مكة أون لاين - السعودية أن تتهم بأنك تؤلب الحكومة ضد الآخرين فهذا منطق أتفهمه، لكن المُحزن أن تتهم بأنك ضد الدين ولهذا تحارب «رجال الدين». المؤلم في هذه التهمة أنها تقول إنك ضد الدين، وأصحاب هذا المنطق أذكياء أو لنقل مواربون، فهم لا يقولون إنك «كافر» بل يصفونك بأنك ضد الدين، ويتركون لمريديهم استنتاج الحكم، وقياساً على التغريدات في المقال الماضي يعني أنني أصبحت هدفاً يفتح باب الحور العين، وهذا الأمر ليس مهماً، كما أن الأمر لا يحاول تبرئة الشاب الذي فجّر نفسه بمسجد القديح. ولستُ مع من يجنح لوصفه بأنه مغرر به، إنما أعتبره مجرماً، لكن بنفس الوقت ينبغي أن لا نكتفي بمعاقبة المجرم، بل نحاول أن نبحث عن أسباب الجريمة، إن تغاضينا عن الأسباب فنحن أشبه بمن يمنع مُنتجا لكنه يتجاهل وجود المصنع، فالولد في جريمة القطيف يمكن اعتباره أشبه بأداة الجريمة، ونحن نتفق جميعاً بأن الحل ليس أن نمنع إيران وحزب الله وداعش والقاعدة من أن يعبثوا بأمننا فقط، فمهما كانت قدراتنا لا نستطيع أن نقول لهم: كفوا عن عداوتنا وكونوا جيرانا جيدين، الحل الأهم ألا تجد هذه الدول والمنظمات أدوات جاهزة تستغلها ضدنا. يجب أن نعترف بشجاعة أننا خلال العقود الماضية ارتكبنا عددا من الأخطاء التي نجني نتائجها الآن، والمشكلة الأخرى الآن أننا انشغلنا بمناقشة النتائج وتناسينا الأسباب، عندما يكون الأمر يتعلق بأمن الوطن يجب أن نتخلى عن الآراء الفضفاضة والمواربة، لندع حيل المجاز جانباً ونسمي الأشياء بمسمياتها، سيكون ذلك محرجا ومؤلما، لكن أيضاً للشجاعة ضريبتها. يجب أن نعترف أن تكليف شخص يكفّر بعض أبناء الوطن ليقوم بمناصحة متهمين بالتكفير والإرهاب هي قضية تدخل ضمن باب (ضحكٌ كالبكاء) لكنها في النهاية درس مهم جداً، وهذا مثال بسيط وصغير لقضايا كنّا نعتقدها هامشية لكن نتائجها كانت صاعقة مزقت اللحمة الوطنية، أن يغرّد عضو هيئة (تدليس) بتويتر علناً بمنهجه التكفيري، فهذا يجعلنا نتساءل عما يحدث داخل قاعات الجامعة وفي الدروس الخاصة، وإن أتى من يقول إنك اختزلت هذه القضية الشائكة والمعقدة بسبب واحد، فأقول إن هذا من الأسباب، ولا يمكن أن نتجاوزه، فمن السخرية أن نرى من يكفّر الشيعة وفي حادثة القديح نجده يشجب ويستنكر ما حدث، وعندما يتجرأ أحد تلاميذه ليسأله عن التنديد يجيب: (اختلط على البعض التنديد بتفجير القديح وعقيدة القوم، فلا يلزم من استنكار الفعل صحة عقيدتهم، ولا يبرر ضلالهم الاعتداء عليهم، ولنحذر الملبسين). ختاماً وعطفاً على السؤال/ العنوان يجب أن نعترف أننا جزء من الجريمة، فسلامة النوايا وحدها لا تعني الحق، يقول الإمام الغزالي : (ليس شرطا أن تكون عميلا حتى تخدم عدوك، يكفي أن تكون غبيا..)، فلنكن شجعاناً بمواجهة أنفسنا و(لنحذر الملبسين)!