الشرق الأوسط اللندنية خرج الرئيس الأميركي باراك أوباما معلنا استراتيجيته العسكرية ضد «داعش» في العراقوسوريا، وقبل الإعلان عن تلك الاستراتيجية بساعات أعلنت واشنطن عن اتصال هاتفي أجراه أوباما مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لمناقشة تلك الاستراتيجية. وعلى أثر إعلان الرئيس أوباما عن استراتيجيته ضد «داعش» انطلق النقاش الإعلامي الأميركي، وتحديدا على محطة «سي إن إن»، وبحضور أعضاء سابقين وحاليين من الكونغرس الأميركي، وجل تركيزهم كان على الدور السعودي في الاستراتيجية التي أعلنها أوباما لمحاربة «داعش» بالعراقوسوريا، وقولهم إن الموقف السعودي، وخصوصا الاجتماع الدولي المهم الذي عقد في جدة أمس بحضور الأميركيين ودول المنطقة الإقليمية مثل مصر وتركيا، له دلالات مهمة وكبيرة وهي أن السعودية قررت التحرك ضد «داعش» علنا، والحقيقة هي عكس ذلك تماما! ما حدث فعليا، وهذا ما سيذكره التاريخ، هو أن المجتمع الدولي، وعلى رأسه أميركا، والقوى الإقليمية، هم من عادوا إلى السعودية، أدركوا، وكما قلنا في مقال الأسبوع الماضي، أن «السعودية خيار استراتيجي» وأنه لا يمكن أن تخاض حرب ضد الإرهاب دون السعودية، ولا يمكن أن يعمد إلى الاستقرار بالمنطقة دون السعودية التي تعهدت دائما أمن المنطقة واستقرارها، وخصوصا بعد موجة الجنون العربي، حيث تحولت السعودية إلى رافعة أمن واستقرار للدولة المصرية، واليمنية، وحصن حماية للشعب السوري من جرائم الأسد، كما وقفت السعودية ضد «دحرجة» البحرين للمجهول، ورفضت عبث نوري المالكي بالعراق، وعلى الرغم من الضغط الأميركي منذ عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، وحتى عهد أوباما. وعليه فقد عادت الإدارة الأميركية الحالية اليوم للسعودية، وليس بشار الأسد، أو إيران، أو تركيا.. عادت أميركا إلى قيادة عبد الله بن عبد العزيز الذي وصفه شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ب«قائد حكيم مخضرم متيقظ للمؤامرات». كيف لا والملك عبد الله بن عبد العزيز هو من وقف لشر الإرهاب في السعودية، ومنذ تقلد سدة الحكم فيها، وهو من حذر المجتمع الدولي من خطر الجماعات الإرهابية، وطالب بمركز دولي لمكافحة الإرهاب، وقال إن المعركة مع الإرهاب طويلة، وحذر من خطر «داعش»، وقبل أي أحد، وهو، أي العاهل السعودي، من جيّش الرأي العام، والقيادات الدينية، ضد «داعش»، وهو من حذر الغرب من خطر الإرهاب، وأسبابه، ومنه إرهاب الأسد، وها هو العالم يتحرك اليوم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وليس في العراق وحسب، بل وفي سوريا، التي أقر أوباما مؤخرا في خطابه عن استراتيجية محاربة «داعش» بضرورة دعم المعتدلين بالمعارضة السورية! وعليه فإن الموقف السعودي اليوم ليس ثوريا، ولا هو بالمستغرب، بل الحقيقة هي أن العالم قد عاد للسعودية خيمة الاستقرار والوعي في المنطقة، وكما كان متوقعا، لأنه لا يصح إلا الصحيح. [email protected]