من الممتع أن نتذكر معطيات الزمن الجميل للإذاعة والتلفزيون السعودي. ونذكر بكل اعجاب من كان فيهما من المذيعين الاكفاء المجيدين المجددين ومنهم المذيع المبدع المتميز بالعمق المعرفي والأداء المعبر المؤثر، وأعني بذلك الإذاعي والإعلامي القدير الأستاذ ماجد الشبل شافاه الله فقد عاقته ظروفه الصحية عن ممارسة نشاطه الحيوي عبر الميكروفون وشاشة التلفزيون. وقد أعاد إلى ذهني ذكريات عطاء ونجاح الاستاذ ماجد الشبل اللقاء الصحفي الذي تم معه ونشر في صفحتي "حوار الأسبوع" في جريدة "عكاظ" بتاريخ 2 شعبان 1430ه والذي أجراه المحرر الاستاذ بدرالغانمي. وقد كانت أجابات الاستاذ الشبل عن حياته الدراسية والعملية تتسم بالواقعية ،وتعبر عن مدى الطموح والثقة بالنفس. وقد استهل المحرر الحوار بمقدمة لطيفة وردت فيها فقرة استرعت انتباهي وهي قوله : "الشبل ابن قبيلة العقيلات القصيمية الذي تتقاسمه دمشقوالرياض.. فهو مزيج من أب نجدي الاصل وام شامية..الخ" وملاحظتي على هذه المعلومة أنه لاتوجد قبيلة باسم "قبيلة العقيلات" ولكن مما كنت أسمع في مجال من عاصروا عهد "العقيلات" أنهم جماعة من أهل القصيم ذوي أصول قبلية متعددة ربطت بينهم صلة اجتماعية تعتمد على الاشتراك والتعاون لتحقيق المنافع والمصالح المشتركة من خلال القيام بالرحلات البرية إلى بعض الاقطار العربية للتجارة بالإبل والخيل والمواشي. ومما ورد في كتاب "رحلتي مع العقيلات" للاستاذ إبراهيم المسلم: أن اهل القصيم خليط من القبائل العربية من عنزة، وحرب، ومطير، وعتيبة، وبني تميم وهم أهل تجارة وتكونت منهم فئة اسموا انفسهم "عقيل" كتجار للماشية ورجال قوافل. كما ورد في كتاب الاستاذ المسلم المشار إليه قوله: "وقد عقدت أحلاف بين أهل القصيم وقبيلة عنزة وقبائل شمر وحرب ومطير أدت هذه الاحلاف الى نوع من الاستقرار يسرت سبل التجارة والقوافل.. وعندما توحدت المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله ازدهرت تجارة الخيول والإبل والماشية الى اسواق العراق والشام يقوم بها تجار من أهل القصيم عرفوا باسم - العقيلات - .. الخ". ومما يروي أن بعض الأفراد من العقيلات يطيب له المقام في البلاد العربية التي حط رحاله فيها مع العقيلات ، ويكتب الله له ان يتزوج من تلك البلاد عندما يتعرف على الاسرة الطيبة المحافظة على القيم الدينية والاجتماعية . ومما يشجع على ذلك ان الانظمة والاجراءات كانت مبسطة للسفر والإقامة بين البلدان العربية. ويبدو - كما أظن- أن والد الاستاذ ماجد الشبل كان أحد أفراد القوافل الذين اشتهروا باسم "العقيلات" وطاب له المقام في الشام وتزوج هناك ورزقه الله هذا الابن الاصيل الذي اجتهد في تحصيله العلمي وتكوينه الثقافي ثم اختار ان تكون ممارسة حياته العملية في منبت جذور اسرته "الشبل" ولمع نجمه في مجال الإعلام السعودي. ومما عزز انطباعتي وفكرتي العامة عن "العقيلات" أن خالي الشيخ صالح الجار الله رحمه الله كان احد الذين رحلوا من القصيم مع أحدى القوافل وتنقل بين مصر والشام وفلسطين والعراق، وكان يروي لنا بعض ذكرياته عن رحلات العقيلات وعن الاوضاع الاجتماعية في البلدان العربية التي تنقل فيها. وبعد حين شعر بالحنين الى موطنه في ربوع نجد ، وعاد وتزوج واستقر به المقام في مدينة العز والأمجاد "الرياض" يمارس اعمال التجارة ، وذاع صيته بين تجار الرياض، وكان يتعامل مع بعض تجار الخليج في استيراد انواع السلع الثمينة التي يؤمنها لمن يطلبها منه من اعيان البلاد وبعض رجال الدولة في عهد الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله.