خلود عبدالله الخميس العرب القطرية أغلب العظماء سجنوا ... هل لأن السجن للناجحين أوالمتميزين ؟! لا، بالطبع لا، بل لأنه جزء من النضال الطويل الأمد، مرحلة ضمن رحلة العمل المخلص في سبيل المبدأ والغايات الكبيرة النبيلة، محطة في مسيرة آلاف الأميال للنصر والعزة والتمكين. هذا عند مناضلي المسلمين، وكذلك من غيرهم، فالسجن لم يبق ويذر داعيا للحرية والعدالة والمساواة إلا وابتلعه حتى حين، ثم لفظه عاريا فيطفق عليه من ورق المحضن الأسري والاجتماعي، ليستتر جسده المشقق من هول ما عاصر في غياهبه. السجن ليس للرجال، السجن للمجرمين، ولكن سقوط العدل عكس المعادلة! دع عنك فزاعة الإخوان المسلمين ولنتحدث بعيداً عن موقفك من «الجماعة» فالقارئ إن حاول عزل شيطنة الإخوان إعلامياً وهو يتابع المقال هذا أو غيره، سيعطي عقله فرصة للتفكير بلا أيديولوجية وبمنطق وحرية، كفانا إيجاراً لعقولنا ومبادئنا وأسلوب قراراتنا وقوالب تشكيل أفكارنا. بداية: انقلاب السيسي لم يبدأ في تاريخ الانقلاب ذاته الثالث من يوليو، بل منذ أن قال أمام الرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي: أقسم بالله العظيم..».. إلى آخر القسم الدستوري لتعيينه وزيراً للدفاع، فكان يقسم وخيانة الأمانة نصب عينيه، وأموال الخليج عن يمينه، وبريق كرسي الرئاسة عن شماله، أتته الفتن أنى شاءت فأردته في دوامة نشوة انتصار لا يستحقه، وسرقه له آخرون ممن صنعه بالعرق والدم. ثانياً: من عزل مبارك هم العسكر، نعم الشارع كان ضاغطاً، ولكنه لم يعزله بل «تحالف العسكر والشارع». إن كان الوصف دقيقاً، هو الذي عزله، لأن المجلس العسكري كان هو الحاكم آنذاك بشكل خفي وتحت الطاولة. المؤسسة العسكرية المصرية لا تقبل أن يديرها ويكون فوق رأسها مدني، وهي رافضة توريث مبارك لابنه، وجاءت الثورة بأضلعها الثلاثة: شعب بلغ عنده السيل الزبى جوعا وفقرا وقهرا (وهو الذي ظلم) قيادات للثورة متخابرة مع أميركا وأذنابها لإشعال الفوضى الخلاقة في مصر بغرض تنفيذ خطتها القاضية بتبديل حلفائها في الشرق الأوسط والتي أشارت إليها كونداليزا رايس غير مرة (الذين أخذوا أجرهم على العمالة ثم هاجروا وانسحبوا من الصورة)، المؤسسة العسكرية ذات الحنق على التوريث والمصلحة في تغيير الحاكم (التي حكمت). فزيد سحق الشعب المسحوق أصلاً بين عملاء جعلوا الوهم مشاعاً للجميع في ساحة التحرير، ودبابات العسكر، ومطرقة القضاء. ثالثاً: اللوبي الحاكم للأنظمة العربية لا يريد لأي ثورة أن تنجح لأن نجاح الثورات معدٍ، وكما نعلم أن كراسي الأنظمة العربية تلتصق بمؤخرة الحاكم حتى يموت ثم يقتطعون ذاك الجزء من الكرسي ويدفنونه معه! اللوبي هذا. لن يرضى بأن يتسلل لبلاده طاعون الحريات العامة وحقوق الإنسان والمساواة بين البشر وإعطاء الفقير حق الغنى، كما هي تمنح للنخب الاقتصادية، وإشراكه بالقرار السياسي مثل الطبقة الحاكمة والتي تدير البلاد عبر الشورى والمجالس النيابية، العبودية والجاهلية يعاد تدويرهما ولا يفنيان. رابعاً: الخطأ التاريخي السياسي القاتل الذي وقعت فيه جماعة الإخوان المسلمين خوضهم للانتخابات الرئاسية. وإن كان عذرهم أنهم فعلوا لئلا تعود فلول مبارك عبر شفيق، فهو عذر ساذج لا يمتلك حنكة سياسية ولا بعد نظر، ولماذا بعد نظر؟ بل الأمور كانت جلية أمام الأعين ظاهرة لمن يعقل، ولكن تركيبة اتخاذ القرار في الجماعة بالتأكيد تعاني من خلل ما كانوا ليروه إلا عبر أشلاء رابعة والنهضة. وماذا نتج عن ذلك؟ الدولة إلى هاوية. فتسييس الأحكام القضائية بداية لنهاية، إنها نهاية منظومة الدولة، قد تبقى الأطلال ولكن ذات الدولة لا. تبدأ النهاية بانحدار مؤسساتها المدنية عبر سلطوية الإدارة وعقاب المخالفين بالتأديب الجزائي والنفي من الحاضنة الاجتماعية والحرمان من المواطنة وغيرهم من وسائل الكيد السياسي ضد الخصوم، وهذا ما حدث في مصر، فتزامناً مع عكوف الانقلابيين على فرض الحاكم العسكري، بعد أن غيروا بدلته إلى مدنية ولو خلعها سيخرج العسكري من قمقمه، شيطنوا الإخوان عالمياً، لإبادتهم محلياً. كم من بدلة وربطة عنق لم تمدن صاحبها بل كشفت حمقه وضآلته، ونرى من يرتدي لباس البشر ويستلذ بامتصاص الدماء المعصومة بتربص ذئب. الشعب المصري المغلوب على أمره يدفع ضرائب لترتفع رواتب أولئك الذين يدوسونهم بأحذيتهم السوداء المذنبة بإزهاق إنسايتهم قبل أرواحهم، ولا عاصفة حزم تخلصهم من احتلال داخلي أسوأ من أي غزو خارجي. وأخيراً: لمن يقول: «مرسي اتسجن يا رجالة» أرد: مصر كلها اتسجنت. فين الرجالة؟!  @kholoudalkhames