كشفت منظمة حقوقية, أمس, عن موجة اعتقالات جديدة طالت العشرات من مختلف شرائح المجتمع في أنحاء سورية كافة, خلال الأسبوع الجاري, فيما أكدت صحافية أفرج عنها أخيراً أنها شاهدت لدى اعتقالها عمليات تعذيب شديد و"ضرب وحشي ليلاً نهاراً" وانتهاكات واختطاف لمواطنين. وفي بيان تلقت "السياسة" نسخة منه, أوردت "المنظمة السورية لحقوق الإنسان في سورية" أسماء حوالي 130 شخصاً اعتقلتهم السلطات خلال الأسبوع الجاري, في مختلف المحافظات, إضافة إلى بعض أسماء القتلى الذين سقطوا في الأيام الماضية, سيما في بلدة تلكلخ الحدودية مع لبنان. اعتقالات تعسفية: وإذ دانت حملة الاعتقالات الواسعة التي تشهدها معظم المدن بالرغم من إنهاء العمل بحالة الطوارئ, اعتبرت المنظمة أن الاعتقال التعسفي بصوره المختلفة أحد الظواهر الخطيرة التي تشكل التهديد الرئيسي للحق في الحرية والأمان الشخصي, مطالبة السلطات بالإفراج الفوري عن كل السجناء الذين اعتقلوا على خلفية التظاهرات من شهرين الى الآن, وطي ملف الاعتقال السياسي عبر الإفراج عن كافة معتقلي الرأي والضمير والسجناء السياسيين في السجون. من جهته, قال رئيس المرصد السوري لحقوق الإسنان رامي عبد الرحمن "ما زال مصير بعض المعتقلين مجهولا رغم مضي عشرين يوماً على اختفائهم", مضيفاً ان "الاشخاص الذين اعتقلوا في مدينة البيضة (المجاورة لبانياس) وظهروا على شريط فيديو وهم يتعرضون للإهانة تم اعتقالهم من جديد, بعد أن أخلي سبيلهم وتعرضوا للتعذيب". وقال "جرت في مدينة نوى (محافظة درعا, جنوب) عمليات امنية يوم امس (الأربعاء) وصباح اليوم (الخميس) حيث جرت مداهمات واعتقالات طالت العشرات". وأشار إلى أنه تم أول من أمس تشييع عبد الرحمن الشغري الذي اصيب بطلق ناري في السابع من مايو الجاري واعتقلته السلطات جريحا, مضيفا ان السلطات "قامت بتسليم جثمانه الى اسرته البارحة وبدا على جسده اثار كدمات تشير الى انه تعرض للتعذيب". وأكد ان "المشيعين هتفوا بشعارات تمجد الشهيد رغم تواجد كثيف لعناصر الامن". ضرب وحشي : في سياق متصل, أكدت الصحافية في قناة "الجزيرة" دوروثي بارفاز اثر وصولها من طهران الى الدوحة, أول من أمس, بعد 19 يوماً من اختفائها في سورية, انها شاهدت لدى اعتقالها في سورية عمليات تعذيب شديد و"ضرب وحشي ليلاً نهاراً" وانتهاكات واختطاف لمواطنين. وقالت بافاز ان معاملة السوريين "لي لم تكن سيئة ولكن ما يثير قلقي كيف كان السوريون يعاملون, فقد كانوا يتعرضون لضرب مبرح ليلاً ونهاراً, وكانت هناك شابات خائفات وتم أخذهن من الشارع وجيء بهن وهن لم يدرين لماذا". واضافت "تحدثت إلى شابتين احداهما تعمل في بيع ملابس وكانت تستخدم هاتفها وفجأة جاء رجال وضعوا قناعاً على وجهها وأخذوها الى السجن وبقيت أربعة أيام ولم يسمح لها بالاتصال بأهلها وكانت خائفة جداً وكانت ترتدي كعباً عالياً ولم تكن من المحتجين بل كانت انسانة عادية". وتابعت ان "الشابة