من بين أربع رسائل حملتها "رقية" لوالدها الرئيس الراحل أنور السادات رسالة من الملك فيصل يحذر فيها السادات من القذافي "المريض نفسياً". وتقول رقية، في كتاب يصدر قريباً، إنها التقت الملك فيصل في السعودية عام 1972، بعد انتهائها من مناسك الحج وقال لها: "قولي له: فيصل ينبهك إلى أن تنتبه إلى القذافي! لأنه - ومؤكد أن فخامة الرئيس يعلم ذلك - كان الرئيس جمال عبدالناصر قد وضعه في مستشفى "بهمن" النفسية في المعادي. فتساءلت مندهشة: ماذا تقول جلالتك؟! فقال: نعم.. وفخامة الرئيس يعلم ذلك بالتأكيد!"، قلت له: وماذا بعد؟ لا شيء.. لقد انتهت الرسالة". وفي رسالة شفهية أخرى، من السفير حسن أبوسعدة، سفير مصر في لندن، الذي أبلغها بأنه "تمت دراسة تحركات مشبوهة ومريبة من حسني مبارك وأبوغزالة لقلب نظام الحكم". وبالفعل نقلت الرسالة للسادات.. الذي لمعت عيناه.. وأول مرة أراه "يتاخد" ويقول: "لماذا يا ركا يا بنتي! إنني سأتنحى عن الحكم بعد 25 أبريل 1982، وهو كنائب سيتولى رئاسة الجمهورية". وسرح أبي شارداً بعض الوقت، وفق تقرير نشرته جريدة "الصباح" المصرية. ورسالة أخرى ولكن مكتوبة كانت من علي أمين وقت أن كان في لندن، حيث قابلته أثناء زيارتها لعبدالحليم حافظ في المستشفى الذي كان يعالج به في عام 1965، وطلب منها أن يزورها في اليوم التالي، وبالفعل التقيا وأعطاها رسالة مفتوحة وطلب منها أن تقرأها قبل أن تسلمها لوالدها، لكنها رفضت وسلمتها دون الاطلاع عليها، وتمر الأيام ويصدر الرئيس قرار العفو عن علي أمين وعيّنه ب"الأهرام". وعلي أمين صحافي مصري كبير، نشأ في "بيت الأمة" الذي كان يطلق على بيت سعد زغلول بعد ثورة 1919، أسس مع توأمه مصطفى أمين مؤسسة أخبار اليوم في الأربعينات ثم جريدة "الأخبار"، وأصبحت هذه المؤسسة من كبرى المؤسسات الصحافية المصرية، وتم تأميمها في الستينات، والراحلان هما ابنا شقيقة الزعيم المصري الراحل سعد زغلول، وهما أول من أدخلا الخبر في صياغته الحالية إلى الصحافة المصرية. أما الرسالة الأخرى المكتوبة فكانت من الأنبا متى المسكين الذي قابلته رقية في مستشفى السلام عام 1980، كما تروي وعرّفها عليه صديق العائلة الدكتور جمال نجيب، وقد طلب منها الأنبا متى المسكين أن تزوره في الدير، وهناك أعطاها رسالة مكتوبة للسادات. مبارك وراء اعتقالات سبتمبر وتحاول رقية أن تبرئ والدها من اعتقالات سبتمبر الشهيرة، وتؤكد أنها جاءت طبقاً لتقارير رفعتها جهات متعددة، ومنها تقارير قدمت إليه من نائبه آنذاك حسني مبارك. وتقول: "كثير من الناس يحاكمون أنور السادات على اعتقالات سبتمبر، رغم أنها كانت بناءً على تقارير من النائب محمد حسني مبارك، هذا النائب كان يرسل تقارير إلى بابا، ووزير الداخلية كان يرسل أيضاً، والمخابرات العامة، وأمن الدولة، والأمن العام.. وأنا لا أقول أسراراً عسكرية، فهذا واقع معروف، وبناءً على هذه التقارير، التي يكون مكتوباً فيها الأسماء، وبناءً على التحريات التي تصل إلى رئيس الجمهورية، وعندما تكون نتائج التحريات من كل هذه الجهات تقريباً واحدة أو متقاربة أو متكاملة، فلابد عندئذ من أن يتخذ رئيس الجمهورية قراراً يحمي البلد، بناءً على ما وصل إليه، فجاءت قرارات اعتقالات الخامس من سبتمبر 1981 الشهيرة، لأن السادات كان يريد أن يحدث استقراراً في الجبهة الداخلية". الهجوم على هيكل وترصد رقية إحساس والدها بأن نكسة 1967 أزمة وستمر من خلال ملاحظتها أن التمثال الذي أهداه لها عن جمال عبدالناصر، لم يعد في مكانه ببيتها: "وأتذكر هنا قصة تبين إحساسنا بمرارة الهزيمة.. فعندما تزوجت أهداني أبي تمثالاً لجمال عبدالناصر، ووضعته في الممر الواقع بين الغرف، وكلما زارني نظر إليه مطمئناً، فلما حدثت هزيمة 67 شعرنا أن نفوسنا هي التي هزمت.. وهو إحساس عانى منه جيلنا، ولم يعانه من بعدنا مثلنا.. كسرة نفس لا أعادها الله، فأزلت التمثال من مكانه ووضعته في حجرة داخلية، وجاء بابا فسألني: أين تمثال عمك جمال؟ فأجبته أنه في الحجرة.. فأمرني قائلاً: (ما يتشالش من مطرحه.. هذه أزمة وستمر). قال ذلك وهو متألم، لكنه أراد أن يعلمني احترام الكبير.. احترام الرمز.. وأن الهزيمة من الممكن تخطيها". وفي الكتاب شنّت رقية هجوماً على الكاتب المصري محمد حسنين هيكل، وانتقدت كتاباته، كما أعربت عن عدم إحساسها بالأمان تجاه الرئيس السابق حسني مبارك منذ أول لحظة رأته فيها، ووصفته بأنه إنسان لديه طموحات أكبر من إمكانياته. ويقع الكتاب الذى يصدر هذا الأسبوع في 280 صفحة، ومزود بملحق لصور نادرة للسادات في مختلف مراحل حياته، وكذلك إقرار الذمة المالية للرئيس السادات بعد اغتياله، وقد صاحب الكتاب رسومات للفنان عمرو فهمي.