الآن، وبعد أن قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشرح قضيته للقيام بحرب ضد "الدولة الإسلامية" للشعب الأمريكي، فإن المهمة الأصعب تقع على عاتق وزير الخارجية جون كيري، وهي إقناع الدول العربية بالانضمام إلى تحالف واسع ضد الجماعة الإرهابية التي تسيطر على أجزاء كبيرة من سورياوالعراق. وربما ما سيكون أكثر صعوبة من ذلك، هو أن على كيري إقناع القادة العرب بالاقتداء بالرئيس الأمريكي والتواصل مع شعوبهم، وشرح لماذا يجب الانتصار على داعش لهذه الشعوب. القادة العرب، ولأنهم في الأغلب من المستبدين، نادرًا ما يعتقدون بأنه من الضروري شرح أنفسهم لشعوبهم، ولكن المعركة ضد داعش لا يمكن الفوز بها بدون الحصول على دعم واسع بين صفوف الناس العاديين. وإذا حكمنا من خلال خطابه، سنجد أن أوباما يبحث عن تشكيل تحالف عسكري ضد داعش. وقد أرسل كيري إلى السعودية لإجراء محادثات مكثفة مع المسؤولين حول استراتيجية هزيمة التنظيم. وبالإضافة إلى السعوديين، سوف يلتقي كيري بمسؤولين من تركيا والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت وعمان والبحرين والأردنولبنانوالعراق، ومصر. ورسالة كيري في جميع لقاءاته سوف تكون: هذه المعركة هي معركتكم. لقد قام أوباما وكيري بالفعل بجمع "ائتلاف أساسي" للقيام بهذه الحرب من دول الناتو. ولكنهم يعرفون بأن أي جهد عسكري دولي سوف يفتقر للمصداقية إذا لم يشمل قسمًا كبيرًا من الدول العربية. ومثل الولاياتالمتحدة، معظم هذه الدول لا تريد الالتزام بوضع قواتها على الأرض، ولكن هناك الكثير من الطرق الأخرى التي يمكن لها أن تساعد من خلالها. كلٌ من هذه الدول لديها قوات جوية يمكن نشرها فوق العراقوسوريا برفقة الطائرات الأمريكية والأوروبية، ولديها العديد من وكالات الاستخبارات القوية التي يمكن أن تساعد أيضًا في جمع المعلومات من المناطق الخاضعة لسيطرة داعش، وربما ما هو أكثر أهمية، هو أن هذه الدول تستطيع وقف تدفق المتطوعين والمال إلى صفوف الإرهابيين. تستطيع البلدان المطلة على منطقة الحرب توفير المساعدة اللوجستية. كما يمكن أن تساعد الممالك الغنية بالنفط في تغطية تكاليف الحملة العسكرية. ولا ينبغي أن يكون إقناع الشعوب العربية بأهمية محاربة داعش أمرًا صعبًا. داعش قتلت عشرات الآلاف من العرب، وتمثل خطرًا أكبر بكثير على الدول العربية مما تشكله على الولاياتالمتحدة. التنظيم توغل بالفعل في لبنان، ويهدد الأردن. وقد حذر العاهل السعودي، الملك عبد الله، من أن داعش سوف تجلب الإرهاب إلى أوروبا والولاياتالمتحدة، لكنه يدرك تمامًا بأن الإرهابيين أقرب إلى بلده منهم إلى الغرب. السعودية لديها حدود طويلة مع العراق، وكثير من مقاتليها هم من المواطنين السعوديين. ومثل القاعدة، تعتبر داعش العائلة المالكة السعودية كعدو للإسلام. وبحسب ما ورد، يهدد إرهابيوها حتى بتدمير الكعبة المشرفة. وقد وافق السعوديون بالفعل على توفير قاعدة عسكرية لتدريب مقاتلي المعارضة السورية الذين لا يتفقون مع داعش أو تنظيم القاعدة. ولكن على الرياض أن تفعل أكثر من ذلك بكثير. يجب أن يكون نموذج التحالف ضد داعش مماثلًا للجهود الدولية في عام 1991، والتي أدت لطرد قوات صدام حسين من الكويت. وجود العديد من الدول العربية في ذلك التحالف، وليس فقط الحيوية استراتيجيًا أو عسكريًا، منع صدام من تصوير الصراع على أنه صراع بين الإسلام والغرب. ولا شك بأن كيري سوف يتذكر ذلك التحالف في محادثاته مع المسؤولين العرب في الرياض. ولكن، ورغم فعالية الحملة العسكرية في عام 1991، لم تشعر الشعوب العربية في حينها بأنها معنية بالنصر الذي تحقق. قادتهم لم يسعوا للحصول على موافقتهم، وفشلوا في شرح لماذا كان من الضروري الانضمام إلى جيوش غير عربية لإخراج صدام من الكويت لهذه الشعوب. هذا ما يفسر لماذا بقيت شعبية صدام بين العرب لفترة طويلة بعد هزيمته في الكويت. وهو ما سمح أيضًا لأسامة بن لادن بتصوير حملة عام 1991، على أنها تحالف غير مقدس بين النخب العربية (لا سيما الأسرة المالكة في السعودية) والغربيين "الصليبيين". هذا لا يجب أن يحدث مرة أخرى. وأوباما يجب أن يكون حكيمًا في تجنب التجاوزات السياسية لأسلافه. أوباما وكيري يمكنهم اتخاذ خطوات صغيرة في جعل القادة العرب أكثر خضوعًا للمساءلة. لا بد من رفع شأن الحجة الأخلاقية من أجل تحقيق النصر في الحرب على داعش، ويجب أن يبدأ هذا بتحدث القادة العرب إلى شعوبهم. المصدر: التقرير+كوارتز