الوطن - السعودية كان الليل لثلاثة: لقوّامه من العبّاد، والعشاق المتعبين، وثالثهم اللصوص. كان كافيا لمن يحييه بالصلوات، ولمن يناجي حبيبه بالآهات. لكنه لم يعد كذلك للحرامية الذين لم تتكفل "أنصاص الليول" بإشباع جشعهم، لذا وصلوا الليل بوضح النهار سرقة ونهبا!. ما يميز لص النهار عن حرامي الليل، أن الأخير يستتر بسواد الليل حياء من الناس وخوفا من أن يُعرف، أما اللص النهاري فلا يخجل حتى من نفسه ولا يهاب أحدا! "لصوص الأراضي" أحد أمثلة "لصوص النهار"، فيوم أمس تحدثت مصادر ل"الوطن" عن نية وزارة العدل تسليم ملياري متر مربع تم استعادتها من لصوص الأراضي لوزارة الإسكان، هؤلاء لم يسطوا عليها تحت جنح الظلام، بل في رابعة النهار! الأراضي الملطوشة التي تم الاستحواذ عليها بالتحايل وتزوير الصكوك واستغلال النفوذ، ليست إلا نقطة من بحر ما لم يكتشف بعد، فهناك المزيد والمزيد من الأراضي المنهوبة التي لم يتم إعادتها بعد إلى أحضان أملاك الدولة! تلك المساحات التي تعادل قيمتها السوقية أضعاف موازنة البلد، كافية لإسكان ثلاثة أرباع المواطنين، ممن لديه سكن ومن ينتظر. مساحات شاسعة كفيلة بإيقاف تذمر وزارة الإسكان من شح الأراضي التي تحتاجها لبناء وحدات سكنية للمواطنين عليها فيما لو سلمت إليها فعلا. كل شيء أصبح مستباحا ولم يكد يسلم من السطو عليه إلا المقابر، فالجشع لم يعد له حدود لدرجة أنه لم تعد كمية التراب المنهوبة تملأ جوف اللص قناعة!. عندما يكتشف اللص أنه "مفلوت"، فمن الطبيعي أن يسابق زملاءه اللصوص على النهب كقطاع طرق، مدركين أن جرأتهم على السطو تنطلق من ضعف الطرف الآخر المنهوب. ولو جدوا من يحسبون له ألف حساب، ما فكر أحدهم في الاستيلاء على ذرة تراب ليست له، لأنه على يقين بأنه سيرى "نجوم الظهر" التي لم يكن أسلافه من اللصوص يروها إلا في الليل!.