تحولت مواقف السيارات في شارع الستين بالكندرة ومحيط محطة النقل الجماعي بحي البلد وموقف التاكسي بالكيلو عشرة، في جدة، خلال هذه الأيام، إلى مواقع عقد صفقات بين الحجاج غير النظاميين وسائقي سيارات الدفع الرباعي والجيمس نظير مبالغ طائلة تبدأ ب200 ريال، وتصل في بعض الأحيان إلى ألف ريال. ولاحظت «الاقتصادية» في جولتها أن أعداد المهربين ليس كبيرا كما كان الحال في مثل هذه الأيام التي تسبق وقفة عرفات في الأعوام الماضية، كما أن الحجاج غير النظاميين والركاب الراغبين في دخول مكة أعدادهم ليست كبيرة. وبمجرد اقتراب أي شخص من المكان يبادره المهربون بسؤال هو: من أين صدرت إقامتك؟ بعدها تبدأ المفاوضات، ففي حال كانت الإجابة مكةالمكرمة، حيث يسمح لحاملي الإقامة الصادرة منها بالدخول، فإن المهربين لا يعتبرونه زبونهم؛ لأنهم يبحثون عن المخالفين حتى ترتفع فاتورة توصيله. وبرر خالد الشهري سائق سيارة جيمس ارتفاع أسعار التوصيل خصوصا للحجاج غير النظاميين بأن رحلة التهريب تدوم في بعض الحالات أكثر من ست ساعات نتيجة سلوك دروب وطرق طويلة ومعقدة، كما أنه في أحيان أخرى لا تنجح المحاولة ويتم القبض على السيارة والسائق. وأشار إلى أن سعر الركاب العاديين الذين يحملون أوراقا ثبوتية صحيحة أقل، لكن البعض لا يفضل نقلهم في هذه الأيام، ويفضل بدلا عنهم نقل حجاج مخالفين، حيث يبدأ سعر الفرد ب200 ريال ترتفع إلى 500 أو 1000 ريال في حال إذا كان المهرب أوراقه منتهية أو لا يحمل أصلا أوراقاً ثبوتية. وأوضح الشهري أن الرحلة التي يلجأ فيها السائقون إلى التهرب والتخفي عن أعين الشرطة عبر سلوكهم الطرق والدروب الوعرة، جعلتها أقرب إلى المغامرة، وفي حالات كثيرة يتم اكتشافهم من قبل الدوريات والتعامل معهم وفق حالاتهم القانونية. وذكر شخص يدعى حسن أنه قدم بسيارته من منطقة القنفذة ليعمل في نقل الحجاج بين جدةومكةالمكرمة خلال فترة الحج، موضحاً أن الاتفاق مع الركاب المخالفين لا يشمل الضمان لهم بوصولهم إلى الحرم كما هو معتاد في الظروف العادية، وأن بعض الرحلات تنزل ركابها على مشارف بعض أحياء مكة كحي الكعكية أو غيره من أحياء الأطراف. في السياق ذاته، ذكر حاج سوداني يدعى عوض إمام أنه انخرط في مساومات مع سائقي سيارات تقوم بتهريب الحجاج بمجرد نزول الحاج من التاكسي الذي أقله من منزله إلى موقف السيارات في شارع الستين، أنه فوجئ بالأسعار التي يطلبونها منه نظير نقله إلى مكة. واعترف بأنه أخطأ في عدم حصوله على تصريح حج؛ لأن قراره لتأدية الحج لم يكن محسوما قبل الحج بفترة كافية، وأنه تصور أن الأمور لا تكون صعبة في الانتقال ولا سيما أنه علم من البعض أنه يمكن أن تنجح الرحلة ويمكن أن تكتشف وحينها فإن السائق سيأخذ حقه سواء وصل الركاب إلى مكة أو تم إيقافهم من قبل الشرطة. من جانبه، أوضح العقيد خالد الحارثي قائد نقاط الفرز والتفتيش في مداخل مكةالمكرمة، أنه إلى جانب نقاط التفتيش الثابتة على الطرق الرئيسة، فهناك فرق متحركة انتشرت في الوديان والمداخل والطرق الجبلية التي يسلكها المهربون للتعامل معهم والقبض عليهم وتطبيق الأنظمة بحق المخالفين وفرض غرامة تصل إلى مبلغ عشرة آلاف ريال عن كل حاج واحتجاز المركبة، وإن تلك الفرق بالتعاون بين عدد من جهات أمنية تتابع الحجاج المترجلين على أقدامهم الذين ينزلون قبل نقاط التفتيش للالتفاف حولها ثم مواصلة الرحلة، حيث ينتظرهم المهربون في أماكن تتعدى النقاط الثابتة. وأشار إلى أن العديد من تلك الفرق التي تتعقب المهربين هي فرق جوالة، تعمل جنبا إلى جنب مع نقاط التفتيش الثابتة للقضاء على هذه الظاهرة التي أفتى عدد من العلماء والشيوخ بحرمتها؛ لأنها تحايل على القانون والنظام، وتتعارض مع صالح المسلمين.