استنكرت سوريا الخميس العقوبات المباشرة التي قررت الادارة الاميركية الاربعاء فرضها على الرئيس السوري بشار الاسد وعدد من المسؤولين السوريين بسبب قمع الحركة الاحتجاجية في البلاد عشية الدعوة الى التظاهر يوم "جمعة الحرية" في جميع المدن السورية. وقال مصدر رسمي في تصريح نقلته وكالة الانباء الرسمية (سانا) ان سوريا "تستنكر الاجراءات التي اتخذتها الولاياتالمتحدة حيال الرئيس بشار الاسد وعدد من المسؤولين السوريين بذريعة الاحداث الجارية في سوريا". واعلنت الادارة الاميركية الاربعاء ان الولاياتالمتحدة قررت فرض عقوبات مباشرة على الرئيس السوري وستة اخرين من كبار اركان النظام بسبب دورهم في القمع الدموي للانتفاضة في هذا البلد. وجاء في بيان ان الامر التنفيذي الجديد الذي وقعه اوباما "هو اجراء حاسم لزيادة الضغط على الحكومة السورية كي توقف العنف ضد شعبها والبدء بمرحلة انتقالية نحو نظام ديموقراطي". وتقول منظمات حقوقية ان اكثر من 850 شخصا قتلوا كما اعتقل حوالى ثمانية الاف منذ بدء حركة الاحتجاجات غير المسبوقة منذ منتصف اذار/مارس الماضي. واعتبر المصدر السوري ان ذلك يصب في مصلحة اسرائيل، وقال "الاجراء الاميركي بحق سوريا له تفسير واحد هو التحريض الذي يؤدي لاستمرار الازمة في سوريا الامر الذي يخدم مصالح اسرائيل قبل كل شيء". واشار الى ان سلسلة العقوبات الاميركية التي تضمنت "قانون محاسبة سوريا وسبقه وضع سوريا على قائمة الدول الراعية للارهاب" كانت "بسبب دعمها للمقاومة". واكدت سوريا ان هذه العقوبات "لم ولن تؤثر على قرار سوريا المستقل وعلى صمودها امام المحاولات الاميركية المتكررة للهيمنة على قرارها الوطني وانجاز الاصلاح الشامل". واستهدفت العقوبات الرئيس الاسد وستة اشخاص اخرين بسبب دورهم في قمع الحركة الاحتجاجية هم نائب الرئيس فاروق الشرع ورئيس الحكومة عادل سفر ووزير الداخلية محمد ابراهيم الشعار ووزير الدفاع علي حبيب محمود ومدير المخابرات عبد الفتاح قدسية و"مدير الامن السياسي" محمد ديب زيتون. وكان الرئيس الاميركي فرض في 29 نيسان/ابريل سلسلة اولى من العقوبات ضد مسؤولين في النظام السوري بينهم ماهر، الشقيق الاصغر للرئيس الاسد. وتناول الامر التنفيذي الذي اصدره اوباما في نيسان/ابريل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني و"احد معاونيه الرئيسيين" محسن شيرازي. وكانت مجموعة العقوبات تستهدف فيلق القدس على اساس انه منظمة "تؤمن الدعم المادي" لاجهزة الاستخبارات السورية. وياتي ذلك فيما تجددت الدعوة الى التظاهر في يوم "جمعة ازادي" وازادي تعني الحرية باللغة الكردية. واكد النص الذي بثته صفحة "الثورة السورية" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" على سلمية المظاهرة الا انه اضاف "لن نتساهل مع الامن والشبيحة ولن نسمح لهم بالاعتقالات وسنكون شوكة في حناجرهم". واضافت الصفحة "بكرة يوم مختلف، يوم تتجلى فيه عبارة الشعب السوري واحد، يوم هتافه حوران (جنوب) تنادي ازادي وعفرين (بلدة كردية في الشمال) ترد حرية، الدير (شمال شرق) تنادي ازادي قامشلي (شمال شرق) ترد حرية، وحمص (وسط) تصيح ازادي وكوباني (منطقة راس العين الكردية شمال شرق) ترد حرية". ياتي ذلك فيما "استمرت حملات الاعتقال في عدة مدن سورية منها حمص والرقة (شمال) ودير الزور واللاذقية (غرب) وفي مكان اعتقال احد قادة الاحتجاجات في بانياس (غرب) انس عيروط حيث جرت عدة حملات واعتقالات" في هذه المدينة الساحلية، حسبما اشار رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال رئيس المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "ما زال مصير بعض المعتقلين مجهولا رغم مضي عشرين يوما على اختفائهم". واضاف ان "الاشخاص الذين اعتقلوا في مدينة البيضة (المجاورة لبانياس) وظهروا على شريط فيديو وهم يتعرضون للاهانة تم اعتقالهم من جديد بعد ان اخلي سبيلهم وتعرضوا للتعذيب". وقال "جرت في مدينة نوى (محافظة درعا، جنوب) عمليات امنية يوم امس وصباح اليوم حيث جرت مداهمات واعتقالات طالت العشرات"، مشيرا الى "عدم وجود عسكري حتى الان" في هذه المدينة. كما ذكر رئيس المرصد انه "تم يوم امس تشييع عبد الرحمن الشغري الذي اصيب بطلق ناري في السابع من ايار/مايو واعتقلته السلطات جريحا"، مضيفا ان السلطات "قامت بتسليم جثمانه الى اسرته البارحة وبدا على جسده اثار كدمات تشير الى انه تعرض للتعذيب". وقال ان "المشيعين هتفوا بشعارات تمجد الشهيد رغم تواجد كثيف لعناصر الامن". وكانت الصحافية في قناة الجزيرة دوروثي بارفيز اكدت اثر وصولها الاربعاء من طهران الى الدوحة بعد 19 يوما من اختفائها في سوريا، انها شاهدت لدى اعتقالها في سوريا عمليات تعذيب شديد و"ضرب وحشي ليلا نهارا" وانتهاكات واختطاف لمواطنين سوريين. وقالت بارفيز في تصريحات للجزيرة ان معاملة السوريين "لي لم تكن سيئة ولكن ما يثير قلقي كيف كان السوريون يعاملون. فقد كانوا يتعرضون لضرب مبرح ليلا ونهارا وكانت هناك شابات خائفات وتم اخذهن من الشارع وجيء بهن وهن لم يدرين لماذا". وروت بارفيز شهادتها على عمليات تعذيب تمت في المعتقل، وقالت "ما شاهدته رجلا يتعرض للضرب ويديه مكتفتين خلفه على مدى ثلاثة ايام، وسمعت ما يمكن ان اصفه +ضربا وحشيا+ ومن صوته بدا انه من اواخر سني المراهقة وكان يبكي ويغمى عليه ويتعرض للضرب لساعات ولم افهم لماذا". وتابعت "كانت معاملتهم لي مقارنة بالسوريين جيدة. وضعونا في اماكن سكن مقرفة ووسخة وكانت هناك دماء على الجدران في احدى الزنزانات، وعندما وصلت لم يقولوا لي هل انا معتقلة ولماذا اعتقلت في هذا المجمع، ويبدو وكأنه مصغر لغوانتانامو، وكنت اقف في مكان فيه دم، ولم يضربني احد". واعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الخميس ان فرنسا تلاحظ ان قمع المدنيين يتفاقم في سوريا، وتحض المسؤولين السوريين على اجراء اصلاحات تتيح الحفاظ على الاستقرار في سوريا والمنطقة. وقال المتحدث باسم الوزارة برنار فاليرو في مؤتمر صحافي ان "القمع يتفاقم في سوريا، فيما تتراكم معلومات عن وجود مقابر جماعية وشهادات عن التعذيب". واضاف "من الضروري ان يتوقف القمع والاعتقالات التعسفية. يجب ان يعود الجيش الى الثكنات، ويجب ان يتم الافراج عن سجناء الرأي، ويتعين البدء بحوار سياسي حقيقي واجراء اصلاحات فعلية تستجيب للتطلعات المشروعة للشعب السوري. ولا بد من هذه التدابير للحفاظ على الاستقرار في سوريا وفي المنطقة". واوضح المتحدث ان "فرنسا تتابع اكثر من اي وقت مضى، جهودها مع شركائها في الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة للتنديد بالقمع ووضع السلطات السورية امام مسؤولياتها".