مصطفى الأنصاري (الحياة اللندنية) الدكتور سعد بن عبدالله الشريف.. ما ذا تعرف عزيزي القارئ عن هذا الشخص؟ ... قبل أن تكمل ... لا تعرف شيئاً، مثلي تماماً قبل أن يجمعني به القدر ذات يوم! إنه «نصف أسامة» بن لادن. صديق طفولته. رفيقه في السلاح. كلاهما متزوج بكريمة الآخر. التقيا في المدينةالمنورة، وفي أفغانستان، وفي جدة، وفي السودان. كانا ينامان في غرفة واحدة. ويترصدان العدوّ في خندق واحد. تعاطيا كل شيء معاً: الأرواح والمال والطعام والمواقف والفتاوى. مع ذلك ملأ النصف الأول كل الكون شهرة وإرهاباً ونجومية. وظل النصف الآخر عصياً على أي ضوء. ضد أي إرهاب! قاطع العدسات والعناوين بكل أنواعها. ونزيد أكثر: كان أقرب إلى أسامة من عبدالله عزام، ومن أبي حمزة وأبي حفص والظواهري وأبي الغيث. بل أقرب إليه من أشقائه وإخوانه. كان الجميع يشتكي أسامة إليه، ويشتكيه إلى أسامة عند اللزوم. شخص بكل هذه الأهمية أين كان؟ إنه يسكن جدة، والمدينةالمنورة، وربما قابله أحد القراء ولا يدري أنه هو. واليوم يقول «كلمته الأولى». قصة شخص بالواقع الذي ذكر، لا يسعها حوار من حلقتين أو ثلاث أو عشر، ولكن الحديث معه في هذه الحلقة، وحلقات مقبلة، سيتوقف عند «موت» نصفه الآخر، أسامة بن لادن، وشيء من حكايته معه. الشريف أيضاً سيفسر لنا كيف مات أسامة. ومن حماه. ثم يحدثنا عن أخته التي قُتل أسامة بين يديها أو على بعد أمتار منها. وقتل ابنها خالد بن أسامة على مرأى من عينيها. هل أنا أهول الأمر؟ التفاصيل تحكم بيننا. أعلنت الولاياتالمتحدة الأميركية أنها قتلت أسامة بن لادن... كيف تلقيت هذا الخبر للوهلة الأولى؟ - حزنت كثيراً، وبما أن الخبر أعلن مبكراً بعد صلاة الفجر فكنت كمن استيقظ على خبر مفزع بغض النظر عن الخلفيات. لكن بحكم العلاقة التي كانت بيننا من رحم، وصداقة، وأخوة، ورفقة الجهاد والسلاح في مرحلة من المراحل فلا بد من أن يحدث استرجاع لكل هذا وقت تلقي الخبر فتذكرت أول يوم قابلته فيه، ثم آخر يوم تركته فيه. هل كان وقع الخبر عليك قوياً إلى درجة أنك كمن يحتضر في هذا المشهد الذي صورت؟ - استرجاعي لذكرياتي مع أسامة كانت من باب تذكر محاسن الموتى، وحديثي كان عما عايشته. أما ما بعد ذلك فلا أستطيع إلا أن أكون كبقية الناس في تحليل الموضوع. هل ما يستوجبه علينا الدين من تذكر محاسن موتانا يجعلك تغفر لأسامة ما قد كان، ولا سيما أنك تضررت كثيراً - وما زلت - من تبعات هذه العلاقة حين تلقيت الخبر؟ - الإنسان بطبيعته يتذكر كل ما هو حسن وقت الموت لشخص ما، إضافة إلى علاقة المصاهرة بيننا فقد كانت عنصر ضغط كبير جداً، ولا سيما أن أختي زوجة أسامة بن لادن «سهام الشريف» تربطني بها علاقة روحية، فضلاً عن العلاقة الأخوية، فقد كنا نتحاور كثيراً حول القضايا والمواضيع المختلفة، وحين حضّرت الماجستير والدكتوراه كانت تراسلني لأخذ رأيي في مواضيع مختلفة. أسامة بن لادن - كما قال المحللون - أصبح شخصيات عدة، فهناك أسامة المجاهد، وأسامة المناوئ للغرب، وهاتان الصورتان هما العالقتان في ذهن غالبية الناس، وأسامة الذي أفتى بجواز قتل أبرياء كثر ولن نقف عندها كثيراً بسبب رهبة الموت كما ذكرت، فأي هذه الشخصيات قفز إلى ذهنك لحظة تلقي الخبر؟ - بحكم ما كان من أخوة وصداقة ورفقة ومصاهرة إلى آخر ما يمكن أن يقال في علاقة طيبة في المرحلة الأولى، إلى مرحلة النقاش والإنكار والاعتراض والهجر في كثير من الأحيان لمحاولة الإمساك بزمام الأمور، هاتان المرحلتان هما من كانا في ذهني ساعة تلقي الخبر. ما الموقف الذي ألح عليك في تلك اللحظة بعد تذكر شريط ذكرياتك مع أسامة؟ - لاشك في أن العِشْرة والعلاقة الحميمة في مرحلة من المراحل بعمومها كانت تحضرني، ولكن لحظة المفارقة كانت تلح علي كثيراً. هل قلت في نفسك لحظة تذكر هذه اللحظة لو استمع لي أسامة لما كان حصل كل هذا؟ - بلا شك، ولا سيما أننا في هذه الفترة نعيش تغيرات كبيرة في عالمنا العربي، وهو ما جعلني أشعر بشيء من الانتشاء في نفسي، لأنني منذ البداية كنت أؤمن بهذا الطرح. لهذا هجرت أسامة إذاً، حدثنا عن جوهر الاختلاف بينك وبين أسامة والذي كان السبب في المفارقة، ولا سيما أنك في إحدى المراحل بلغت من القرب له أن أطلق عليك أحدهم لقب «نصف أسامة»؟ - الاختلاف كان بيننا في الأفكار والرؤية، حتى إننا لحظة المفارقة كان كل منا يبكي لفراق الآخر، لكن حين تناقشت مع أسامة في آخر لحظة قال لي: «لا أستطيع» فكان كمن حسم أمره ولا يستطيع التراجع. حين تألمت لموت أسامة... ألم تشعر بشيء من تأنيب الضمير فلو كنت بذلت مزيداً من الجهد في مراجعة أسامة لربما أخذته لطريقك؟ - أبداً، لأنني بذلت أقصى ما في وسعي خلال مراحل مختلفة. لم تقل لنا ما هي فكرة الاختلاف مع أسامة؟ - جوهر الاختلاف أنني بعد التجربة الأفغانية وبخروج الروس لم أعد أرى نفعاً من اتجاه الجماعات المسلحة، وأن التغيير ممكن أن يحدث بطريقة سلمية، وأن العمل ضمن مؤسسات مدنية والتأثير من خلالها أفضل، أما مسألة مقاومة المحتل فهذه مسألة مسلّم بها في كل الشرائع السماوية والأرضية، لكنها قضية مختلفة تماماً عما سارت إليه الأمور بعد ذلك. علمنا من خلال ما تم بثه أن أسامة لم يكن منقطعاً عن العالم كما كنا نعتقد، فهو يشاهد ويرى ما يجري في العالم العربي... فهل تعتقد بأنه حين رأى هذه التغييرات تذكرك وقال صدق سعد؟ - الله اعلم، ولكني متأكد أنه مهما تغيرت به الأحوال وتبدلت لا يستطيع نسياني، كما أني لا أستطيع، على رغم اختلافنا الشديد الذي جعل كلاً منا يسير في اتجاه معاكس. في المجالس تذكر أسامة الصديق، والأخ الحميم وما إلى ذلك من زخم المواقف والمشاهد... فهل هذا ما استدعى مشاعر الحزن على أسامة، أم العائلة والمصاهرة وبكاء النساء - ولا سيما أنك متزوج من ابنة أخته - هو ما كان له التأثير الأكبر؟ - في الحقيقة كلها منظومة متشابكة ومؤثرة في بعضها، ولكن حين أعود للذكرى ونوع العلاقة نفسها أجدها أثرى وأغنى من كل هذا التصور، لأنه كان بيننا مثل ما يقال «أخوة الدم» في مرحلة من المراحل كدنا أن نموت سوياً، وضربنا سوياً، ودفنا سوياً، وذات مرة أخبر أنني قتلت فأتى مسرعاً وحين وصل وعلم أنني المصاب ولست المقتول سجد لله سجود شكر. كل هذا بلا شك له أثر كبير جداً في النفس ويجعلك تستشعر حزنك على ما آل إليه هذا الصديق. استقلالي مكنني من ترك بن لادن هل أفهم من هذا أنك تُعزَّى في أسامة ولا تعزِّي فيه من شدة ما كان بينكما من روابط، حتى إنني سمعت أن بعض أقارب أسامة كانوا يشتكونه إليك؟ -لا تعليق، رحمه الله! تضررتَ كثيراً من أسامة الثالث، فمنعت من السفر، وتم حجز أرصدتك، وأضرار أخرى سنتطرق إليها لاحقا... ألم تهوّن من وقع خبر الوفاة عليك تلك الأضرار؟ - كانت علاقتي قوية ومتينة بأسامة، صحيح أننا اتفقنا واختلفنا، ثم تفرقنا من بعد ذلك بقناعة كل منا بفكر وخياراته، لكني بحكم أن ما حدث لي من أضرار كان في غيبته فإنني لا أستطيع تحميله مسؤولية ما لحق بي من أذى! بصراحة... هل مرت عليك لحظة ندمت فيها على أنك عرفت أسامة؟ - أبداً، فأنا مستقل التفكير منذ البداية، فأعرف الرجال بالحق ولا أعرف الحق بالرجال، وهذا التفكير الذي نشأت عليه هو ما جعلني أكون حيثما كان الصواب، وحيثما كان الخطأ أجانب، مع أسامة أو غيره، وهذا الفكر أراحني كثيراً في كل المراحل التي مرت بها العلاقة، ومما كنا نختلف عليه حتى في مرحلة أسامة الأول، فلكل منا تصوره الخاص. فلماذا أندم على قناعاتي التي أراها صحيحة. ما هذا الوفاء وما الاختراق الذي صنعه أسامة فيك، على رغم كل هذا الحظر والضجيج والاختلاف إلا انك لم تندم على علاقتك به؟ - لأن علاقتي به كانت بأسامة الإنسان، والأخ والصديق، والغيور على بلده الذي وُلد وتربى فيه، علاقة ما اختلف عليها اثنان، بل كان الجميع يفاخر ويبحث عن مثلها، فكيف أندم على مرحلة أرى أنها جداً ناصعة وايجابية، والمرحلة التي جاءت فيما بعد، لم أعايشها وأتابعها كما تابعها غيري من الناس. إذاً... كيف استطعت الفصل بين هذه المراحل لأن هذه مشاعر متناقضة أيقظها موت أسامة؟ - لو نظرت إلى رجالات التاريخ، ستجد بلا شك الايجابيات والسلبيات، وكونك تعيش مرحلة من الايجابيات في مقابل مراحل من السلبيات لم تعشها، فمن المؤكد انك ستتذكر ما عايشته لا العكس، أما الآخر فتسمع عنه، وهناك فرق بين أن تسمع وان تعيش. هل أفهم من ذلك أنك تحاول أن تضحك على نفسك فتنظر له على أنه أسامة الذي عرفت، حتى وإن كنت موقناً بأنه ليس كذلك؟ - قد يكون هذا اختصاراً لما في النفس، صحيح، إضافة إلى انك يجب أن تحترم عدوك إذا كان لديه مبدأ متمسك به وباقٍ عليه، بغض النظر عن صحة هذا المبدأ وخطئه، فكيف بصديق، لكل منا أفكاره ومبادئه. تأثري بموت بن لادن كان رغماً عني بحكم المصاهرة المزدوجة مع ابن لادن... هل كنتم يئستم منه منذ فترة طويلة، فقد انعزل عنكم منذ سنوات وكنتم تعلمون انه لن يعود فلماذا كانت ميتته محزنة؟ - الموت له رهبة وله تأثير، وان يكون بمثل هذه الطريقة لا شك أنه مؤثر جداً، وفي ديننا مفهوم الإحسان العام للنفس البشرية أيا كانت ولو لعدو، فما بالك بقريب وصديق من 10 - 15 سنة، وهي مشاعر تؤثر في النفس، ونعبر عنها كشيء منفصل عن الاتفاق والاختلاف. هل حزن قرابة أسامة عليه مع بُعده ومعرفتهم بعدم عودته، نوع من عدم اليأس منه، على رغم كل هذا ولا سيما أنك قلت لي سابقاً انه كان «رجاعاً للحق» فيما مضى طبعا؟ - بلا شك لا يوجد مستحيل في هذا الأمر، والتصور العقلي ليس له حدود، لكن من حيث الواقع نرى أن هذا الإنسان سلك طريقاً لا يمكن العودة منه، وان أراد أن يعود فالنهاية في كلتا الحالتين واحدة ما دام الأمر على ما هو عليه، وفي النهاية هو أخ أو ابن، أو عم أو خال، من الطبيعي الحزن عليه ولو لم تقم له مراسم عزاء. ألم تشعر بشيء من الخيانة لأسامة الصديق، وأنت لم تقم له سرادق عزاء؟ - هناك نوع من الأسى على أن لم يكن له شيء من هذا القبيل، لأنه في النهاية نفس بشرية ينبغي احترامها بغض النظر عن الأخطاء الأخرى. هل يعني هذا انك تختلف مع عائلته على أنهم لم يقيموا له مراسم عزاء، أم أن العزاء في القلوب كما يقال؟ - هذه إجابة ديبلوماسية لكن أناس كثر يسألون: هل هناك عزاء لنعزي أم لا. فبماذا تجيبون؟ - لا يوجد جواب، وانتم أدرى بالحال، فلا نريد أن يفهم العزاء على انه إقرار وتأييد، ولكن على سبيل المثال: إذا كان ابنك عاصياً وجر عليك المتاعب ثم مات أو قتل فستقيم له حتماً مراسم عزاء على رغم كل شيء، وهذا بديهي لكن لكل ظرفه وحاله الذي هو أدرى به. وحالك أنت ماذا فعلت؟ - كما تراني. في ما يخص مقتل أسامة وبما عرفت عنه... ما الرواية الأقرب إلى تصديقك في قصة مقتله؟ - في منطقة مثل باكستان لا شك أن هناك تحايل في أن يوجد في مثل هذا المكان، تطبيقاً لنظرية «كلما كنت قريباً من العدو كنت أكثر أمناً»، لكن التساؤل الأول: مكان مثل الذي صور وبهذه المواصفات كيف يمكن ألا يوجد به أفراد للحماية؟ ولم يكن بداخله سوى أربعة أشخاص منهم ابنه خالد، وقد يكون هذا من باب إذا كثر العدد لفت النظر، لكن التساؤل الثاني: أن المبنى كبير ولا بد من أن يكون له مداخل ومخارج عدة، وأعتقد بأن العملية كلها لم تستغرق إلا خمس أو ست دقائق أما بقية 40 دقيقة التي قيلت فكانت في البحث والتفتيش عن محتويات المكان. من خلال معرفتك بأفغانستانوباكستان... من تظن أنه وفر الحماية لأسامة؟ - قد يكون من تصور أنه يخدم قضية معينة أو لمصلحة جهة تخدم جهة أخرى أياً كانت، وسواء كان هذا التصور بسبب عقدي أم مصلحي، فإنه هو الراجح عندي، وهو الذي مكّنه من الإقامة في منطقة أكثر أمناً. أخترق الباكستانيون فباعوه من خلال معرفتك بأسامة وذكائه الشديد في مدّ الخطوط مع كل الأطراف... هل تعتقد بأنه هو من اخترق الأجهزة الأمنية الباكستانية ولم يُخترق؟ - ممكن أن يخترق تلك الأجهزة من حيث الاستمالة أو التعاطف، لأن الشعب الباكستاني عاطفي بطبيعته وهو ليس غريباً عليهم. ولكن ما حدث بعد ذلك من صدام بين طالبان باكستان والجيش الباكستاني أكل من هذا الرصيد بشكل كبير ولو قتل أسامة قبل هذا لكان من الممكن أن تسقط الحكومة كما سقطت حكومة برويز بسبب المسجد الأحمر. كيف تحمي باكستان شخصاً هم مناوئون لحلفائه، على هذا الاعتقاد؟ - في تقديرنا، أن المتعاطفين معه ربما ليسوا من الحكومة المركزية، وإنما في الاستخبارات العسكرية، وكثير من أنظمة العالم تتحالف مع بعض أعدائها سراً أو بعض حلفاء أعدائها للحصول على بعض المكاسب، وأوراق المناورة. إذاً، من معرفتك بأسامة ترجح أن يكون أتى إلى هذا المكان مختاراً، وأنه كان محاصراً لإيمانه بالمشاركة الفعلية؟ - لا أًعلم ما الظروف المحيطة به، ولكن يبدو أن ضغط القوى المحيطة به كان قوياً جداً، وبالتالي قد يكون ليس لديه سوى هذا الخيار، فالتنقل في المناطق الباكستانية فيه خطورة من حيث إنهم قبائل لا يحفظون السر من باب التباهي، إضافة إلى الاختلاط الحاصل على الحدود والذي من الممكن أن يوصل إلى بعض الخيوط، وبذل الجهد المضني في التنقل يفقد التركيز. ذكرت سابقاً أن أسامة شخصية مبالغة في أخذ الاحتياطات الأمنية، فنادراً ما يكون في مكان لا يحفر فيه خندقاً في الأرض أو ما شابهه؟ - نعم هذا صحيح، وهذا ما جعلني أضع علامة استفهام حول أن ما حدث قد كان ضمن صفقة أو اتفاقية، فأسامة الذي رأيناه في الصور كان آمناً، ومفروضاً عليه البقاء بشروط المستضيف، وليس بمواصفاته التي يؤمن بها ويأخذ بها في أماكن سكناه في كل المراحل التي قضيناها سوية، وكانت التهديدات قائمة بشدة حتى في تلك الأيام. هناك من يجزم بأن أسامة استُدرج إلى هذا المكان لحمايته ثم باعه الباكستانيون؟ - كل شيء وارد في ضوء شح المعلومات، والوضع والتصور الذي أعرفه تغير كثيراً، فالعقيدة الباكستانية أصابها شيء من الانحراف جراء الضغط الأميركي القوي عليها، فخلق لها إرهاباً محلياً لم يكن موجوداً من قبل، كان هناك خلاف طائفي بين السنة والشيعة لكنه محدود جداً ولم يكن بهذا التصور إلا بعد التحالف الذي حصل، فما كان يستبعد من الباكستانيين القيام به قديماً، ربما يقومون به اليوم. أسامة لم يكن مسلحاً - كما قيل -... ألم يكن هذا يعزز القول بأنه أسير تحت الحماية؟ - من معرفتي بأسامة لا يترك سلاحه في ظروف لم يكن عليه طلب فيها فما بالك الآن، ويهتم بأن يكون له في كل منطقة يذهب إليها خندق أو ما شابهه من باب التأمين، وقد يكون أسيراً بالفعل لكن هو لا يعلم بذلك ويرى أنه كان مختبئاً وفي مأمن. مسألة قتل أسامة وليس أسره... ماذا تعني لك، ولا سيما أنه لم يكن مسلحاً؟ - قد يكون هذا لحسابات خاصة بالرئيس الأميركي لإسدال الستار سريعاً على هذه المرحلة، أما أسره ومحاكمته فستدخل في سنوات كثيرة، ولا سيما أن لديهم تجربة سابقة مع صدام حسين، فربما يرون أن قتل الشخص هو الأفضل لهم من حيث الاستراتجيات الأمنية من أسره، وهذا فيه دلالة على اطمئنانهم لكمّ المعلومات الذي كان لديهم. من ضمن ما ذكر أن أسامة حين دخل عليه الأميركيون لم يبد مقاومة ولم يكن معه سلاح... فهل أسامة الذي تعرفه ممكن أن يستسلم بسهولة من دون أي مقاومة حتى من دون سلاح؟ - بالطبع لا، من المؤكد أنه قاوم ولو من دون سلاح فقد يكون حاول أن يأتي بسلاح فقتل، ولكن كونه يضرب برأسه فهذا دليل على التصفية. وإن ثبت أنه لم يبد مقاومة بالفعل كيف تفسر هذا؟ - قد يكون أصيب بذهول كونهم وصلوا إلى غرفة نومه وهو نائم بجوار زوجته فهذه قضية ليست سهلة، والسرعة الخاطفة والمعرفة الدقيقة لتفاصيل المكان الذي هو فيه، دليل آخر على أن هناك اختراقاً دقيقاً بلا شك.