مكة أون لاين - السعودية صادف أن زرت في الأيام الماضية محافظة حضرموت ومنطقة القصيم في نفس الأسبوع، المنطقتان اشتهرتا منذ القدم بمظاهر كثيرة مشتركة ولكن زيارتهما عن قرب وضحت لي العديد من العوامل المشتركة وأسباب نجاح أهلها في ذلك. عدد سكان حضرموتوالقصيم متقارب تماماً وهو ما يفوق المليون نسمة بعدد بسيط، اشتهرت المنطقتان منذ القدم بالزراعة والرعي وهو ما يؤكد على أهمية الزراعة والرعي ودورهما المهم في نهضة أي منطقة والمتابع لاقتصاد الولاياتالمتحدةالأمريكية الزراعي يعي جيداً ما أرمي إليه. الزراعة لعبت دورا مهما بعد ذلك في المنطقتين لمساعدة أهلها لاحتراف التجارة فكان تصدير المنتجات الزراعية والسمن والإبل من أكبر مقومات رحلات العقيلات في القصيم والتي امتدت للكويت والعراق والأردن وسوريا والمدينة وحتى مصر. في المقابل هاجر الحضارم بتجارتهم لجميع أطراف الجزيرة العربية وإندونيسيا وماليزيا والعديد من دول أوروبا وكندا وأمريكا. أسباب نجاحهم كانت واضحة جداً في الصبر والعمل بجد وقابليتهم للتنقل والترحال للفرص حينما وجدت. وعلى النقيض نجد اليوم العديد من الشباب الذي يرفض ترك مدينته والانتقال لمدينة أخرى تتوفر فيها فرص أفضل (على الرغم أنها تقع داخل حدود البلد الواحد) ويتذمر بعد ذلك من البطالة وضيق الرزق. فليكن هذا مثالا حيا لنا أن الرزق يحتاج من يسعى له ويبحث عنه ويسافر من أجله. تميز أهل المنطقتين بالصدق والوفاء بالعهود والالتزام بالكلمة وهو ما جعل تجارتهم تزدهر وجعل الناس تثق بهم وترتاح للتعامل المادي معهم، لذلك فمن غير المستغرب أن نجد اليوم النجاحات التجارية الكبيرة للعوائل الحضرمية والقصيمية، فقد تشربوا التجارة منذ الصغر وكانوا بحق رواد أعمال من قبل أن يبدأ الغرب في موجة دعم ريادة الأعمال. السر العجيب في تواضعهم أيضاً يدل على أصالة رائعة وعلى أخلاقيات عالية يجب أن نقتدي جميعاً بها في زمن أصبح فيه التعالي سمة غير حميدة للعديد ممن امتلك من المال الشيء الكثير. القصمان والحضارم مدارس حقيقية في ريادة الأعمال يجب أن تدرس في المعاهد والجامعات وأن يستفيد المجتمع بشكل علمي ودقيق من تجاربهم. الفخر بهم والتعلم منهم في وجهة نظري أفضل من دراسة قصص النجاح الغربية والتي تختلف بشكل كبير جداً عن واقعنا وعن حقيقة الحياة لدينا. [email protected]