الاقتصادية - السعودية كنت من المعجبين بالكفاءة التي أبرزها مركز الرياض الطبي أو ما يعرف لأمثالي بمستشفى الشميسي. هذا المستشفى قاوم كل التحديات وتمكن من إخراج عدد لا يستهان به من الأطباء المتخصصين في أكثر تخصصات الطب دقة وتعقيداً. لكن الواقع أنني لم أتعامل مع هذا المستشفى أبداً سوى عندما زرت أحد أقاربي الذي كان يعالج هناك وتوفي رحمه الله قبل سنين طويلة، ولا علاقة لذلك بتنويمه في المستشفى. ثم عندما تحول ابن أحد زملائي من إخصائي في طب الأطفال إلى مسؤول الشؤون الدينية في المستشفى، وتلك كانت صدمة لي بحكم واقع الحال وحاجتنا إلى الأطباء ووفرة المتخصصين في الشأن الشرعي. هذا ليس مجال مقالي مع أنه أمر خطير. تحول المتخصصين في مجالات دقيقة إلى العمل في وظائف ليس هناك نقص في المؤهلين لشغلها، أو ليس أطباؤنا متخصصين فيها، وهو أمر تتميز به وزارة الصحة التي ما إن يشتهر طبيب فيها إلا وأحالته إلى وظيفة إدارية فتخسر طبيبا وتخسر إداريا في الوقت نفسه. مقالي يتناول حالة غريبة من التسيب في قسم الأسنان في المستشفى، فحسب معلومات موثقة من أحد أطباء الأسنان العاملين في المستشفى، توجد 40 عيادة أسنان في المستشفى. أغلب الأطباء العاملين فيها يملكون عيادات خاصة تحظى بجل وقتهم. الدليل أنك لن تجد أكثر من ثلاث عيادات أسنان تعمل يوم الخميس. أستغرب كيف يمكن أن يحدث أمر كهذا تحت سمع ونظر مسؤولي المستشفى وهم كثر. إن انعدام الاهتمام بالمريض، دليل خطير على تردي القيم الطبية، وانتشار هذا المرض بين الأطباء يؤدي إلى سلوكيات مثل التي سأسردها عليكم ومصدرها أيضا يعمل في المستشفى. كان أحد المرضى يعاني آلاما شديدة بعد إصابته في حادث سيارة، علاوة على أن المريض من ذوي الاحتياجات الخاصة. طلب الطبيب المعالج من إحدى طبيبات القسم أن تتكرم بزيارة المبنى الذي يوجد فيه المريض، نظرا لصعوبة نقله، ولشكهم في انتفاخ موجود أسفل أسنانه، فرفضت الطبيبة الحضور. أمرت الطبيبة أن يحضر المريض إلى عيادتها لتكشف عليه، وجاء المريض ومعه ثلاث ممرضات بسبب حالته الصحية الصعبة حتى تأخذ الطبيبة راحتها، وهو ما أخشى أن ينتشر ليفقد المستشفى روحه الإنسانية.