مكة أون لاين - السعودية يبدو أن البيئة المهنية لم تتخلص بعد من ثقافة التلويح بعصا التهديد والوعيد، من خلف المسؤول، بعض المقربين من الدوائر التنفيذية يستعملون العصا في وجه كل من تراخى في التبجيل أو اعترض طريق زفة التطبيل، وعن حال معترض رؤى أو مصالح الفئة المعنية الوضع حتما مختلف، وأترك قياس مستوى الوعيد ووزن عبارات التهديد مغفلة بلا إشارة أو تلميح، رغبة في إتاحة الفرصة لكل من مر بالتجربة للنبش في الأرشيف واسترجاع شريط الذكريات. في العموم، لسان حال الواقع يقول إن المجتمع ممثلا في أهل التجربة يشكو من سوء تصرفات بعض العاملين المحيطين بالتنفيذيين -المديرين مثلا- ويُرجع -أي المجتمع- عديدا من النكسات المهنية أو الأزمات إلى سوء استعمال هذه الفئة لمواقعهم المطلة على الموقع الأكبر الذي يستمدون منه قوتهم من حيث يدري «المدير الكبير»، ومن حيث لا يدري كما يفترض وقد سرت الشكوى وذاع سرها. الملاحظ أن هناك أشخاصا تتضخم ذواتهم وينعزلون عن الواقع بين «حدود الموقت والدائم» عطفا على وجودهم ضمن فريق العمل المحيط بالمسؤول الأول، وبالذات في المواقع المتصلة بشؤون الناس، التي تفرض طبيعتها الاتصال المستمر. في المقابل يكون من المحتمل ظهور انتهازيين يستثمرون وجودهم في ذات الموقع للمصالح الشخصية ومد يد الانتفاع لتشمل بكرمها القريب والنسيب تحت غطاء الهدوء مع البعد عن التورم، كل هذا لا يلغي وجود البطانة الصالحة حتى وإن شحت. يبدو أيضا، أن المجتمع، غالبا ما يصنع عراقيله وكثيرا ما يشارك في صنع أزماته. بعض أفراد المجتمع يجعلون من الموظف المكلف بخدمتهم تحت أوامر وتعليمات رسمية تفرض عليه تأدية مهام عمله بإتقان ونزاهة، يجعلون منه صاحب فضل يجيرون له كل النجاحات، ويفرضون عليه شخصية غير شخصيته الأم، حيث يعترضون طريقه بالدعوات لحضور المناسبات العامة، ويقدمونه بعباءة الوجاهة تحت ألقاب ومسميات أقلها «الشيخ ابن الشيخ»، تمهيدا لجره إلى المناسبات الخاصة، وما إلى ذلك من الأساليب المذوبة للحدود الرسمية بين الموظف والجمهور، لينتهي به الأمر في قبضة يد فئة من المجتمع وقد رتبت نفسها للانتفاع منه كموظف، ولربما تم استعماله لإلحاق الضرر بآخرين، ولو بتأخير البت في مصالحهم أو التعامل مع مطالبهم بشكل يعقدها ولا ينهيها، وكل ذلك على حساب العدالة. الخلاصة أن المجتمع الذي يقود عمليات تهيئته الأرضية لبعض الموظفين لتجاوز واقعهم، وتصديق كذبة أنهم يملكون زمام الأمور وحرية التصرف وجعلهم يلوحون بأكثر من عصا، هو ذات المجتمع الذي ساهم في تشكيل اهتزاز أمانة بعضهم وجرهم إلى دوائر الفساد كما يبدو. رأيي في الختام، أن تعثر مشروع البطانة الصالحة نتيجة لتعطل وعي شريحة واسعة من المجتمع من ناحية، وخبث بعض أفراده المخلوط بالجشع من ناحية أخرى، ويبقى الرؤساء التنفيذيون.. في قفص الاتهام، وبكم يتجدد اللقاء.