نجحت الجهود السعودية والعربية والدولية امس في تحقيق اتفاق تاريخي سلمي في اليمن تنتقل بموجبه السلطة من الرئيس علي عبدالله صالح الى نائبه عبد ربه منصور هادي في مرحلة انتقالية من 90 يوماً، بعد عشرة اشهر من بدء احزاب المعارضة حركة احتجاجات واسعة للمطالبة باسقاط النظام شهدت مواجهات دامية بين انصار الطرفين. ووقع صالح وقيادات حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم وحلفائه من الاحزاب وقيادات احزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» وشركائه، المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، بعد جهود مضنية لانجاز الاتفاق على التفاصيل، بذلها الموفد الاممي الخاص الى اليمن جمال بن عمر والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني وسفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن. وحضر حفلة التوقيع ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الامير نايف بن عبدالعزيز ووزير الدفاع الامير سلمان بن عبدالعزيز ووزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، وسفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن لدى الرياض. وقال الملك عبدالله في كلمة افتتح بها الاجتماع ان السعودية ستكون عضداً لليمن، داعياً اليمنيين الى بناء دولتهم ونسيان الأحقاد. وأكد أن استقرار اليمن مسؤولية جميع الأطراف، واضاف:»اليوم تبدأ صفحة جديد في تاريخ بلدكم» مؤكدا ان السعودية «ستبقى عونا لجميع اليمنيين» الذين دعاهم إلى «تحكيم العقل ونبذ الفرقة». وشدد الرئيس صالح من جهته على أنه سيكون داعما للمبادرة وسيساعد على الانتقال السلمي والسلس للسلطة، لكنه انتقد المعارضة لمهاجمته في مسجد القصر الرئاسي، وقال:»الصهاينة عندما أرادوا قتل أحمد ياسين تركوه إلى أن غادر المسجد وقصفوه، بينما أهلنا قصفونا ونحن نؤدي الصلاة داخل المسجد». وهاجم صالح الثورات العربية ضمناً، مشيرا إلى أنها «صناعة خارجية» وأنها ليست من ثقافة العرب. وشكر خادم الحرمين والسعودية على دورهما في التوصل لحل الأزمة في بلاده، كما شكر الدول الخليجية والأممالمتحدة والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي. وأبدى الرئيس اليمني استعداده للتجاوب مع المبادرة، وقال: «ليس المهم هو التوقيع على المبادرة إنما حسن النوايا وبدء العمل، وأنا على استعداد لشراكة حقيقية لبناء ما خلفته الأزمة، وسأتعاون مع الحكومة المقبلة لإنجاح المبادرة». ووصف الزياني حفلة التوقيع على المبادرة بأنها «لحظة تاريخية»، فيما شدد ابن عمر على الدور الذي لعبته الأممالمتحدة في مساندة المبادرة الخليجية، مبدياً استعداد المنظمة الدولية لمساندة العملية السياسية في اليمن، وكذلك في بناء ما هدمته الأزمة على مدى أشهر. وبعد توقيع المبادرة التي وقعها ايضا وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد لكون بلاده ترأس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، قام ممثلون عن حزب «المؤتمر الشعبي العام» وعن احزاب المعارضة بتوقيع الآلية التنفيذية للمبادرة. وتنص الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية على فترة انتقالية اولى تبدأ من تاريخ التوقيع وتنتهي بإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة التوافقية خلال تسعين يوماً يبقى صالح خلالها رئيسا شرفيا وتشكل حكومة وحدة وطنية برئاسة شخصية من المعارضة، في حين تبدأ مرحلة انتقالة ثانية من تاريخ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية ولمدة عامين، وتنتهي بإجراء انتخابات نيابية ورئاسية بعد الاستفتاء على دستور جديد. ورغم ترحيب معظم اليمنيين بتوقيع الاتفاق في الرياض، فان الشباب المحتجين والمعتصمين في «ساحة التغيير» في صنعاء اعلنوا رفضهم لاتفاق نقل السلطة واصرارهم على محاكمة علي صالح. واكد المسؤول الاعلامي في «اللجنة التنظيمية لشباب الثورة السلمية» وليد العماري الدعوة الى «مسيرة مليونية تصعيدية لرفض توقيع المبادرة الخليجية». واضاف العماري ان «المبادرة الخليجية لا تعنينا ولن نتزحزح من الساحات حتى يتم تحقيق كامل اهداف الثورة التي خرجنا من اجلها وخصوصا محاكمة صالح وبقايا النظام». وهتف شبان من المحتجين «لا حصانة لا ضمانة، لعلي صالح واعوانه». وفي نيويورك، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن الرئيس اليمني أبلغه في اتصال هاتفي «إنه سينتقل الى نيويورك لتلقي العلاج فور توقيعه الاتفاق على نقل السلطة». وأشار الى أن صالح أبلغه بأنه «سيسلم كل السلطات العائدة إليه»، لكنه اوضح ان الاتفاق ينص على أن يبقى صالح رئيساً لمدة 90 يوماً رغم أن صالح أبلغه عزمه على «الانتقال الى نيويورك فوراً بعد توقيع الاتفاق». ويستعد مجلس الأمن لمناقشة موضوع اليمن الإثنين المقبل حيث سيوجز الموفد الخاص جمال بن عمر التطورات المتعلقة بتوقيع اتفاق نقل السلطة وحصيلة لقاءاته مع الأطراف السياسيين هناك. وقال ديبلوماسي غربي رفيع ان مجلس الأمن «متحد في شأن اليمن» وأن تقرير بن عمر سيحدد اتجاه التحرك. وأوضح أن توقيع صالح الاتفاق «ليس سوى خطوة أولى، والعبرة في التنفيذ». ورحب الرئيس باراك اوباما بتوقيع الاتفاق وبجهود مجلس التعاون الخليجي ودعا مع الاتحاد الاوروبي الى تطبيق بنود الاتفاق فوراً.