عزز الثوار الليبيون مساء أمس الخميس سيطرتهم على طرابلس بتطهيرهم حي بوسليم ومناطق أخرى، مما عجّل بمباشرة المجلس الوطني الانتقالي مهامه من داخل العاصمة. وتواصلت في الأثناء مطاردة العقيد معمر القذافي الذي استحث مجددا أنصاره للقتال، في حين يتطلع الثوار لاستكمال تحرير ليبيا من نظامه. وأفاد مراسل الجزيرة في طرابلس عبد العظيم محمد بأن الثوار اقتحموا منطقة بوسليم –المجاورة لمجمع باب العزيزية في جنوبطرابلس- على خلفية تكهنات سابقة بأن سيف الإسلام القذافي يتحصن داخلها مع مجموعة من أنصاره، بيد أنهم لم يعثروا عليه. وأوضح المراسل أن ثلاث كتائب للثوار اقتحمت حي بوسليم -وهو أحد أكبر أحياء العاصمة- من خلال ثلاثة محاور، وتم الدخول من شارع أم درمان، وتمكنت تلك الكتائب من السيطرة على الحي وتأمينه بالكامل خلال أربع ساعات، وهو ما أكده للجزيرة آمر كتيبة ثوار طرابلس عبد الرزاق الشريف. وقد توجه الثوار إلى بيت يعتقد أن سيف القذافي وبعض أنصاره يتحصنون به وحصلت اشتباكات في محيط البيت، قتل فيها اثنان من الثوار، وتبين أنه لا يوجد هناك أي من أبناء القذافي. وتمكن الثوار من أسر عدد من عناصر كتائب القذافي. وقبيل سيطرتهم على حي بوسليم، كان الثوار قد اشتبكوا مع فلول القذافي خاصة قرب مطار طرابلس الدولي الذي يسيطر عليه ثوار الزنتان، وأمنوا تقريبا الطريق المؤدية إليه. وقد تعرض مهبط المطار أمس لقصف بصواريخ غراد أدى إلى تدمير طائرة مدنية ثانية رابضة فيه. المجلس الانتقالي بطرابلس وبعد قليل من تطهير الثوار حي بوسليم ومحيط المطار في جنوبطرابلس، أعلن وزير المالية والنفط في المجلس الانتقالي علي الترهوني أن المجلس باشر أعماله في العاصمة. وقال الترهوني -في مؤتمر صحفي بطرابلس- إن رئيس المجلس مصطفي عبد الجليل، ورئيس المكتب التنفيذي محمود جبريل، سينتقلان إليها من بنغازي حالما يتحسن الوضع الأمني. وفي وقت سابق أمس، كان نصف أعضاء المجلس الانتقالي وفي مقدمتهم مسؤول الشؤون السياسية في المكتب التنفيذي علي العيساوي قد انتقلوا إلى العاصمة الليبية، بينما تسعى قيادة الثوار إلى تأمين الخدمات الأساسية لها، مع التركيز على إرساء الأمن باعتباره الأولوية القصوى في هذه المرحلة. لا مكان للتطرف وفي هذا الإطار دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الثوار الليبيين إلى الحزم مع ما سمته "التطرف" واعتبرت أن الأيام والأسابيع المقبلة ستكون "حاسمة" في ليبيا. وقالت كلينتون في بيان لها إنه تجري مراقبتهم للتأكد من أن ليبيا تتحمل مسؤولياتها في مجال المعاملة وأنها تتأكد من أن كميات الأسلحة لا تهدد جيرانها ولا تقع فيما وصفتها بأيدٍ سيئة وأن تكون حازمة تجاه التطرف. وأضافت أنه لا يمكن أن يكون هناك مكان في ليبيا الجديدة للثأر والهجمات الانتقامية. مطاردة القذافي وكان الثوار أعلنوا رصد مكافأة مالية بقيمة 1.7 مليون دولار لمن يقبض على العقيد القذافي حيا أو يقتله، وذلك بعد السيطرة على مقره بباب العزيزية. وفي وقت سابق أمس، نقلت رويترز عن بعض الثوار قولهم إنهم يحاصرون عمارات بالقرب من مجمع العزيزية، ويعتقدون أن القذافي وعددا من أبنائه يتحصنون في تلك البنايات. وفي مؤتمر صحفي بروما أمس، رجح الرائد عبد السلام جلود المنشق عن نظام القذافي أن يكون الأخير يتنقل باستمرار، مشيرا إلى أنه ربما يختبئ حينا في مسجد وحينا آخر في مستشفى. وفي رسالة صوتية جديدة بثتها قناتا الرأي والعروبة أمس، دعا العقيد الليبي أنصاره إلى مقاتلة من سماهم المتمردين و"تحرير" العاصمة. ودعا القبائل إلى الدفاع عن أراضيها، مكررا عبارات دأب على استخدامها مثل الزحف المليوني. وقالت الولاياتالمتحدة أمس إنها والحلف الأطلسي لا تطاردان العقيد الليبي، بينما ذكر وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس أن الناتو يقدم دعما للثوار على الأرض لاسيما في جهودهم لملاحقة القذافي من خلال معلومات استخباراتية، ومعلومات استطلاع. استكمال التحرير وبعد سيطرتهم تقريبا على طرابلس، يتأهب الثوار لشن عملية ضد فلول الكتائب التي تحاصر منذ أيام وتقصف مدينة زوارة القريبة من الحدود التونسية، مما سيفضي إلى تأمين الطريق الساحلية بين طرابلس والحدود التونسية نهائيا. الثوار تلقوا نداءات من زوارة لإنهاء قصف فلول القذافي لها (رويترز) وفي الوقت نفسه، حشد الثوار مزيدا من قواتهم شرق سرت وغربها بانتظار ما ستسفر عنه المفاوضات التي يتوسط فيها وجهاء المدينة لتحريرها دون قتال. وأعلن الثوار الليبيون أمس أنهم سيطروا على بلدة الويق الإستراتيجية الواقعة في أقصى الجنوب على مقربة من الحدود مع النيجر بعدما سيطروا في وقت سابق على مدينة مرزق، في حين ذكرت مصادر مؤيدة للثوار أن مدينة غدامس القريبة من الحدود مع الجزائر تحررت مساء أمس. وكان مصطفى عبد الجليل دعا أمس باقي المناطق الليبية إلى الالتحاق بركب الثورة، ورحب بأي مفاوضات مع المناطق والقبائل الليبية التي لا تزال الكتائب تحاصرها لتجنب إراقة مزيد من الدماء. كما دعا الليبيين في هذه المناطق إلى تشكيل لجان شعبية، واختيار من يمثلهم في المجلس الانتقالي. ومن جهة أخرى، قال عبد الجليل إن المجلس أمّن كميات من المحروقات والمواد والغذائية والأدوية في طرابلس والزاوية تكفي لكل ليبيا التي يقول الثوار إنهم يسيطرون على نحو 95% من أراضيها.