الاخرى عمرها 19 عاماً وعندما تركتها بلغت فترة اعتقالها عشرة ايام وكانت تبكي وتطلب الاتصال بأهلها ولم يسمح لها بذلك". وروت بارفاز شهادتها على عمليات تعذيب تمت في المعتقل, وقالت "ما شهدته رجل يتعرض للضرب ويداه مكتفتان خلفه على مدى ثلاثة أيام, وسمعت ما يمكن أن أصفه ضرباً وحشياً ومن صوته بدا أنه من اواخر سني المراهقة وكان يبكي ويغمى عليه ويتعرض للضرب لساعات ولم افهم لماذا". واضافت "لا ادري حقيقة هل كانوا شرطة او لا, فهم لا يرتدون زياً رسمياً ولا يعرفون عن أنفسهم والضرب كان وحشيا". دماء على جدران الزنزانة : وعن سبب اعتقالها, قالت الصحافية "لقد اكتشفوا ان لدي جواز سفر اميركيا وجهاز اتصال عبر الأقمار الاصطناعية فاخذوني الى مركز اعتقال, شعروا بأنني جاسوسة وسألوني اسئلة بهذا النحو وكانوا غير سعداء بطريقة تغطية "الجزيرة" وقالوا انها تغطية ناقصة, وقلت لهم إذا كانت الاقلية تسبب هذه المشكلات لماذا لا تعطونا الفرصة لنغطي ما يقوم به الاغلبية"? وتابعت "كانت معاملتهم لي مقارنة بالسوريين جيدة. وضعونا في أماكن سكن مقرفة ووسخة وكانت هناك دماء على الجدران في احدى الزنزانات, وعندما وصلت لم يقولوا لي هل أنا معتقلة ولماذا اعتقلت في هذا المجمع, ويبدو وكأنه مصغر لغوانتانامو, وكنت أقف في مكان فيه دم, ولم يضربني أحد". وحول معاملتها لدى وصولها الى طهران التي أطلقت سراحها اول من امس, قالت بارفاز "أنا مواطنة ايرانية لذلك بلدي عاملني معاملة مختلفة, لكن احتاجوا للتحقيق معي لأن سورية بعثتني الى ايران على اساس اني جاسوسة وكان على ايران ان تتأكد من اني لست جاسوسة, وقد اعتنوا بي جيدا ولم اسمع ان أحداً يتعرض للضرب, وبعد أسبوعين في هذا الصباح اعادوني للدوحة". تظاهرات الحرية: ووسط معلومات عن خروج تظاهرات تنادي بإسقاط النظام في مناطق عدة, سيما حمص وحلب ودرعا, أكد شهود ان قوات سورية تدعمها الدبابات انتشرت في قرية حدودية مع لبنان أمس. وشوهد جنود سوريون من قرية البقيعة اللبنانية الحدودية وهم ينتشرون على الناحية الاخرى من الحدود, وعلى طول نهر في قرية العريضة وكانوا يدخلون المنازل, فيما انتشر جنود لبنانيون أيضاً على طول الجانب اللبناني من الحدود. ووسط هذه التطورات, تجددت الدعوة الى التظاهر غداً في يوم "جمعة ازادي" أي الحرية باللغة الكردية. وأكد النص الذي بثته صفحة "الثورة السورية" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" على سلمية المظاهرة, الا انه اضاف "لن نتساهل مع الامن والشبيحة ولن نسمح لهم بالاعتقالات وسنكون شوكة في حناجرهم". واضافت الصفحة "بكرة (غداً) يوم مختلف, يوم تتجلى فيه عبارة الشعب السوري واحد, يوم هتافه حوران (جنوب) تنادي ازادي وعفرين (بلدة كردية في الشمال) ترد حرية, الدير (شمال شرق) تنادي ازادي قامشلي (شمال شرق) ترد حرية, وحمص (وسط) تصيح ازادي وكوباني (منطقة راس العين الكردية شمال شرق) ترد حرية".