في الأسبوع الماضي قالت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء إن القوس الجغرافي الممتد من إيران مرورا بالعراق وسوريا الى لبنان، والمعروف باسم "الهلال الشيعي" كمصطلح سياسي، مقبل على مشروع عملاق تتزعمه إيران لربط الدول الأربع بأسلاك تمدها بالطاقة "في أكبر شبكة مشتركة للمد الكهربائي بالعالم الاسلامي". وأمس في طهران بدأت المباحثات فعليا بين ممثلين عن الدول الأربع حول المشروع الذي سيؤمن تبادل 1600 ميغاواط فيما بينها، موزعة بواقع 1000 للعراق و500 لسوريا و100 للبنان، وتم في اليوم نفسه التوقيع على مذكرة تفاهم تقوم ايران بموجبها بتزويد الدول الثلاث مبدئيا بالطاقة الكهربائية، وفق ما ذكرته وكالة "إرنا" الايرانية، مضيفة أن المذكرة تقضي القيام بدراسات شاملة حول طريقة عمل شبكات الكهرباء في ايران وسورية والعراق ليتم الربط الاستراتيجي من بعدها بشكل متزامن. ووقع المذكرة مساعد وزير الطاقة الايراني لشؤون الكهرباء، محمد بهزاد، ومستشار وزير الكهرباء العراقي عادل مهدي، كما ومساعد وزير الطاقة السوري هشام مشفج والمدير العام لنقل الكهرباء اللبناني نجيب صالح في حفل أوضح فيه بهزاد بأن ايران سبق وعقدت اتفاقا مع العراق لنقل 1000 ميغاواط "وتقرر رفع هذه الكمية الى ما بين 1200 و 1300 ميغاواط بحيث يتم نقل قسم منها الى سورية ولبنان" بحسب ما قال، متوقعا أن يبدأ تنفيذ مذكرة التفاهم خلال الشهرين المقبلين بعد أن تتم المصادقة عليها من حكوماتها. وأيضا وقعت طهران في الأسبوع الماضي 10 اتفاقات متنوعة مع سوريا في مجال الكهرباء، يقضي أحدها بأن تقدم شركة "مبنا" الايرانية خدمات فنية وهندسية الى سوريا لمدة 10 سنوات، بينها ايجاد تغييرات في محطة للكهرباء ايطالية بسوريا، كما وانشاء محطة لتوليد الكهرباء من الرياح فيها، وتعزيز التعاون في مجال الاستثمار بشبكات الكهرباء ذات التوتر المخفوض، اضافة لإنشاء منظومة متطورة لقراءة عدادات الكهرباء. وبين العقود التي وقعها وزير الكهرباء والطاقة الايراني، مجيد نامجو، ونظيره السوري عماد خميس، واحد تنشئ بموجبه ايران محطة لتوليد 450 ميغاواط في منطقة "السويدية" بشمال شرق سوريا وتنتهي خلال 28 شهرا، وإثناءها يستمد العمل بالمشروع طاقته من مصفاة للغاز ستبنيها "مبنا" بجوار المحطة التي سيمول بنك صادرات ايران 60 % من تكاليفها والباقي من الجانب السوري. والبلد الوحيد المتردد في الربط الكهربائي المشترك بين الدول الأربع هو لبنان الذي ينتظر تجديد اتفاقية أبرمها في 2004 مع سوريا وأطلعت "العربية.نت" عيها وفيها: أن سوريا تزوده بالطاقة الكهربائية "اذا ما توفر فائض في الشبكة السورية" وفق ما ورد في كتاب وجهته وزارة الكهرباء السورية قبل أسبوع الى رئاسة الوزراء ذكرت فيه هذا الشرط لتجديد الاتفاق. وفي عددها لليوم الاثنين ذكرت جريدة "الأخبار" اللبنانية أن السفير الايراني لدى لبنان، غضنفر ركن آبادي، اشار أن ايران مستعدة لمساعدة لبنان في مجال الكهرباء باستجرار الطاقة عبر العراق وسوريا، وصولاً إلى لبنان، كما وبالاستثمار في مجال الانتاج عبر واحدة من الشركات الإيرانية الكبرى، مؤكدا أن بإمكان الشركات الإيرانية دخول المناقصات اللبنانية لإنتاج الكهرباء، "ونحن واثقون بأننا سنفوز بهذه المناقصات، لأن الأسعار التي ستقدمها الشركات الإيرانية لا تتضمن أرباحاً، وبالتالي، ستكون أقل من جميع الشركات الأخرى" وفق تعبيره. وزير الكهرباء العراقي كريم عفتان الجميلي ذكر أيضا أن ايران "يمكنها تقديم قروض مع تسهيلات طويلة المدى لتسديدها من أجل الاستثمار بإنتاج الطاقة" لكن مقرّبين من رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، أشاروا إلى أنه لم يطّلع على أي عرض ايراني رسمي، فيما يؤكد سياسيون "من قوى 8 آذار" أن رئيسي الجمهورية والحكومة "يرفضان أي مساعدة إيرانية في هذا المجال، ربطاً بالاعتراضات الغربية والخليجية التي يمكن أن يخلفها قبول لبنان بمساعدة إيران" بحسب ما ذكرت الصحيفة. ويرفض حزب الله هذا التوجه الذي يراه أقرب إلى "الإهانة" منه الى العمل السياسي، لأن ايران برأيه تعرض جدياً مساعدة لبنان "وعلينا أخذ المبادرة وتلقف هذه المساعدة، تماماً كما علينا قبول مساعدة أي كان"، ويذكر أن وزير الطاقة والمياه، جبران باسيل، ليس متحمسا للعرض الايراني "لأن استجرار الطاقة من ايران صعب بسبب الأوضاع الأمنية المتوترة في سوريا" كما قال.