الاقتصادية - السعودية * حافز السبت: تحت غطاء الخوف .. لا نرى نورَ الحياة. * * * * رأي الأسبوع: الشجاعة مقودٌ موصولٌ بمحرك حياتنا كي نقود بطريق صحيح بمشاعر صحيحة لهدفٍ صحيح. والخوف هو المحرك الذي بلا مقود، فلا يمكن التحكم فيه، فيكون أي طريق ليس طريقا بل متاهة لا نعلم أين ستأخذنا، وكل هدف نراه ليس هدفا بل أطلالا شبحية تقفز من وراء أفق القلق، ولا مشاعر إلا مشاعر الروع من المجهول والقادم بوشاحه الأسود. الشجاعة نحن من نصنعها لأنفسنا ثم نقودها، والخوف هو الذي يتحكم فينا ولا يمكننا قيادته، وإن قدناه فهي قيادة فادحة، فيهوي بنا إلى حياةٍ نكِدة تمتص الهواء من حولنا، فنكون في حالة قريبة من الاختناق، ولا نختنق.. كالعذاب الإغريقي. من مظاهر الخوف التلصص على المعلومات وتسقط الإشاعات وتصديق التهاويل لأن هذا الطريق الذي يأخذنا له الخوف، طريقٌ خالٍ من الرشاد، ومعطل الإرشاد. عندما أجد في المجالس بين الأصحاب، وفي الأهل بين الأحباب، وفي مواقع التواصل بالإنترنت يكون الخوف هو ما أرى، وأشم رائحته، وأتلمس حصانا أبيض يجر عربة الشجاعة فلا أجد، ما هي إلا عربات بائسة محملة بحصاد الخوف، تجر نفسها ثقيلة في ممرات ضيقة لزجة. نتسمع أخبارنا منا وبيننا، نخترعها فيصدقها قسمنا الآخر، ثم نصدقها نحن من اخترعناها، أو فسرناها، أو نفخنا فيها بهتانا. واللافت أن الناس يتبعون طرق المعلومات غير الموثقة والإشاعات والأخبار المرتجفة، وكأنهم قوم من الظامئين يتكببون حول مسقط ماء. الشجاعة هي عدم قبول أي معلومة لا تأتيك موثقة، ومتى توثقت تتعامل معها بشجاعة، والشجاعة هي أن تعيش أولا واقع المعلومة المؤكدة، ثم العمل بعقل يقظ وجنان ثابت لتغيرها وتديرها لمصلحتك بكل ما يمكنك. هنا سيصهل حصانٌ أبيض يجرّ عربة الشجاعة المطهَمة. * * * * اعتذارٌ وتنويه: كتبت هنا في الأسبوع الماضي أن زميلنا وصديقنا الدكتور مفلح الرشيدي عضو مجلس الشورى ووصفته بمواطنيته العالية وتفتحه الذهني الكبير "اقترح" أن تراقب بيوتُ المواطنين بكاميرات عن طريق شركات قطاع خاص، وعارضت ذلك بوجع مع باقي المعارضين. ولكن الدكتور الرشيدي اتصل بي وأفهمني آلية "مقترحه" وهي آلية بسيطة يستوعبها سامعها بسرعة، وعجبت وقلت له: "إن كان هذا مقترحك فكيف أسيءَ فهمُك ليس من الإعلام بل حتى من زملائك"؟ فقال: "ليس خطئي أنا كيف يفهمون"، وكلامه محق. يقول الرشيدي إن "المقترح" أن تقوم شركاتٌ خاصة - تسمى شركات الحراسة كما هو مفهوم وشائع- وتشرف على تركيب وصيانة الكاميرات التي "يرغب" المواطن ضمن تبادل سوقي عقدي حُر في أن "يحرس" بيته بتلك الكاميرات، وأن تكون متصلة بمقر بالشركة يبلغ صاحب المنزل أنه تمَ اقتحام بيته، فضلا عن تصوير الحادثة. ويقول الدكتور الرشيدي، إن سياراتٍ سُرقت، بل أطفالاً خطفوا من أمام بيوتهم أو حتى داخلها، ولو كانت الكاميرات موجودة ومصانة "أي تعمل وليست متعطلة" لعُرِف الآثمون، وتم القبض عليهم، وأعطاني أمثلة واقعية من مجرمين قُبض عليهم لأنهم عرفوا من فيلم التصوير بمكان الحادث، وحكى لي أن كاميرة باب بيته الخارجي تعطلت "لعدم وجود شركات ذات كفاءة للتركيب والصيانة بشكل منسَّق" ووقعت جريمةٌ مؤسفة لأحد جيرانه الذي جاءه فزعا يسأل إن كانت كاميرته قد صوّرت الحادث، إلا أن الدكتور الرشيدي رد بحزن بأن كاميرته متعطلة، وربما هذه المعاناة التي واجهها شخصيا هي التي أملت عليه فكرة ذلك الاقتراح. وهذه طبعاً مسألة محمودة ومطلوبة. وأعتذر للدكتور الرشيدي عن سوء فهمي وخطئي، وأطلب منه أن يقبل الاعتذار. * * * * والمهم: لولا الشجاعة لما قام طفلٌ ومشى خطوته الأولى، على الرغم من تهديد الوقوع.. ولما سُرنا مستقيمين على الأرض.