مكة أون لاين - السعودية هل أبدو قلقا..!! كان هذا حديث «الواثق» المهندس علي النعيمي وزير النفط السعودي إزاء انهيار أسعار النفط خلال الأشهر القليلة الماضية بنسبة قاربت 43% حيث انخفض سعر خام برنت بنسبة 43% من 115 دولارا للبرميل في شهر يونيو إلى حوالي 56 دولارا حاليا. لكن ثقة الوزير الخبير لن تكون بالطبع هي الدخان الأبيض الذي ينتظره المنتجون المتشككون من موقف المملكة الرافض لخفض الإنتاج، فوزيرنا الفاضل يعي تماما أن قدرة المملكة على الصمود والتحمل تفوق بأضعاف قدرة المنافسين الراغبين في قضم جزء من حصة المملكة السوقية. هذه القدرة تشكلت جراء ارتفاع الأسعار خلال السنوات الست الماضية بشكل مستمر فتم بناء الاحتياطي العام للدولة والذي تجاوز حتى نهاية أغسطس الماضي 800 مليار ريال فضلا عن تعاظم الأصول الاحتياطية لدى مؤسسة النقد والبالغة زهاء 2.8 تريليون ريال. إذن فثقة وزيرنا القدير نابعة من قدرة بلاده على تحمل تبعات هذا الانخفاض الكبير جراء أرصدتها الهائلة لحين عودة التوازن لقوى أسواق النفط، وبإمكان المملكة بفضل تلك الاحتياطات المالية الاستمرار في نفس مستوى الإنفاق الحالي لثلاث سنوات قادمة لو أرادت ذلك إلا أن الأمر يعد مجازفة ولا شك..! أما رأيي الشخصي فيميل إلى أن السياسة المالية للدولة ستميل أخيرا إلى الاستماع لنصائح صندوق النقد الدولي التي أسداها منذ أشهر للحكومة بالبدء في ترشيد نفقاتها لحماية الاقتصاد من أي تراجع طويل الأمد في أسعار النفط فضلا عن جملة نصائح أخرى قد لا تتحقق قريبا، ومنها فرض ضرائب على العقارات وزيادة الرسوم على الخدمات الحكومية ورفع أسعار منتجات الطاقة. وأرى أن الميزانية العامة للدولة المتوقع إعلانها خلال الأيام المقبلة قد تشهد وللمرة الأولى منذ 10 أعوام انكماشا في النفقات تبعا للعوامل الاقتصادية لأسواق النفط الذي تشكل مبيعاته أكثر من 90% من واردات الموازنة، وسيمكن الحد من الصرف على المشاريع الجديدة مؤسسات الدولة من التركيز والحث على تنفيذ البرنامج الاستثماري الضخم في البنية التحتية الذي أطلقته الدولة قبل 5 أعوام، وبالتالي ستقوم هذه الاستثمارات الضخمة بدور المحفز لتحقيق النمو في القطاع غير النفطي وتؤدي إلى تحقيق مزيد من التنويع الاقتصادي مستقبلا. وحقيقة فإنه لا يجب التعويل كثيرا على الخبرات والمهارات الشخصية في تقييم مستقبل النفط وأسعاره في ظل التغيرات والتجاذبات الجيوسياسية غير المسبوقة التي يشهدها العالم ما لم تتوافر تلك الاحتياطات المالية التاريخية ومالم نفكر بعمق أكثر في مستقبل الأجيال القادمة!