أدلى بها اردوغان في اجتماع للأمم المتحدة في فيينا هذا الأسبوع ألقت بظلالها على زيارة كيري. وأدان رئيس الوزراء الإسرائيلي والبيت الابيض والأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون هذه التصريحات. وقال كيري في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو "نحن لا نعترض عليها فقط بل ورأينا أنها مستهجنة." وأضاف أنه أثار هذه المسألة مباشرة مع داود أوغلو وسيفعل الشيء نفسه مع اردوغان. وقال كيري إن تركيا وإسرائيل حليفان رئيسيان للولايات المتحدة وحثهما على استعادة العلاقات الوطيدة بينهما. وأضاف "في ضوء التحديات الكثيرة التي تواجهها المنطقة .. من الضروري أن تجد تركيا وإسرائيل سبيلا لاتخاذ خطوات من أجل استعادة أو تنشيط التعاون التاريخي بينهما." وتابع قوله "أعتقد أن ذلك ممكن لكن من الواضح أنه ينبغي علينا تجاوز هذا النوع من الخطاب الذي لم نشهده إلا في الآونة الأخيرة." وتحتاج واشنطن إلى كل حلفائها في وقت تتعامل فيه مع التيارات السياسية بالشرق الأوسط وتعتبر تركيا لاعبا أساسيا في دعم المعارضة السورية والتخطيط لحقبة ما بعد الرئيس بشار الأسد. لكن انهيار علاقات تركيا مع إسرائيل قوض آمال واشنطن في إمكانية أن تلعب أنقرة دور الوسيط في المنطقة. وقال اردوغان أمام منتدى تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة في فيينا يوم الأربعاء "كما هو الحال مع الصهيونية ومعاداة السامية والفاشية أصبح من الضروري أن نعتبر الخوف المرضي من الإسلام (الاسلاموفوبيا) جريمة ضد الإنسانية." وقال بيان من مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه "يندد بقوة بتصريح (اردوغان) بشأن الصهيونية وتشبيهها بالفاشية." ونقل عن نتنياهو قوله "هذا قول يتسم بخبث النية والزيف كنا نعتقد أن ترديد مثله صفحة انطوت من صفحات التاريخ." وقال بنحاس جولدشميت كبير حاخامين موسكو ورئيس مؤتمر الحاخامين الأوروبيين إن انتقاد اردوغان للصهيونية يرقى لأن يكون معاداة للسامية. وأضاف جولدشميت في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني "هذا هجوم يتسم بالجهل والكراهية على الشعب اليهودي وعلى حركة جوهرها السلام... ينزل برئيس الوزراء اردوغان إلى مستوى (الرئيس الإيراني) محمود أحمدي نجاد.. والزعماء السوفيت الذين استخدموا معاداة الصهيونية كتعبير مخفف يقصد به معاداة السامية." وتابع "لن يفوت ما تنطوي عليه هذه التصريحات من مفارقة على عائلات من قتلوا في مذبحة الأرمن وهي جريمة لم تعترف بها الحكومة التركية حتى الآن." وأدان البيت الابيض أيضا هذه التصريحات. وقال تومي فيتور المتحدث باسم البيت الابيض في بيان "نحن نرفض وصف رئيس الوزراء اردوغان للصهيونية بأنها جريمة ضد الإنسانية وهو وصف مهين ومجاف للحقيقة. "نحن نشجع الناس بكل ما ينتمون إليه من ديانات وثقافات وأفكار على نبذ الأفعال التي تحركها الكراهية وتجاوز خلافات الزمان." وكان انتقاد اردوغان لإسرائيل في الماضي قد لقي إشادة من أنصاره المحافظين في تركيا ولكنه أثار قلقا بين حلفائه في الغرب. وفترت العلاقات بين إسرائيل وتركيا منذ عام 2010 حين قتل أفراد من مشاة البحرية الإسرائيلية تسعة أتراك في اشتباك على متن سفينة مساعدات كانت متجهة إلى قطاع غزة لكسر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع. وقال داود أوغلو "إذا كان لابد لنا أن نتحدث عن الأعمال العدائية فإن موقف إسرائيل وقتلها الوحشي لتسع من مواطنينا المدنيين في المياه الدولية يمكن وصفه بالعدائية" مضيفا أن تركيا دائما ما تتبنى مواقف مناهضة لمعاداة السامية. وأبلغ المؤتمر الصحفي "لا يوجد تصريح أغلى من دم إنسان... إذا كانت إسرائيل تريد سماع تصريحات إيجابية من تركيا فينبغي لها إعادة النظر في موقفها تجاهنا وتجاه الضفة الغربية." وطالبت تركيا باعتذار رسمي عن الحادث الذي وقع عام 2010 وتعويضات لأسر الضحايا ورفع الحصار عن غزة. وعبرت إسرائيل عن "الأسف" وعرضت دفع أموال عبر ما وصفته بأنه "صندوق إنساني" يمكن من خلاله تعويض أقارب الضحايا. وقال مسؤولون إن الأزمة السورية ستتصدر جدول أعمال اجتماعي كيري مع اردوغان والرئيس التركي عبد الله جول بعد المناقشات التي جرت في روما بين 11 دولة أغلبها أوروبية وعربية في إطار مجموعة أصدقاء سوريا. وعقب اجتماع روما قال كيري يوم الخميس إن الولاياتالمتحدة ستقدم للمرة الأولى مساعدات غير مميتة لمقاتلي المعارضة السورية وتزيد الدعم للمعارضة المدنية إلى أكثر من مثليه رغم أن القوى الغربية لم تتعهد بتقديم أسلحة. وقال مسؤول تركي كبير "ينبغي أن نواصل النقاش الذي دار في روما... لا يوجد خلاف بيننا وبين الامريكيين فيما يتعلق بالأهداف الرئيسية." ومضى يقول "تم التوصل إلى اتفاق واسع على دعم المعارضة. الآن يجب أن تجلس الأطراف وتحدد ما نستطيع القيام به لدعمهم من أجل تغيير التوازن على الأرض." وتركيا واحدة من أبرز منتقدي الأسد وأرسل لها حلف شمال الأطلسي نظام صواريخ باتريوت الدفاعي ويشمل ذلك بطاريتين أمريكيتين لحماية اراضيها من امتداد أعمال العنف في سوريا إليها كما قادت أنقرة الدعوات للتدخل الدولي. وأنفقت تركيا أكثر من 600 مليون دولار على إيواء اللاجئين من الصراع الذي بدأ منذ نحو عامين وتستضيف نحو 180 ألفا في مخيمات قرب الحدود في حين يقيم عشرات الآلاف مع أقارب لهم أو في مساكن خاصة. وقدمت واشنطن مساعدات إنسانية قيمتها 385 مليون دولار لسوريا لكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يرفض حتى الآن تقديم أسلحة قائلا إن من الصعب تجنب وقوعها في أيدي متشددين قد يستخدمونها ضد أهداف غربية. وأحجمت تركيا أيضا عن تقديم أسلحة خشية أن ينتقل الصراع عبر حدودها بسبب التدخل المباشر.