أعلن الإعلامي غسان بن جدو أن قناة "الميادين" التي يرأس مجلس إدارتها ستنطلق في الحادي عشر من حزيران يونيو 2012، بعد تأخّرتت الانطلاقة عن الموعد الذي أعلن سابقاً. "الميادين"، مشروع إعلامي يترقبه الكثيرون في العالم العربي، آملاً أن تكون مختلفة عن القنوات الإخبارية الموجودة. "الميادين" إسم اختير من شهرة ميدان التحرير في مصر، وهي تسمية ترمي إلى تغطية ميادين الثورات العربية والحراك الشعبي في مجتمعات العالم العربي. شعارها "الواقع كما هو"، سيكون تحدياً كبيراً للإعلامي غسان بن جدو، الذي استقال من رئاسة المكتب الإقليمي لقناة "الجزيرة" في بيروت. مهمة "الميادين" لن تكون سهلة مع وجود أكثر من 700 فضائية عربية، بينها عدد جيد من القنوات الإخبارية البارزة، وأهمها "الجزيرة"، و"العربية"، و"بي بي سي"، و"المنار"، و"العالم"، و"سكاي نيوز" البريطانية التي انطلقت هذا الشهر من العاصمة الإماراتية أبوظبي. ستحتاج القناة الإخبارية الجديدة إلى وقت كي تثبن نفسها وتحجز مكاناً لها بين القنوات الكبرى. لكن الرهان سيكون على موضوعيتها وقدرتها على الحياد في زمن "الربيع العربي" والانقسام الطائفي والمذهبي، ومشروع "الشرق الأوسط الجديد". ولا شك أن مقاربة القناة للحراك الشعبي في سوريا، الذي يواكبه تمرد مسلّح للمعارضة السورية مدعوماً غربياً وتركياً وخليجياً، وكذلك لانتفاضة الشعب البحريني، ستكون المفصل في تحديد هويتها ومشاهديها ومحبيها. الإعلامي المعروف سامي كليب، هو مدير الأخبار في "الميادين"، وجه عرفه المشاهدون العرب في برنامج "زيارة خاصة" على قناة "الجزيرة" القطرية، وكاتب وباحث استراتيجي غطّى لسنوات شؤون فرنسا والمغرب العربي في صحيفة "السفير" ووسائل إعلامية أخرى. كما أنه شغل سابقاً رئاسة التحرير في إذاعة "مونتي كارلو" الفرنسية الناطقة بالعربية، ومنصب مستشار في قناة "فرانس 24" الفرنسية التي تبث باللغة العربية. سامي كليب، بخبرته في الإعلام الفرنسي والعربي، سيواجه تحدياً في الموازنة بين خيارات الشعوب وضرورات الأنظمة، في وقت يردد فيه معظم الشعوب العربية شعار "الشعب يريد إسقاط النظام". فهل ينجح؟ سؤال ستجيب عنه الأسابيع والأشهر المقبلة... وحول اختيار الشعار، يقول إن «المرحلة الحالية تتطلب نقل الواقع بلا تصرف أو تحريف. وهو لا يعني أننا بلا هوية سياسية، أو مجرد سعاة بريد، بل إننا نترك للناس والمعلقين إبداء آرائهم. وهو، بهذا المعنى، من أقوى الشعارات التي يمكن أن تنطلق بها القناة، لأن كثرا في المنطقة العربية، وحتى خليجها، لا يريدون نقل الواقع كما هو، بل إنهم يوجهونه الى حيث يشاؤون». "الميادين".. من الاندماج مع "الاتحاد" إلى الانفصال مشروع "الميادين" بدأ كاندماج بين قناة "الاتحاد"، التي أطلقها الإعلامي نايف كريّم، ومشروع غسان بن جدو الذي كان لا يزال طور الإعداد. لكن خلافات حول الصلاحيات بين رئيس مجس الإدارة غسان بن جدو وشريكه المدير العام نايف كريّم، أفضت إلى فض الشراكة بينهما، وبيع كريّم حصته لبن جدو. وذكرت صحيفة "السفير" اللبنانية امس أن البعض يقول إن الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصر الله هو من حسم الخلاف شخصياً، عبر تدخله بإعطاء بن جدو حصة كريّم، لمساعدة الأخير على الانسحاب، وضمان انطلاق المشروع في ظروف صحية، باعتباره "مشروعا إيرانياً". لكن بن جدو نفى ذلك وقال ل"السفير": «لا أعتقد أن السيد نصر الله لديه الوقت حتى يفرغّه لمسألة تعني قناة ما. حتى "المنار" المسؤول عنها هو السيد هاشم صفي الدين، وليس الأمين العام، الذي لديه استراتيجية كبرى وقضايا أكثر أهمية. وأجزم بأنني لم أتلق دولاراً واحداً من السيد(نصر الله) أو "حزب الله"، فكيف الحال بأربعة ملايين دولار، بحسب بعض وسائل الإعلام؟». كثرت منذ أشهر الإشاعات التي استهدفت "الميادين" سواء لجهة تمويلها الإيراني – السوري المزعوم، أو لجهة توجهها السياسي الداعم للمحور الإيراني - السوري. كما طالت الإشاعات غسان بن جدو شخصياً، مرة عبر القول إنه تحوّل إلى التشيّع، وأخرى عبر نشر مقال مزوّر باسمه في صحيفة قطرية يهاجم فيه الثورات العربية والباحث الفلسطيني عزمي بشارة. يقول بن جدو رداً على ذلك: «الحديث عن إيران ليس جديداً. ولكن الناس تحدثوا أيضاً عن تمويل سوري، وقطري، وحتى تركي.. وهنا أسأل: كيف يتقبلون أن تموّل قنوات لبنانية أخرى مثل «ال بي سي»، و«الجديد» و«المستقبل» من قبل أشخاص، وقنوات مصرية وتونسية من قبل رجال أعمال (رجل أعمال واحد وراء كل قناة)، ولا يتقبلون فكرة أن «الميادين» مموّلة من قبل مجموعة من رجال الأعمال؟». تشير الاتهامات تلك إلى أن القناة مستهدفة قبل أن تنطلق، وأن الاستقطاب السياسي الإعلامي يسعى إلى جرّ القناة إلى موقع فيه، فهل سيقع غسان بن جدو وسامي كليب في هذا الشرك؟ ومن المقرّر أن تعقد إدارة القناة مؤتمراً صحافياً يوم الجمعة في الثامن من حزيران يونيو المقبل، الساعة الواحدة ظهراً في فندق البريستول في بيروت للإعلان عن ولادة "الميادين"..