مال الاقتصادية - السعودية بات من المعتاد أن تتقدم شركات التأمين بطلب زيادة رأس المال إلى مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) بغرض خفض خسائرها ،ومع أن طلب زيادة رأس المال أمر مشروع إلا أن الغير مألوف أن تختص شركات قطاع واحد بطلب الزيادة ولسبب واحد هو الخسارة ! والمعلوم أن هذه الشركات عملت في الاقتصاد السعودي تحت ظل ظروف اقتصادية كلية مقبولة فلم تصطدم بمعدلات تضخم عالية ولم تواجه فترات ركود عميقة ورغم ايجابية المناخ العام إلا أن السمة اللافتة في هذا القطاع هي الخسائر المتراكمة أو انخفاض الربحية . وفي الواقع أن هذه الخسائر شكلتها ظروف معينة ،القضية الأساسية في القطاع ترتبط بطبيعة السوق ففي الوقت الذي يبلغ فيه عدد شركات التأمين العاملة في المملكة 35 لا يتجاوز ما ينفقه الفرد السعودي للخدمات التأمينية أو ما يسمى بكثافة التأمين 264 دولار وهي من أقل المعدلات عالميا حيث ينفق الفرد في اليابان والسويد وفنلندا وكندا على سبيل المثال أكثر من 9 أضعاف ما ينفقه الفرد السعودي. وقد ساهمت طبيعة السوق في قيام بعض الشركات بقبول أخطار رديئة و تقديم أسعار خدمات منخفضة رغبة منها في تقوية وضعها التنافسي بما لا يتفق مع الأسس الفنية المتبعة للتسعير و التي يحددها الاكتواريين! وهذه النقطة شديدة الحساسية. وبالرغم من الاستئناس العام للكثير من المراقبين بنمو حجم الأقساط في القطاع إلا أن الفحص النوعي للأقساط ذو أهمية معتبرة فمشكلة السوق أنه يعاني من التركز فما يقارب 20% من الشركات فقط تسيطر على أكثر من نصف الحصة السوقية للقطاع ،اضافة إلى ذلك هناك تركز آخر على مستوى النشاط التأميني فمعظم الأقساط السنوية آتية من التأمين الطبي وتأمين المركبات. ورغم وجود نمو في الأقساط لهذين الفرعين إلا أن هذا النمو يقابله زيادة في حجم التعويضات من جانب آخر ؛ نظرا لارتفاع معدلات تكرار حوادث السيارات من جهه وزيادة الطلب على الرعاية الصحية من جهة أخرى في الوقت لا يحظى فيه التأمين على الحياة وأنواع أخرى بأهمية نسبية .علاوة على طبيعة السوق، ثمة مشاكل أخرى رئيسة تتعلق بمستوى خبرة ادارة الشركات وما تملكه من كوادر فنية. إن استمرار الخسائر لهذه الشركات يقتضي المعالجة فالآثار المترتبة لهذه الخسائر ليست شأنها وحدها فهناك حملة أسهم وحملة وثائق فضلا عن تأثير خسائر هذه الشركات على سوق الأسهم السعودي نظرا لما تمثله من وزن نسبي كبير في المؤشر العام للسوق. ان مشكلة خسائر بعض شركات القطاع مع محدودية رأس مالها تحتم التفكير الجاد بضرورة الدخول في عمليات اندماج أو استحواذ تمكنها من استغلال الفرص الواعدة ومواجهة ما يمكن أن تتعرض له من تقلبات اقتصادية ، وسيكون لهذه الخطوة أهميتها الفعلية من حيث التمتع بمزايا وفورات الحجم ومنحها القدرة على تحسين معدلات الملاءة المالية و زيادة نسب الاحتفاظ عن الحد الأدنى وتراكم للاحتياطيات الفنية ،ومن المحتمل أيضا حدوث تغيرات ايجابية على العائد على السهم والعائد على حقوق المساهمين، إلا أن تحقيق هذه المزايا يعتمد على قوة الأنظمة والتشريعات التي تضمن انتقال الذمم المالية للحقوق والالتزامات بسلالة فضلا عن البيئة التي يهيئها المنظم والتي ستكفل بدورها سرعة الدمج لتقليل الأثر السلبي على تداول السهم خلال فترة الاندماج . إذا كان مفهوم داروين ينصّ على أن البقاء للأفضل The survival of the Fittestفإنه في صناعة التأمين البقاء للكيانات الكبيرة أما الشركات الصغيرة فإن ما يمكن أن تضيفيه أو تنافس به أو تتصدى له من أخطار يظل محدود وأحيانا غير ممكن. هناك العديد من التجارب الإقليمية والدولية لعمليات الاندماج والاستحواذ في قطاع التأمين ومن الجيد أن يتم الاستفادة من هذه التجارب و الممارسات السابقة بعد مقاربتها، فمجرد ادارك شركات التأمين بأن السوق السعودي سوق واعد ليس كافيا ، عليها أن تفكر بجدية أكبر في امكانية استغلال الفرص التي يمنحها هذا السوق أو أن تخلق فرص جديدة –إن أرادات – . اقتصادية سعودية [email protected]