إسماعيل ياشا أخبار تركيا الساحة الفلسطينية تعاني منذ سنوات من الانقسام الداخلي الذي ألقى بظلالها الثقيلة على جميع مناحي الحياة في الضفة والقطاع، وبالإضافة إلى هذا الانقسام وتبعاته، يعاني سكان غزة منذ أكثر من تسع سنوات من حصار خانق تفرضه عليهم إسرائيل من جهة ومصر من جهة أخرى. ووسط هذه المعاناة والمشاكل والدمار الذي خلفتها الحرب الأخيرة التي شنها الجيش الإسرائيلي الصيف الماضي على القطاع، تسعى إيران جاهدة لإيجاد موطئ قدم في غزة لتكرر تجربة "حزب الله" والحوثيين في فلسطين. الفتنة الطائفية آخر ما تحتاج إليه الساحة الفلسطينية، ولكن إيران التي استغلت حاجة بعض الفصائل للمال والسلاح أبشع استغلال، لا تهمها بطبيعة الحال مصلحة الفلسطينيين ولا مستقبل القضية الفلسطينية، وكل ما تريده إيجاد فصيل تابع لها سياسيا وعقائديا تدعمه بالمال والسلاح لتلعب به كورقة لإرباك الساحة وضرب التوازنات وفقا لأجندتها ومصالحها. حركة الجهاد الإسلامي كانت من الفصائل الفلسطينية التي تربطها علاقات حميمة مع طهران، وحدثني مصدر مطلع أن هذه العلاقات انتهت الآن بعد أن طلبت طهران من الحركة أن تقف إلى جانب النظام السوري و"حزب الله" والحشد الشعب والحوثيين، وأن تصدر بيانات تنتقد فيها السعودية وتركيا وقطر، وقالت لقادة الحركة باختصار: "إما تقفون إلى جانب "محور المقاومة" بالكامل فتحصلون على المساعدات وإما لا تقفون فلا تحصلون على شيء". وأضاف المصدر أن الحركة رفضت هذا الطلب وقالت "ليس عندنا عدو غير إسرائيل"، وأن الأمين العام للحركة رمضان شلح الذي قام بعدة زيارات لطهران غادر العاصمة الإيرانية غاضبا في زيارته الأخيرة. وفي حديثه حول خطر المال الإيراني على غزةوفلسطين، سرد ذلك المصدر المطلع أهم محطات العلاقات بين حركة الجهاد الإسلامي وإيران، وذكر أن طهران حاولت أكثر من مرة شق صفوف الحركة وتشكيل فصيل جديد إلا أنها فشلت في كل مرة، وأن المحاولة الأخيرة كانت عن طريق هشام سالم ولكن قيادة الجهاد الإسلامي تنبهت للمؤامرة قبل فوات الأوان وقامت بطرده من الحركة، مشيرا إلى وجود حوالي 300 أو 400 متشيع في قطاع عزة وإعلان تشكيل "حركة الصابرين" المدعومة مباشرة من إيران. المبعوث الخاص للرئيس الفلسطيني محمود عباس وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، قام بزيارة مثيرة لدمشق للقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد في أكتوبر / تشرين الأول 2013، وحسب ما ذكر لي المصدر المطلع أن اللقاء لم يكن ثنائيا بل كان ثلاثيا بحضور السفير الإيراني في دمشق، وعقد الثلاثة في ذلك اللقاء صفقة بموجبها قطعت إيران مساعداتها عن حركتي حماس والجهاد الإسلامي ووقفت السلطة الفلسطينية إلى جانب النظام السوري وسكتت على ما يجري في المخيمات من حصار وقصف وقتل وتجويع، والتزم الجميع بالاتفاق الذي يرى المصدر أنه تم بضوء أخضر من إسرائيل. طهران أوقفت مساعداتها عن حركة الجهاد الإسلامي، ورفضت جمعية إمداد الإمام الخميني هذه السنة منح المساعدات للحركة وأرسلتها إلى حركة الصابرين، وفقا لما ذكر المصدر، وبالتالي وقعت الجمعيات الخيرية التابعة للحركة في أزمة مالية خانقة، ولم تستطع منذ أشهر أن تدفع المساعدات إلى الأيتام وأسر الشهداء. هؤلاء الأيتام وأسر الشهداء الفقيرة قد تقع في شراك المال الإيراني القذر تحت ضغوط الحاجات الملحة وظروف المعيشة الصعبة وتقبل التشيع والانضمام إلى "حركة الصابرين" التابعة لطهران لتستفيد من المساعدات الإيرانية، وهنا مكمن الخطر. قادة الجهاد الإسلامي خرجوا من سوريا إلى مصر ولكنهم بعد الانقلاب اضطروا لمغادرة القاهرة وذهبوا إلى بيروت, ووجودهم ووجود اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يمنعهم من الحديث حول هذا الخطر، خوفا من بطش "حزب الله". هذه فرصة لقطع الفصائل الفلسطينية علاقاتها مع إيران، ومن الضروري أن تبادر المؤسسات التركية والعربية لمد يد العون إلى هؤلاء الأيتام والأسر الفقيرة، حتى لا تعاني فلسطين في المستقبل من فتنة طائفية كفتنة "حزب الله" أو فتنة الحوثيين. وقد تكون بعض الدول والمؤسسات غاضبة من بعض مواقف الجهاد الإسلامي السابقة إلا أن هذا الغضب يجب أن لا يحول بينها وبين تقديم المساعدات إلى هؤلاء الأيتام وأسر الشهداء، لأن المطلوب ليس دعم الحركة، بل المطلوب دعم الأيتام والأسر، ويمكن إيجاد طريق للوصول إليهم مباشرة دون الحاجة إلى أي فصيل سياسي.