الاقتصادية - السعودية لا يتطلب الأمر أكثر من قليل من الفطنة لاستقراء فحوى القرارات الملكية الأخيرة، خصوصا القرارات المتعلقة بتسريع آليات اتخاذ القرارات وتقليص البيروقراطية وما تبعها من إجراءات. ويشمل ذلك القرارات الصادرة من مختلف الجهات الحكومية. بمعنى أنه، حسب القرارات لن يكون هناك مكان للمماطلة وتعطيل المصالح وضعف التنسيق. ولكن للأسف فإن زيارة سريعة إلى وسط جدة التاريخية وأسواقها القديمة التي لطالما كانت من الأماكن المحببة لكثير من أهالي وزائري جدة، كشفت النقاب عن حجم البيروقراطية وبطء اتخاذ القرارات بين مستويات الإدارة المختلفة. ورقة ال 20 ريالا، التي تعد إحدى أندر الفئات النقدية المتداولة أصبحت من مستلزمات زيارة وسط جدة، والسبب أن الأجهزة المخصصة لدفع أجرة المواقف، ولسبب ما، لم تعد تقبل إلا ورقة ال 20 ريالا أو العملات النقدية من فئة نصف الريال أو الريال، التي يصعب حملها إذ سيضطر الزائر إلى حمل 20 قطعة نقدية بحد أدنى، هذا إن توافرت في المقام الأول. كما أن بعض بائعي المحال التجارية أفادوا بأنه حتى مؤسسة النقد لا يتوافر لديها ورقة العشرين، مما يجعل زائر البلد في حيرة من أمره. وإن لم يكن هذا كله كافيا، ففي الوقت الذي يقوم فيه الزائر بزيارة المحال التجارية وبخاصة البقالات والكافتيريات بحثا عن ورقة العشرين السحرية، يكون الزائر قد حصل على مخالفة وقوف خاطئ من قبل الأمانة. وكأن المسألة أصبحت مؤامرة أو تعجيزية، إذ إن كل الطرق تؤدي إلى المخالفة. ولسنا اليوم في معرض مناقشة جدوى استخدام هذه الأجهزة من عدمها وهل هذه الأجهزة عملية بحد كاف لاستخدامها في مكان مزدحم مثل وسط البلد. وبالعودة إلى المشكلة، وعند سؤال موظفي الأمانة المنتشرين في الموقع، تبين أنه تم الرفع بالمشكلة لرؤسائهم المباشرين منذ مدة ليست بالقصيرة على حد قولهم دون أن تكون هناك أي استجابة تذكر من قبل الأمانة لحل المشكلة. معاناة تتجدد في كل مرة يأتي زائر لزيارة المكان، مما يحول الرحلة إلى وسط البلد إلى زيارة للبحث عن ورقة ال 20، قد تستغرق أكثر من نصف ساعة على حد قول بعض الزائرين. وليس الهدف هو إلقاء اللوم على جهة معينة، ولكن المرحلة المقبلة تقتضي أن يكون العمل الحكومي أسرع من أي وقت مضى لمواكبة التوجه الجديد بسرعة اتخاذ القرارات عن طريق آليات جديدة لتحسين وتسريع التنسيق، وإن كان هذا هو مستوى التنسيق داخل جهة واحدة فكيف يكون مستوى التنسيق لعدد من الجهات؟ وليس هذا بالسؤال الذي ينتظر جوابا، بل هو من الأسئلة التي يكون الجواب عنها بالعمل الحثيث للوصول إلى مستوى مقبول من التنسيق بين الجهات المختلفة مما يضمن تحقيق أهداف مستوى الأداء المرضي. البعض قد يعلق على أن المشكلة صغيرة لا تستدعي أن نفرد لها مقالا كاملا، إذ إن هناك العديد من القضايا التنموية الأكثر أهمية، التي ينبغي تسليط الضوء عليها وتناولها بالحلول العلمية. ولهؤلاء نقول إن الإهمال هو الإهمال والتقصير هو التقصير. فهذه الأشياء الصغيرة مجتمعة يمكن أن تعطل مشاريع تنموية ومصالح المواطنين.