مكة أون لاين - السعودية الدعشنة الناعمة تشبه الدعشنة العنيفة الإرهابية، وإن كانت الأخيرة تمارس عملياتها البشعة بطريقة غبية، فإن الثانية تمارس ذات البشاعة ليس بذكاء وإنما بطريقة أقل غباء من سابقتها، العنيفة تمارس الإبادة للبشر بطريقة النحر حتى يجف الدم ويذهب هدرا، أما الناعمة فهي تمتص الدم فقط وتترك الجسد ليذهب لجحيم أو لأي مكان يختاره، فتترك له «الحرية» ليختار طريقة الموت المناسبة! الدواعش الحقيقيون يجاهرون بجرمهم «بالذبح جئناكم»، أما النسخة الناعمة فهم لا يأتون ولا يدعون أنهم سيأتون، فهم مع مقولة «الرزق يحب الخفية»، ولهذا يكتفون بأن يذهبوا لرزقك أو أي رزق ليس لهم فيستولون عليه بصمت، فهم «حنينين مرررة»، ولا يحبون أن يروا منظر الدم، ولهذا ابتكروا طريقتهم «الحنونة» حيث يسلبون الضحية كل شيء ويتركون دمه حتى يجف بالعروق، وقد قلت في المقدمة إنهم يمتصون الدم، والآن أقول يتركونه حتى يجف بالعروق، والحقيقة أن ذلك يقتضي أن أكون منصفا لهم، فالكلمة التي تستخدمها مجازا في بداية مقالك تجدهم قد حولوها حقيقة قبل أن يرتد طرف «كيبوردك»، ومع ذلك فهم غامضون لا يمكن رؤيتهم بالضمائر المجردة، وكمثال على الدعشنة الناعمة هذا المانشيت الخشن الذي أفردته معظم صحفنا على صدرها الطري (استعادة ملياري متر لأملاك الدولة)، طيب كيف؟ ومتى؟ وكيف اكتشفوا؟، وعليكم إكمال علامات الاستفهام شرط أن تتحاشوا الوقوع في السؤال المحظور: من هم؟، هنا سيصنف السؤال بأنه ساذج وسطحي، لأن إجابته معروفة، فهم مواطنون استولوا على هذه الأراضي بطريقة وضع اليد (جواب مقنع بالتأكيد)، فلو قلت إن بعضها بصكوك مزورة لفتحت على نفسك سؤال لئيم يقول: لماذا لم يحاكم هؤلاء المزورون ويشهر بهم؟، لكن الخبر يصر على التفاصيل التي قيل إن الشيطان يكمن بها (أثمرت جهود أربع جهات حكومية تعقبت صكوك أراض في مناطق المملكة عن استعادة أراض بيضاء بلغت مساحتها نحو 2 مليار متر مربع خلال العام الماضي وإحالتها لأملاك الدولة).. المهم في الخبر أن الأراضي ما زالت «بيضاء»، والمواطن الذي «ابيضت عيناه» من الانتظار لا تهمه التفاصيل فهو اقتنع من قبل بأن بلده فيها صحاري شاسعة لكن لا يوجد فيها أراض، بقية الخبر (لجنة التعديات في جدة تمكنت أيضا منذ أسابيع عدة من إعادة مخطط أراض لأملاك الدولة بعد أن وضع عدد من لصوص الأراضي يدهم على مساحات تقدر ب300 ألف متر مربع شمال جدة)، ولهذا أرى أنه من مسؤوليتي الأخلاقية أن أقوم بإضافة (وقد تم تحويل اللصوص للقضاء لمحاكمتهم)، وهذه الإضافة ليست مجرد كذبة (بيضاء)، بل محاولة جادة كي أبدو جادا ومحترما أمام نفسي ووطني، وختاما أقول إذا كان الدواعش حولوا أجسادهم لطلقات طائشة قد تصيب الهدف وقد تقتله وحده، فإن الدواعش الناعمين حولوا أجسادهم لطلقات إن لم تقتل فهي بالضرورة تسمم الجميع، وتزيد صاحبها ثراء ووجاهة وسترا!