مكة أون لاين - السعودية الكل يعلم ومقتنع تماما أن اعتماد اقتصادنا بشكل شبه تام على النفط هو أمر غير صحي وغير مستدام والحل في تنويع مصادر الدخل بالتركيز بشكل جدي على التجارة والصناعة. هذا لن يحدث إلا إذا ما استطعنا النجاح في جهتين، الأولى خلق بيئة تجارية وصناعية محفزة وجاذبة للمستثمرين، والثانية غرس ثقافة العمل الحر في الجيل الصاعد بحيث ينشأ جيل جديد متحرر من عبودية الوظيفة يكون قادرا على تكرار محاكاة ما فعله أمثال ستيف جوب وجاك دورسي وإيفان سيجيل. بالتأكيد لا نطالب كل شخص بترك وظيفته والتوجه للعمل الخاص فليس كل شخص قادرا على ذلك، ومن الموظفين من هو مبدع في وظيفته وترقى في سلمه الوظيفي وقاد أكبر الشركات وأكبر الوزارات، إنما نتكلم هنا عن الأشخاص القادرين على خلق أفكار وفرص جديدة وتحويلها لمشاريع ناجحة توظف الغير وتدعم اقتصاد البلد سواء بالتصدير أو المساهمة في تخفيف الاستيراد. فببساطة شديدة لو تعاملت مع شركة دعاية أجنبية مقرها دبي فإن قيمة العقد سوف تدفعها أنت وتحول للخارج، وبذلك تكون ساهمت بشكل سلبي في الميزان التجاري. وعلى العكس لو كنت أنت صاحب شركة الدعاية ومقرك في المملكة وتعاقد معك عميل من الخارج فإن قيمة العقد سوف تحول لك في السعودية وبذلك تكون ساهمت بشكل إيجابي في الميزان التجاري. محافظ الهيئة العامة للاستثمار تنبه لهذه النقطة وطالب في حفل فوربس الأخير بالرياض بأن يتم عقد ورشة عمل لدعم رواد الأعمال وتذليل العقبات أمامهم لتصدير منتجاتهم للخارج بحيث نجد أسماء المنتجات السعودية في الخارج. بالتأكيد يجب أن يتحول اقتصادنا من مجرد مستهلك للسيارات والمطاعم والملابس الأجنبية إلى مستهلك لمنتجاته المحلية ومن ثم بعد ذلك مصدر لمنتجاته في الأسواق الخارجية. لن يتم ذلك إلا بدعم ريادة الأعمال وعند الوعي بأهمية دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد، فهذه المؤسسات الصغيرة تسهم في اقتصاد بريطانيا بتوظيف ثلث القوى العاملة وتخلق سنويا حوالي 1,5 مليون وظيفة جديدة، وفي اليابان كذلك يمثل العاملون في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ما نسبته 41% من حجم القوى العاملة، أما في أمريكا فإنه وفي أحلك أزماتها الاقتصادية لم ينقذها إلا مبيعات شركاتها خارج أمريكا. أتمنى أن نفهم ذلك طوعا قبل أن يجبرنا سيف انهيار أسعار النفط.