مال - السعودية بينما أقرأ في سيرة "مدير القرن" الأسطورة "جاك ويلش" وهو المدير التنفيذي السابق لشركة General Electric (GE) عملاقة الشركات في تكتلات الأعمال المنوعة في الطاقة والطيران والغاز والنفط وغيرها ، وعند التأمل في طريقة تفكيره وشخصيته وروح القيادة فيه وكلماته واستراتيجياته الفريدة ، أخذني الخيال بعيدا وتصورت أنه قام بجولة عندنا لإبداء استشارات اقتصادية تخصنا وأيضا تقديم رسالة مفيدة لمدراء الشركات المساهمة والأهلية وسأتوقع بناء عل ذلك أن سيقدم التوصيات التالية: التوصية الأولى / بما أنه بدأ حياته العملية في GE ك "مهندس كيميائي" مبتديء في عام 1960 حيث وجد في هذه الشركة مجالا للإبداع الصناعي ودعما للإقتصاد وتسريعا لعجلة التوظيف في الاقتصاد الأمريكي نظرا لنمو الأرباح بشكل قوي وتوسع النشاطات في الأعمال الرئيسية والفرعية ، حيث أن الهندسة الكيميائية تمثل قاعدة صلبة لبناء التقنيات المتجددة وتحويل مواد الخام والإستفادة من التقنيات الدقيقة ك "النانو" ، فإنه بالتأكيد سيوصي بالتركيز على هذا التخصص الثري بشكل خاص وعلى كليات الهندسة بشكل عام مع خلق مراكز أبحاث وطنية صناعية تتعامل بشكل مباشر مع الشركات الكبرى كسابك وأرامكو والشركات البتروكيماوية مع وجود آلية (غير بيروقراطية) لدعم وتطبيق براءات الإختراع الصناعية والعمل مع صناع الإستراتيجية الصناعية في المملكة للعمل على تطويرها . التوصية الثانية / بما أنه تبنى استراتيجية Six Sigma في GE عام 1995 ، والتي قامت بدورها برفع العوائد لشركة GE من 26.8 بليون دولار (1980) إلى 130 بليون دولار (2000) أي نمو بنسبة 385% ، فإنه بالتأكيد سيوصي بوجود شركة مقاولات خاصة مملوكة للحكومة حيث تقوم ببناء الوحدات السكنية للمواطنين بأقل التكاليف وبوجود مواد ذات تقنيات جديدة ورخيصة ، هذا بالإضافة إلى هدر لا يتعدى 3400 ريال لكل 100000 ريال من المواد والتركيب وبالتالي ستقل التكلفة النهائية لبناء المساكن وستسمح بتوفير الوحدات المناسبة للمواطن . وإذا كانت هذه التوصية للشركات الخاصة فمن الأولى أن يطبق هذا المفهوم على المشاريع الحكومية أيضا لتحقيق أعلى درجة ممكنة من الدقة وسرعة الإنجار مما يمكّن من تسريع حركة الأعمال في الاقتصاد . التوصية الثالثة / بما أنه صاحب فلسفة تصنيف أداء الموظفين إلى : 20% (إنجاز ممتاز) + 70% (إنجاز متوسط) + 10% (إنجاز سيء) ، والتركيز على إلهام وتطوير شريحة 70% ، فإنه بالتأكيد سيوصي بتطبيق مفاهيم إدارة الموارد البشرية على وزارة العمل عن طريق إنشاء قاعدة بيانات لسوق العمل بالمملكة لتشمل بيانات العاملين في القطاع الخاص سواء السعوديين أو غير السعوديين من حيث الكفاءات والمهارات والدورات والتطور الوظيفي والمستقبل الوظيفي ، كل ذلك سيضمن توظيف الكفاءات في الاقتصاد بطريقة صحيحة وسيتم المواءمة بين الشواغر الوظيفية والكفاءات في سوق العمل . وبالتأكيد سينعكس ذلك على تبادل الخبرات بين القطاع الحكومي والخاص ، وسيصبح التوظيف مبنيا على الكفاءة وليس الواسطة التي في النهاية ستكدس الكوادر الجيدة في اقتصادنا النفطي . التوصية الرابعة / بما أنه ينظر إلى أن تحقيق القيمة المضافة لحملة الأسهم على أنه نتيجة (وليس استراتيجية) لمعطيات مختلفة من الموظفين الأكفاء والعملاء الراضين بالمنتجات والخدمات ، فإنه بالتأكيد سينظر إلى تطوير نظام حوكمة الشركات المساهمة والأهلية من الإطار التنظيمي والقانوني وعدم تضارب المصالح إلى وجود آلية للحوكمة التشغيلية بحيث تتأكد الجهات المنظمة من أن تلك الشركات تسعى إلى وجود نظام متطور للتعامل مع الموظفين من ناحية التطوير والترقيات والخطة الوظيفية المدروسة وأيضا وجود نسبة عالية من الرضا لدى عملاء عن تلك الشركات هذا بالإضافة إلى وجود منتجات تحقق الدخل المطلوب لإستمرارية هذه الشركات وبالتالي ملاحظتها قبل أن تبدأ في رحلة الإفلاس وبالتالي الإضرار بحقوق المساهمين وتحقيق خسارة كبيرة عل رأس المال. وفي الختام أقول لدينا الموارد المالية المتوفرة بحمد الله ، ولكن ينقصنا الإستبصار بالإستشارات الإستراتيجية ووجهات النظر المختلفة التي تصدر من الخبرات الدولية سواء في الإقتصاد أو الاستراتيجيات أو الادارة أو حتى التعامل مع أسواق المال من أمثلة "جاك ويلش" وغيره من الضليعين في هذه المجالات ، والذين قاموا بإدارة إمبراطوريات بحجم اقتصادات بعض الدول ، ولكن أين تطبيق مثل أفكار جاك ويلش (مدير القرن) في اقتصادنا الوطني ؟ @wael_mirza