د.صلاح بن فهد الشلهوب الاقتصادية - السعودية التقارير الأخيرة لحجم التمويل الإسلامي تشير إلى نمو كبير يحققه هذا القطاع حيث بلغ ما يقارب تريليوني دولار، وتضاعف حجم التمويل الإسلامي للضعف خلال أربع أو خمس سنوات، كما أن حجم التمويل الإسلامي تضاعف كثيرا خلال عشرة أعوام ما يشير إلى أن التمويل الإسلامي أصبح يكتسب ثقة أكبر مع الزمن، بل ويعد باستمرار النمو لهذا القطاع وأن يكتسب ثقة عالية أيضا على المستوى العالمي، وتراهن عليه بعض الدول العربية لاستقطاب السيولة ومعالجة مشكلات اقتصادية لديها مرتبطة بنقص في تدفق السيولة إلى أسواقها، حيث إن البرلمان المغربي على سبيل المثال أصدر قانونا أخيرا – كما أشارت لذلك وسائل الإعلام – يسمح بإصدار الصكوك الإسلامية وإنشاء المصارف الإسلامية، وهذا أمر أصبحت تعمل عليه كثير من دول العالم سواء الإسلامية أو العربية أو بعض الدول المتقدمة التي أصبحت تنظر إلى التمويل الإسلامي كنظام أوجد تنوعا في الأدوات الاستثمارية والتمويلية ويستقطب المزيد من رؤوس الأموال، إضافة إلى أنه قد يوجد في المستقبل بيئة تنافسية مع قطاع التمويل التقليدي، كما أنه يمكن أن يكون خيارا في حال وجود أي نوع من الأخطاء أو الفشل في منظومة التمويل التقليدي، وكما هو ملاحظ أن التمويل الإسلامي لا يشهد نموا فقط في الأصول بل يشهد تنوعا في الأدوات بحيث أصبح يقدم بدائل لكثير من العقود والمنتجات التقليدية التي أظهرت كفاءتها، حيث أصبح الإقبال عليها لا يقتصر على المستثمرين المسلمين أو الذين يلتزمون في استثماراتهم بما يتوافق مع الشريعة، بل أصبح الاهتمام بهذه الفرص يأتي من قبل كثير من الذين يبحثون عن الفرص من المستثمرين في العالم، ومن الملاحظ أن النمو الكبير الذي حصل للتمويل الإسلامي جاء بصورة واضحة بسبب الأدوات الجديدة للتمويل الإسلامي ومنها الصكوك الإسلامية والصناديق الاستثمارية المتوافقة مع الشريعة، إضافة إلى الرهن العقاري وقطاع التأمين التعاوني أو التكافل. مع هذه النشوة التي يعيشها التمويل الإسلامي بالرغم من التحديات الكثيرة والعقبات التي مر بها خلال الفترة الماضية إلا أن التمويل الإسلامي أصبح يسجل في كل عام نموا متواصلا اكتسب بعده المزيد من الفرص التي يمكن أن تعزز من مركزه وتزيد من حجم أصوله مستقبلا، والزيادة في انتشاره جغرافيا، إضافة إلى قدرته على الاستمرار في طرح مزيد من الأدوات المالية الجديدة، والابتكار في هذا المجال. لا شك أن هناك عوامل مساعدة مكنت التمويل الإسلامي من تحقيق هذا النمو منها الأزمة المالية العالمية التي ما زلنا نعيش آثارها، والارتفاع في أسعار النفط الذي زاد من التدفقات المالية على منطقة الخليج التي تعد أكبر داعم لاستثمارات التمويل الإسلامي ليس فقط في بلدانها بل حتى في دول كثيرة حول العالم. ومن هنا يأتي تحدٍ جديد للتمويل الإسلامي يتمثل في التقلبات في أسعار النفط والانخفاض الذي حصل في الفترة الماضية، إضافة إلى مؤشرات تحسن الاقتصاد الأمريكي، والانتهاء من برنامج التحفيز الكمي الأمريكي، والارتفاع الحاصل في الدولار ومن ثم احتمالات رفع سعر الفائدة الأمريكية، الذي من المؤكد أنه سوف يؤثر في أسعار الفائدة في دول الخليج، الذي سيترتب عليه بداية لانتهاء التمويل الرخيص، الذي جعل الإقبال على المصارف الإسلامية وغيرها كبيرا جدا مقارنة بالفترة الماضية. هذه المتغيرات قد يكون لبعضها آثار إيجابية وأخرى سلبية ومن هنا تأتي أهمية ديناميكية العمل في المؤسسات المالية الإسلامية والمرونة في التحول إلى فرص أفضل، وعدم الاعتماد على ظروف واحدة لأنشطتها الاستثمارية والتمويلية، وما زالت الفرص متاحة للتمويل الإسلامي في تحقيق نمو جيد مستقبلا، إذ لديها فرص للتوسع أكثر في منتجاتها، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الإقبال على الصكوك الإسلامية ما زال قائما وكبيرا وقد يكون من ارتفاع سعر الفائدة المحتمل في أمريكا ودول الخليج سببا في تحقيق عوائد أفضل لها، كما أن مثل هذه الظروف تنخفض فيها عادة أسعار السلع والمعادن وترتفع فيها تكلفة الديون ومن هنا سنجد أن الفرصة قائمة لاستمرار الإقبال على التمويل ولكن قد يكون بأحجام أقل وعوائد أفضل، كما أن من الفرص لدى المصارف الإسلامية التي لم تنشط خلالها بصورة جيدة مسألة تطوير منتجات الخزينة بالمصارف التي ما زال حجمها صغيرا جدا مقارنة بالقطاعات الأخرى وبما ينبغي أن تكون عليه بحسب نشاط المصارف التقليدية، إضافة إلى أن قطاع التكافل ما زال حاليا يقدم حلولا محدودة جدا مقارنة بما ينبغي أن يكون عليه. فالخلاصة أن المصارف الإسلامية ما زالت تنمو بصورة كبيرة عاما بعد عام، ومع وجود متغيرات جديدة في الاقتصاد العالمي ينبغي أن تكون أكثر مرونة للاستفادة من هذه المتغيرات، والحد من آثارها السلبية عليها، إذ ما زالت لديها فرص لتحقيق نمو أكبر من خلال العمل على تطوير منتجات في قطاعات مثل الخزينة في المصارف، إضافة إلى التوسع في أدوات ما زال السوق لديه فرصة ليستوعب الكثير منها مثل الصكوك، إضافة إلى تطوير منتجات جديدة في قطاع التكافل.