وقع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في الرياض مساء اليوم على اتفاق نقل السلطة على أساس المبادرة الخليجية، منهيا بذلك فصول أزمة مستمرة في اليمن منذ نحو عشرة أشهر. وجرى التوقيع في احتفال بالرياض حضره الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز ووزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ووفدان يمثلان كلا من الحكومة والمعارضة باليمن، فضلا عن المبعوث الدولي إلى اليمن جمال بن عمر. وبموجب الاتفاق سيجري نقل سلطات الرئيس اليمني إلى نائبه على أن يظل رئيسا شرفيا للبلاد مدة تسعين يوما حتى يجري اختيار رئيس جديد لليمن. ويتضمن الاتفاق أيضا منح صالح حصانة من الملاحقة القضائية، وهو البند الذي يلقى اعتراضات واسعة داخل اليمن. وجرى خلال الحفل ذاته التوقيع على الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية من قبل أحزاب المعارضة. وفي نيويورك أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأربعاء أن الرئيس اليمني سيتوجه إلى نيويورك لتلقي العلاج الطبي بعد توقيع اتفاق نقل السلطة. وقال بان كي مون للصحافيين إن صالح أوضح برنامجه في مكالمة هاتفية معه الثلاثاء، وأضاف أن صالح سيوقع على مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومن ثم "سيأتي إلى نيويورك بعد توقيع الاتفاق لتلقي العلاج". وكان الرئيس علي عبد الله صالح وصل إلى الرياض فجر اليوم للتوقيع على اتفاق نقل السلطة، وقال التلفزيون الرسمي في خبر عاجل "الرئيس اليمني وصل إلى الرياض تلبية لدعوة من المملكة العربية السعودية لحضور التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لإخراج الوطن من تأثيرات الأزمة". من جانبه أكد مبعوث الأممالمتحدة لليمن جمال بن عمر لوكالة الصحافة الفرنسية أن الرئيس صالح "سيوقع في الرياض على المبادرة الخليجية فيما ستوقع المعارضة والحزب الحاكم على الآلية التنفيذية للمبادرة". وقال بن عمر "التوقيع سيتم اليوم الأربعاء في الرياض" مشيرا إلى أن صالح سيوقع شخصيا على المبادرة الخليجية التي سبق أن وقعت عليها المعارضة في أبريل/ نيسان، بينما ستوقع الأخيرة مع الحزب الحاكم على الآلية التنفيذية للمبادرة التي تحدد جدولا زمنيا مفصلا للمرحلة الانتقالية في اليمن. وقال مراسل الجزيرة بصنعاء أحمد الشلفي إن عددا من المراقبين يرون أن ذهاب صالح إلى الرياض بمثابة الخروج الأخير من صنعاء، وأن ذهابه إلى المملكة السعودية ليس فقط للتوقيع على المبادرة ولكن للبقاء بها، خاصة وأن مسألة بقائه تسعين يوما كرئيس شرفي بعد نقل سلطاته لنائبه عبد ربه منصور هادي أثارت مخاوف كثيرة لدى المعارضة من أن يثير ذلك أزمات داخلية. وأضاف مراسل الجزيرة أن المبعوث الأممي إلى اليمن حذر صالح من اتجاه داخل مجلس الأمن بدعم من الولاياتالمتحدة ودول أوروبية لتوقيع عقوبات عليه في حال لم يوقع على المبادرة الخليجية. وقال الشلفي إنه من المتوقع أن يعقد بن عمر مؤتمرا صحفيا في صنعاء اليوم قبل أن يغادر إلى الرياض برفقة عدد من قادة المعارضة. من ناحية أخرى أشار المحلل السياسي أحمد عايض بحديث للجزيرة إلى أن الاشتباكات التي وقعت بعد أن سيطر مسلحون موالون للثورة على معسكر تابع للحرس الجمهوري بالقرب من صنعاء عجلت بدفع صالح للتوقيع على المبادرة الخليجية بعد أن بدا أن الحل العسكري للأزمة لم يعد ممكنا. وتتضمن آلية نقل السلطة تفويضا من قبل الحزب الحاكم والمعارضة لبن عمر بالعمل على التوصل لاتفاق برعاية أوروبية أميركية خليجية يسمح بتنفيذ الآلية المتعلقة ببدء المرحلة الانتقالية، ونقل الصلاحيات لنائب الرئيس. ويسمح الاتفاق بالبدء في انتخابات رئاسية مبكرة خلال تسعين يوما بمرشح توافقي، وإنشاء لجنة عسكرية برئاسة نائب الرئيس لهيكلة الجيش على أسس وطنية بإشراف سلطة مدنية قبل إجراء الانتخابات المبكرة. وبينما أوضحت مصادر بالمعارضة أن الاتفاق جاء حصيلة تدخل دبلوماسيبن أميركيبن وأوروبيين ضغطوا على الطرفين للتوصل إلى حل وسط، ذكر مصدر بحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم أن الاتفاق كان جاهزا منذ عدة أيام لكنه لم ير النور بسبب معارضة أحد أحزاب تحالف المعارضة. وأشار مسؤولون من المعارضة إلى أنه بموجب الاتفاق سيحتفظ صالح بلقب الرئيس ولكن دون أي سلطات، وأن من العقبات التي كانت تعترض الاتفاق قضية الصلاحيات التي ستمنح للجنة عسكرية يجري تشكيلها للإشراف على القوات المسلحة ستملك سلطة إقالة القادة الذين يرفضون إطاعة الأوامر. وأضافوا أن صالح وافق على إعطاء اللجنة هذه السلطات لأن هادي سيقودها، في حين قال مسؤولون بالمعارضة إن الاتفاق يمهد لإجراء انتخابات رئاسية في يناير/ كانون الثاني المقبل.