مكة أون لاين - السعودية حافظت أمريكا على زعامة أقوى دولة في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وما كان ليتم ذلك لولا اقتصادها المتين، فالاقتصاد الأمريكي عملاق بمعنى الكلمة فقد بلغ الناتج القومي للولايات المتحدةالأمريكية 17.5$ تريليون دولار للعام الماضي 2014. فلو جمعنا اقتصاد ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والبرازيل وروسيا والهند والسعودية فسوف يظل اقتصاد الولاياتالمتحدةالأمريكية أكبر وأقوى منهم مجتمعين. السؤال هو كيف استطاعت أمريكا بناء هذا الاقتصاد والتفوق على الجميع بهذا الفرق الشاسع؟ بالتأكيد هنالك عدة عوامل وأسباب أدت لهذا التفوق وليس سببا واحدا. بداية يلاحظ أي شخص زار أمريكا أو تعامل مع الأمريكان أنهم شعب طبيعي مثل باقي الشعوب وعامتهم بسيطون لا يتميزون بذكاء خارق عن باقي الشعوب بل إن معدل درجات طلاب المدارس في أمريكا لمادة الرياضيات كمثال يعتبر منخفضا مقارنة بالعديد من الدول المتقدمة، وإلمامهم بما يدور خارج ولاياتهم يكاد يكون صادما للعديد ممن تعامل معهم. ولكن السر لديهم هو تمكين المتفوقين لديهم في مجالاتهم من إدارة المناصب المهمة والحساسة في الدولة والمؤسسات الكبرى، فلا مجال للواسطات. فتقريباً 5% هم العقول النابغة التي تخطط وتضع النظام وعلى الباقين احترام النظام والقانون. احترام أمريكا للعقول المفكرة واستقطابها لهم ساهم بشكل كبير في تطوير التعليم والبحث العلمي والتفوق الهائل في مجال الاختراعات والابتكارات. لا ننس أيضاً دعم أمريكا لريادة الأعمال فذلك يعتبر جزءا مهما جدا في الثقافة الأمريكية، فتجد الاقتصاد لديهم يتجدد دوما بهذه المشاريع. رغم كل ذلك لم تنسَ أمريكا أو تتخل يوما عن تفوقها في مجال الزراعة فدعمت المزارعين ولا يمكن لأي مرشح لرئاسة أمريكا أن يتجاهلهم فصوتهم في الانتخابات يشكل ثقلا كبيرا وعامل حسم لكرسي الرئاسة. ذكاء السياسة الخارجية الأمريكية والتي تتسم بالوضوح في تحقيق المصالح المباشرة لاقتصادها، فلا يمكن أن تواجه أو تعادي دولا مثل الصين أو السعودية أو الهند، فرغم تعاقب الإدارات الأمريكية تظل سياساتها الخارجية واضحة ولا تتغير إلا في حدود معينة. انفتاح الاقتصاد الأمريكي على الخارج وتصدير ثقافتها الفنية والعلمية والغذائية والتقنية والطبية ساهم بشكل مباشر في عملقة اقتصادها حيث أصبحت معظم شعوب العالم تلبس الماركات الأمريكية وتأكل من المطاعم الأمريكية (في أقل الأحوال تأكل الخبز المصنوع من القمح الأمريكي) وتقود السيارة الأمريكية وتتواصل عبر الأجهزة والبرامج الأمريكية وتتعالج بالأدوية الأمريكية وتدافع عن نفسها بالأسلحة الأمريكية. بعض الشعوب حاربت الغزو الثقافي الأمريكي لما فيه من بعض الانحلال والانفتاح الأخلاقي ولكنها لم تدرك أن الغزو الاقتصادي الأمريكي هو أشد ضراوة فقد أصبح المستهلك اليوم لا يستغنى حتى عن المشروبات الأمريكية.